بدأت أنباء مشاركة
إيران ممثلة بحرسها الثوري وحلفائها من
المليشيات العراقية في الهجوم على مدينة
الفلوجة، تأخذ حيزا كبيرا في وسائل الإعلام المختلفة، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي، في حين تتحدث أنباء عن أن أمريكا وحدها تمسك بالملف الأمني لمحافظة الأنبار وهي التي تدير المعركة حاليا.
وقبل إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، انطلاق معركة "تحرير" الفلوجة، احتشدت 17 مليشيا شيعية منضوية في "الحشد الشعبي" على أسوار المدينة مسيطرة بذلك على محاورها الأربع، استعدادا لاقتحام المدينة، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وعند بدء العمليات العسكري، وصل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، إلى مدينة الفلوجة لإدارة المعارك التي تخوضها قوات عراقية مدعومة بالمليشيات الشيعية لاستعادة المدينة من تنظيم الدولة، في معركة أطلق عليها "كسر الإرهاب".
إقرأ أيضا:
قاسم سليماني يصل الفلوجة لإدارة المعارك فيها (صور)
ولكنّ الأمر يبدو مختلفا تماما على أرض الواقع، فقد أكدت مصادر لـ"
عربي21" أن "أمريكا رفضت مشاركة المليشيات الشيعية في دخول المدن أثناء معركة الفلوجة، فيما وافقت على انتشارها على أطرافها فقط، وأوكلت مهمة دخول المدن ومسك الأرض بعد طرد تنظيم الدولة إلى الحشد العشائري (السني) المشكل من أبناء محافظة الأنبار".
وقالت المصادر إن "إصرار مليشيات الشيعية على المشاركة في معركة الفلوجة جاء لتوحيد الصف الشيعي أمام عدو واحد (تنظيم الدولة) بعدما أوشك على الدخول في اقتتال (شيعي-شيعي)، وكانت بوادره الاشتباكات التي حصلت بين مليشيا الخراساني ومليشيا سرايا السلام قرب المنطقة الخضراء ببغداد الشهر الماضي".
وأضافت المصادر أن "الزعم الإعلامي الذي يوظفه الشيعة لمعركة الفلوجة، هو يمثل دعما لشخص رئيس الحكومة الحالية حيدر العبادي، وبذلك فإنه يجعل من معركة الفلوجة المعركة الكبرى للشيعة ويدعو إلى توحد الجميع والاصطفاف مع العبادي في خندق واحد ضد الإرهاب".
إقرأ أيضا: 17 مليشيا تحتشد لاقتحام الفلوجة.. وأمريكا تضع شروطها
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي عمر المشهداني في حديث لـ"
عربي21"، إن "أمريكا تمسك بالملف الأمني لمحافظة الأنبار، وما جرى في معارك تحرير قضاء الرطبة مؤخرا كانت (الحشد العشائري) وقوات الأمن العراقية هي صاحبة الميدان، ولم يكن للحشد أي حضور فاعل، وكذلك الأمر في معركة استعادة الرمادي، فقد منعت أمريكا أي مشاركة للحشد الشعبي فيها".
ويرى المشهداني أن "توقيت معركة الفلوجة كان بيد أمريكا وحدها وجاء بعد فترة طويلة من الإعداد لقوة من أبناء المدينة، إضافة إلى الحشد العشائري"، لافتا إلى أن "الأمر كان مختلفا في معارك محافظة ديالى، فقد كان ملف المحافظة بيد هادي العامري قائد مليشيا بدر، ولم تتدخل أمريكا أو التحالف الذي تقوده بأي شكل من الأشكال في استعادة المحافظة من تنظيم الدولة".
وأكد المحلل السياسي العراقي، أن "خطة معركة الفلوجة كانت من محورين، الأول فصل ناحية الكرمة عن الفلوجة وهذا ما تم بالفعل يوم أمس، فقد تمت استعادة الناحية بشكل شبه كامل وهذا لم تشارك فيه فصائل الحشد الشعبي إلا في المحاور الخارجية، أما الدخول إلى الناحية فقد كان للحشد العشائري مع قوات الأمن العراقية من الجيش والشرطة وغيرها من التشكيلات".
ويستدل المشهداني في حديثه على منع الأمريكان للحشد الشعبي من تخطي الخطوط الحمراء في معركة الفلوجة، بما حدث من قصف لطيران التحالف عن طريق الخطأ لرتل تابع لمليشيات الحشد الشعبي مخلفا 15 قتيلا من عناصره، قائلا: "القصف الأمريكي ربما يكون مقصودا لمنع أي تقدم للحشد الشعبي عن المحاور التي وضعت له".
ووفقا لرؤية المحلل السياسي العراقي، فإن النجاح في معركة الفلوجة سيعطي زخما كبيرا للعبادي وقوى التحالف الوطني التي تشهد إخفاقا سياسيا واضحا في بغداد.
وكان ناشطون عراقيون أطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "#مليشيات_إيران_تتوعد_الفلوجة"، للتحذير من مجازر محتملة، قد ترتكبها مليشيات الحشد الشعبي بحق أبناء المدينة ذات الغالبية السنية أثناء عملية الاقتحام.
إقرأ أيضا: ما الرابط بين الهجوم على مدينة الفلوجة وولادة "المهدي"؟
وفي تحريض واضح على سكان مدينة الفلوجة، بث ناشطون مقطع فيديو لقائد مليشيا أبي الفضل العباس، أوس الخفاجي، يقول فيه إن "الفلوجة هي منبع الإرهاب منذ 2004 وحتى يومنا هذا، ولا يوجد فيها شيخ عشيرة آدمي، ولا إنسان وطني ولا ملتزم دينيا، حتى في مذهب أهل السنة".
وشدد الخفاجي في كلمة له أمام أتباعه، على أن "هذه المعركة فرصة لتطهير العراق، لاستئصال ورم الفلوجة منه وتطهير الإسلام منها، فهذا شرف لا بد من المشاركة فيه وأن نناله، ويجب أن نكون من السباقين في هذه المدينة"، بحسب مقطع فيديو بثه الإعلام الحربي.
وتتهم منظمات حقوقية دولية مليشيات عراقية منضوية تحت مسمى "مليشيات الحشد الشعبي"، بارتكابها جرائم قتل واختطاف وحرق للمنازل ودور العبادة، في المناطق التي تتم استعادتها من تنظيم الدولة.