سيطرت قوات
النظام السوري الخميس على كامل القطاع الجنوبي في
الغوطة الشرقية عقب غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي، الأمر الذي أدى إلى نزوح أكثر من 700 عائلة من المنطقة نحو القطاع الأوسط، لتصبح الخاصرة الغذائية الأهم في الغوطة تحت سيطرة قوات النظام.
سيطرة جيش النظام جاءت بعدما وصفه
جيش الإسلام بحصار واعتقال 700 من قواته في الجنوب، وقطع طريق الإمداد عنه من طرف تحالف
فيلق الرحمن جبهة النصرة وفجر الأمة (
جيش الفسطاط) منذ أكثر من 20 يوما، فيما قال "جيش الفسطاط" إن جيش الإسلام سحب قواته من جنوب الغوطة مما سهل على النظام التوسع.
ويعد الصراع الحاصل في الغوطة الشرقية بين فصائل المعارضة السورية المقبولة داخليا ودوليا من أكثر الصراعات الدموية في عموم البلاد والتي لم تجد طريقها بعد للخروج من بحر الدماء والاتهامات المتبادلة من قبل الأطراف المتنازعة، في حين صبت نتائج المعارك الداخلية بين تشكيلات المعارضة لصالح النظام السوري.
صراع له جذور
الناشط الإعلامي "عمر حمزة"، وهو أبرز الناشطين منذ اندلاع الثورة السورية في الغوطة الشرقية والذي لا ينتمي إلى أي جهة أو طرف أو هيئة، يرى بأن أسباب المعارك الحالية بين جيش الإسلام من جهة وفيلق الرحمن بالتعاون مع جيش الفسطاط ليست وليدة الساعة، بل هي ناتجة عن وجود أخطاء سابقة قد تختلف نسبتها بين الأطراف المتنازعة.
وقال عمر حمزة في تصريح لـ"
عربي21": "ما جرى كان نتيجة مطرقة حالة من الاستعلاء مارسها بعض القياديين والشرعيين في "جيش الإسلام" عبر بعض التصرفات والتصريحات، والتي لم تعالج بشكل جذري بل تكررت مرارا، وسندان استعداء ممنهج لتشويه صورة جيش الإسلام مارسه بعض القادة والشرعيين من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وساعدهم بذلك ماكينات إعلامية كثيرة".
واستطرد حمزة متحدثا: "تطور الخلاف بعد محاولة اغتيال الشيخ أبي سليمان طفور لتتجه الأصابع لجيش الإسلام، ويتم التجييش لذلك من قبل فيلق الرحمن وجيش الفسطاط، وعلى إثرها انقسم القضاء إلى اثنين، واللجنة المخولة للتحقيق انقسمت للجنتين وبدأت وقتها بوادر تقسيم الغوطة، وأصبح كل طرف يتوقع غدر الطرف الآخر بأي لحظة".
وأردف المصدر: "استيقظ الأهالي في الغوطة الشرقية بتاريخ يوم الخميس 28-4-2016 وبنية وتحضير مسبق قام به فيلق الرحمن وجيش الفسطاط بحملة كبيرة هدفها كما سمعت أنا شخصيا من قائدي الفيلق والفسطاط هي "ردع جيش الإسلام وإيقاف ظلمه، وتسليم الأمنيين المتهمين بالاغتيال لديه".
لكن الأمر تطور إلى صراعات مسلحة، كشفت كلمة شرعي جبهة النصرة في الغوطة المسمى أبي عبد الله الأردني، عن خلفيات التحرك الأخير، حيث توعد بإزالة جيش الإسلام من الغوطة الشرقية، معتبرا أن قتال الجيش أولى من قتال النظام، مشددا على أنهم لن يتراجعوا عن قتال جيش الإسلام.
خطوات العلاج
يرى "حمزة" بأن العلاج قد طرح بالبيان الأخير الموقع عليه بعض من كان بإحدى اللجان، والذي نص على "فريق عمل - لجنة سمها ما شئت تكون طرفا ثالثا وليس وسيطا تدعم من الداخل والخارج".
وأضاف حمزة: "لا نريد قادة الفصائل كلهم، بل لا نريد فصائلية بعد اليوم، نريد جسما عسكريا جامعا، هذا لسان حال معظم من استوعب ما جرى ويجري في الغوطة الشرقية، حيث يشهد الشارع اليوم "كفرا بالقادة، كفرا بالفصائلية المقيتة، كفرا بمشايخ القادة وشرعييهم وقضاتهم".
توسع النظام
كشف مصدر ميداني مطلع لـ "
عربي21"، أن "قوات النظام استغلت الخلافات الحاصلة بين كبرى الفصائل وغياب المقاتلين المحترفين الذين انشغلوا باقتتالهم الداخلي ووسعت عملياتها العسكرية في القطاع الجنوبي من الغوطة عن طريق الضغط العسكري على مختلف المحاور".
الأمر الذي سهل لقوات النظام المهمة فاستطاع بأقل من شهر السيطرة على قرى "الركابية وحوش العدمل ونولة ومنطقة حاروش، بزينة"، ومن المعلوم أن نظام الأسد عجز خلال أكثر من ستة أشهر قبل هذه الخلافات من السيطرة على هذه المناطق، ولكنها اليوم تنهار وتسقط بيد النظام بشكل سهل بيد المليشيات اللبنانية.
كما تعد هذه المنطقة السلة الغذائية للغوطة الشرقية فمساحتها الزراعية تصل لأكثر من 50 ألف دنم زراعي مزروعة بالقمح والخضراوات.
الحرب الإعلامية
يرى الناشط الإعلامي "نور الغوطاني" بأن استنكار الطرفين على الوسائل الإعلامية ما يجري على الأرض في الغوطة، إضافة للتقاذف الإعلامي سببه هو ممارسة كل طرف للضغط الخارجي على الآخر بحجة أنه هو المظلوم والمستضعف، وبذلك يكون أحدهم قد انتصر على أرض الواقع (الغوطة) وعلى المستوى السياسي خارجيا.
واعتقد الغوطاني بأن كلا الطرفين لم ينجح بذلك بسبب البعد الداخلي الحاصل بينهم والفجوة العميقة، وتبادل الاتهامات، معتبراً أن المعركة سياسيا بين الطرفين قد نجحت لفترة زمنية مؤقتة بقبول الطرفين مؤخرا على مبادرة رياض حجاب.
دعوة لنبذ الخلاف
وجه القيادي في حركة أحرار الشام الإسلامية "حسام سلامة" رسالة إلى الأطراف المتنازعة في الغوطة الشرقية قائلا عبر "
عربي21": "يا فيلق الرحمن، ويا جيش الإسلام والفسطاط مهما عظمت خلافاتكم فإني لا أظنكم تخافون على نسائكم وأعراضكم وأطفالكم من بعضكم، فهل تأمنون عليهم حين يجتاحكم النظام الأسدي إذا استمرت هذه الحرب الحمقاء فسيقتل أطفالكم ويغتصب نسائكم أمام أعينكم وحينها ستذوقون قهر الرجال ومرارة الألم وحرقة الندم".