لماذا توقفت الولايات المتحدة عن دعواتها للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار
الأسد؟
يجيب الكاتب روبرت فيسك في مقاله، الذي نشرته صحيفة "إندبندنت"، قائلا إن واشنطن ليس لديها خطط في
سوريا ولبنان، مستدركا بأن جيش النظام السوري سيكون له دور في أي "سوريا جديدة".
ويقول فيسك: "لقد تعبت من القراءة عن (تحالف القوى في سوريا المدعومة من الولايات المتحدة)، والتحالف في معظمه كردي، ولهذا أفترض أن الولايات المتحدة تحدثت عنه في شمال سوريا، عندما زار قائد القيادة المركزية الجنرال جوزيف فوتيل الجيب الكردي الصغير".
ويضيف الكاتب: "لم يكن الجنرال قادرا على الدخول إلا على شريط حدودي صغير جدا قرب الحدود مع تركيا، الذي تسيطر عليه جماعات كردية وتركمانية، ومن هنا، فإن زيارة الجنرال الأمريكي إلى شمال سوريا لا تدعو للإثارة كما تبدو".
ويجد فيسك أن "السبب هو دور الولايات المتحدة في الحرب الأهلية السورية، فمن المثير رؤية قائد أمريكي يجتاز الحدود، والتهليل لمشاركين في الحرب الأهلية، وهو ما فعلته القوات العسكرية الأمريكية دائما في العراق، حيث تشجع المليشيات الشيعية خارج مدينة الفلوجة، بل إنها قدمت في الأسابيع الماضية الدعم الجوي لقوات الحكومة".
ويرى الكاتب أن العراق في الوقت الحالي ينطبق عليه تعريف الحرب الأهلية، أما في سوريا "فقد بدأت الولايات المتحدة بدعم القوى التي كانت تعمل للإطاحة بنظام بشار الأسد، ودعمت القوى ذاتها "بشكل غامض"، وهي تقاتل
تنظيم الدولة في عين العرب/ كوباني.
ويتساءل فيسك: "كيف حولت الولايات المتحدة موقفها؟ هل الأكراد الذين من المفترض أنهم سيزحفون إلى الرقة لمواجهة القوات السورية وحلفائها من
حزب الله اللبناني، بعدما يهرب التنظيم عبر الحدود السورية إلى العراق؟ وهل نظر أحد إلى الخريطة في شمال سوريا؟ وهل يعتقد الأكراد أن تركيا ستسمح لدويلتهم بالنجاة؟ "
ويورد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه "بحسب الجنرال فوتيل فإنه (علينا القبول بما هو موجود) وأنا أتفق معه، وهذا يعني أن لازمة أن (على الأسد الرحيل)، يجب أن تتغير، حيث لم نسمع الكثير من الأمريكيين يتحدث عنها في الفترة الأخيرة".
ويشير الكاتب إلى أن "الجيش الروسي لا يزال في سوريا، رغم أنه خفض من وجوده، لكننا شاهدنا الكثير من جنوده بعد استعادة تدمر، وتريد قوات الأسد استعادة دير الزور، حيث تقاتل الآن هناك تحت الحصار".
ويقول فيسك: "أشك في أن جملة أن (على الأسد الرحيل) سيتم التخلي عنها بهدوء، والشكر لتنظيم الدولة، الذي يكره الأمريكيين أكثر من كرهه لحكومة النظام السوري في دمشق".
ويضيف الكاتب قائلا، إن "تنظيم الدولة سيظل موجودا على الحدود اللبنانية، ولا يزال يحتفظ بتسعة جنود في جيب على الحدود اللبنانية، بعدما قبض عليهم قبل عامين".
وتلفت الصحيفة إلى أن والد الجندي اللبناني محمد حامية، الذي أعدمته جبهة
النصرة، قام هذا الأسبوع بمهاجمة بيت ابن عمل قاتل ابنه "الشيخ مصطفي الحجيري"، وأطلق النار 35 مرة على الشاب البالغ من العمر 20 عاما، ثم جر جثته، ووضعها على قبر ابنه.
ويعلق فيسك قائلا: "كان أسبوعا سيئا في لبنان، حيث قامت الحكومة اللبنانية بتنظيم استعراض عسكري للاحتفال بيوم التحرير، عندما نجح مقاتلو حزب الله بدفع إسرائيل لمغادرة الحدود عام 2000، بعد 22 عاما من احتلال الجنوب، ومرت المصفحات والدبابات في شوارع بيروت، وسط تأكيدات للشعب و(مخاوف خاصة) حول اندلاع عنف طائفي بين الجنرالات".
وينوه الكاتب إلى أن "الكثير من رجال المقاومة، الذين طردوا إسرائيل، يقاتلون ويموتون من أجل الأسد في دمشق، حيث أثرت الحرب السورية في لبنان مرة أخرى، وهناك مخاوف من اندلاع حرب سنية شيعية في سهل البقاع".
ويرى فيسك أن "الحرب السورية قسمت لبنان؛ لأن الكثير من رجال حزب الله ماتوا في سوريا، فهم (شهداء) للمليشيا والشيعة، إلا أنهم مصدر للغضب بالنسبة للسنة في لبنان، حيث إن الإسلاميين حتى في عرسال، بمن فيهم رجال جبهة النصرة، هم من السنة".
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم هذه المخاوف كلها، فإنه ليس هناك خطط في سوريا ولبنان للمستقبل، ولا خطط للإعمار في مرحلة ما بعد الحرب، ولا خطط مستقبلية حول السياسة من الأسد".
ويكشف فيسك عن أن "جيش النظام السوري سيؤدي دورا في سوريا الجديدة، وربما اكتشف الروس هذا وتدخلوا بشكل درامي، لكن أعداد الضحايا السوريين مرتفعة، وقتل نصف قوات الحكومة الذين قابلتهم منذ عام 2011، وربما كان هذا السبب الذي دعا روسيا إلى جلب قواتها إلى طرطوس واللاذقية".
ويعتقد الكاتب أنه "لو (هُزم) تنظيم الدولة، مع أن استعادة الرقة والفلوجة لن تحقق ذلك، فإنه يجب أن تكون هناك مشاريع للسوريين، الذين قاتلوا مع الجانبين. ومع أن السوريين خبراء في لجان (المصالحة)، إلا أن هذا يقتضي شيئا أعظم من هذا".
ويخلص فيسك إلى القول: " ماذا بقي لدينا؟ تركيا تهدد تنظيم الدولة، والنصرة وتنظيم الدولة لا يزالان تهديدا في عموم الشرق الأوسط، وحزب الله يدعم النظام، وتخلى الأمريكيون عن القصف، وتركوه للروس، أما بوتين فليس خائفا من القول إن النظام في دمشق رهان أفضل من تنظيم الدولة، وسنرى ماذا سيحدث، أو على رأي الجنرال الأمريكي (علينا القبول بما هو موجود)، وهذا ما يلخص الحال".