بين "هرولة" السلطة الفلسطينية نحو
المبادرة الفرنسية، وإعلان "
إسرائيل" رفضها؛ تبقى تلك المبادرة المدعومة "لفظا لا ممارسة" من قبل الإدارة الأمريكية "بلا مستقبل"، بحسب خبيرين سياسيين، أكدا أن أمريكا و"إسرائيل" لن تسمحا لفرنسا بلعب دور مركزي في المنطقة.
والتقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في باريس منتصف نيسان/ أبريل الماضي، لدعم الجهود الفرنسية، بينما أعلنت الحكومة الإسرائيلية في 28 من الشهر ذاته، رفضها المبادرة الفرنسية، وتمسكها بخيار المفاوضات الثنائية المباشرة مع الفلسطينيين؛ دون شروط مسبقة.
وبدأ رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس، أمس الأحد، زيارة للمنطقة، وسيلتقي اليوم في مدينة القدس المحتلة، رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بحسب إذاعة "صوت إسرائيل"، ومن المتوقع أن يزور فالس الأراضي الفلسطينية الثلاثاء.
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ورئيس كتلتها البرلمانية، عزام الأحمد، أن "الاجتماع الوزاري التمهيدي الخاص بالتحضير لمؤتمر السلام الدولي في باريس، سيعقد في الموعد المحدد بتاريخ 3 حزيران/ يونيو القادم، في ظل غياب فلسطين وإسرائيل"، وهو اللقاء الذي يمهد لعقد مؤتمر في النصف الثاني من العام الحالي، بحيث يشارك فيه الطرفان.
فشل سياسية نتنياهو
وأضاف الأحمد لـ"
عربي21" أن "إصرار فرنسا على عقد هذا المؤتمر؛ هو إعلان فشل لسياسة نتنياهو، الذي حاول فعل المستحيل من أجل إلغائه، لكنه لم يستطع ذلك".
وأكد أن رفض "إسرائيل" للمبادرة الفرنسية؛ يرجع "لعدم رغبتها في قيام دولة فلسطينية مستقلة"، مشيرا إلى أن هدف المبادرة "من أول ما ولدت؛ هو إنقاذ حل الدولتين، وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة للشعب الفلسطيني"، لكن الأحمد لم يحدد ماهية هذه الدولة، ولا على أي أرض ستقام. وتطالب السلطة الفلسطينية بدولة فلسطينية في حدود 1967.
وقال إن "فرنسا قالت إنها ستعترف بدولة فلسطين إذا لم تنجح هذه المبادرة، وهذا بحد ذاته سياسيا بمثابة اعتراف"، معتبرا أن "كل من يؤيدون نتنياهو في التصدي للمبادرة الفرنسية؛ لا يريدون للشعب الفلسطيني أن يتحرر" على حد تعبيره.
وحول توقعاته بنجاح الاجتماع التمهيدي؛ بين الأحمد أن "نجاحه أكيد؛ لأن كل المشاركين فيه يدعمون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية؛ إلا الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعمها لفظا لا ممارسة".
حراك جيد
من جهته؛ أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت، سمير عوض، أنه "لا مستقبل كبيرا للمبادرة الفرنسية، في ظل تحفظ أمريكا عليها، وإعلان الاحتلال رفضها".
ورأى في حديثه لـ"
عربي21" أن الحراك الدولي الذي تسببت به فرنسا، "جيد؛ لأنه يعيد الحياة للقضية الفلسطينية، ويذكر الجميع بمطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه"، موضحا أنه من "المهم أن تتعامل السلطة مع تلك المبادرات، وهذا أقل القليل".
من جانبه؛ أوضح الأكاديمي والخبير السياسي الفلسطيني، عبد الستار قاسم، أن فرنسا "تريد أن تلعب دورا مركزيا في البحث عن حل للقضية الفلسطينية، وأمريكا وإسرائيل لن تسمحا لها بلعب هذا الدور".
وأضاف لـ"
عربي21": "هذا مبني على اتفاق سابق بين الدولتين (أمريكا وإسرائيل) بعد حرب عام 1973، يقضي بأن حل الصراع في المنطقة بيدهما فقط، وبعد موافقتهما".
دولة بلا سلاح
وأوضح قاسم أن "ما يسمح به لفرنسا والدول الأخرى في هذا الشأن؛ هو لعب دور هامشي، وليس مركزيا"، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية "ستعطل المشروع الفرنسي بطريقة غير مباشرة"، وهو ما يتفق مع ما ذهب إليه الأحمد.
ورأى أن المبادرة الفرنسية "لا تساوي الورق الذي كتبت عليه؛ لأنها لا تعترف بالحقوق الوطنية الثابتة للفلسطينيين، ولا بحق اللاجئين في العودة"، لافتا إلى أن المبادرة "تنص على إقامة دولة فلسطينية بدون سلاح".
وأكد أن "أي مبادرة لا معنى لها؛ ما لم تنص بوضوح وصراحة على عودة اللاجئين؛ لأن مشكلتنا بالدرجة الأولى ليست إقامة الدولة، وإنما
حق العودة"، معتبرا أن فرنسا "لو كانت جادة في مسعاها؛ لهددت باتخاذ إجراءات، لكنها تكذب كما يكذب الآخرون، وهي التي دعمت إسرائيل، ووفرت لها المفاعل النووي والسلاح".
وحول جدوى المساعي الفلسطينية لعقد هذا المؤتمر، في الوقت الذي أعلنت فيه "إسرائيل" رفضها للمبادرة الفرنسية؛ تساءل قاسم مستهجنا: "المهرولون نحو باريس من الفلسطينيين، مع من سيتكلمون؟"، مضيفا أن السلطة الفلسطينية "لا يوجد في يدها شيء، وهي أعجز وأضعف من أن تكون ندا لأحد على طاولة المفاوضات".
وأضاف: "إذا كنا نريد حلا؛ فيجب أن نكون أقوياء".