دخل
تنظيم الدولة الإسلامية فرع
اليمن، خط العمليات العسكرية ضد القوات الحكومية في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت شرق البلاد التي شهدت هجومين متتالين الأحد، رغم أن المدينة كانت معقلا خاصا بتنظيم
القاعدة على مدى عام، قبل انسحابه في أواخر نيسان /إبريل الماضي.
وتبنى تنظيم الدولة هجوما انتحاريا استهدف قوات الشرطة، أسفر عن قتل 41 عنصرا وإصابة أكثر من 50 آخرين وهو الهجوم الثاني الذي يتبناه التنظيم خلال أقل من أسبوع في المدينة، حيث سبق وأن تعرض معسكر الدفاع الساحلي في منطقة خلف، الخميس الماضي، لهجوم مماثل أودى بـ 15 جنديا على الأقل.
تنظيم ضعيف وأدوار خارجية
من جهته أوضح رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد أن تبني تنظيم الدولة
تفجيرات المكلا الأخيرة، يضع الجميع أمام تساؤلات عدة، خصوصا وأن هذا التنظيم ضعيف جدا في اليمن، وله عدد قليل من الأفراد كانوا متواجدين في عدن، بعكس تنظيم القاعدة الأكثر توسعا ويمتلك معسكرات متعددة.
وأكد محمد أن تنظيم الدولة غير قادر على عمليات كهذه مالم تتوفر له المعلومة الاستخباراتية والدعم اللوجستي من جهات لم يسمّها.
وأضاف محمد في حديث لـ"
عربي21" أنه إذا جرى تتبع المتضررين من تحرير المكلا، فمن الممكن معرفة من يقف وراء الحادث.
لكنه استدرك قائلا : باستقراء تصريحات تحالف الحوثي وعلي عبدالله صالح الغاضبة من استعادة المكلا من قبضة القاعدة، فقد أصبحوا في دائرة الاتهام بالحادث أو تقديم دعم للإرهابيين لتنفيذه.
وأضاف أن إيران وحلفاءها بالحراك الجنوبي المسلح، قد يكونان الأكثر رغبة بإثارة الفوضى في الجنوب لدعم ميلشياتها في الشمال من خلال خلق الفوضى في المناطق المحررة وتحت لافتة داعش المتواجدة بشكل ضعيف مقارنة بالقاعدة. على حسب قوله.
وأشار الباحث اليمني إلى أن هناك محاولات خارجية، تسعى لنقل سيناريوهات الأحداث في العراق وسوريا وليبيا إلى اليمن، بهدف إضعاف التحالف العربي وقوات الشرعية، وخلط الأوراق لمنع أي تفكير بتحرير صنعاء وحسم المعركة مع الانقلابيين بالقوة.
وتطرق رئيس مركز أبعاد للدراسات إلى جزئية مهمة، وهي أن قوة الواقع المسيطرة على حضرموت حاليا، تتجه لملشنة القوى السياسية وملاحقة الأحزاب واتهامهم بالإرهاب لتبرير السيطرة الكاملة ولو على حساب تبرئة الإرهابيين الحقيقيين. حسب وصفه.
ذراع عسكري للحوثي وصالح
من جهته، قال الناشط السياسي في الحراك الجنوبي، باسم الشعبي، إن أهداف تنظيم الدولة التي يختارها، توضح وبجلاء "حقيقة هذا التنظيم الغامض حديث العهد في اليمن"، بعدما باتت كل تحركاته تهدف إما التمهيد "لتمدد الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح أو للإجهاز على خصوم هاذين الكيانين".
ورأى في حديث لـ"عربي21" أن التنظيم بات ذراعا عسكريا ضاربا لقوتي النفوذ بصنعاء ـ الحوثي وصالح ـ لضرب خصومهم في المناطق المحررة والعمل على إحباط أي محاولات لتطبيع الحياة فيها في أعقاب خروجها من سيطرتهما.
وتساءل الناشط الجنوبي عن غياب تنظيم داعش عن المشهد، لأربعة شهر، عندما كانت محافظات الجنوب محتلة من الحوثيين، لكن حينما انتزعت تلك المحافظات من السيطرة الحوثية، بدأ التنظيم بالعمل واستهداف القادة العسكريين الذين حرروها وعلى رأسهم اللواء جعفر سعد، محافظ عدن السابق، الذي تبنى اغتياله هذا التنظيم.
ولفت المتحدث ذاته الى أن توسيع تنظيم الدولة أنشطته الى حضرموت، وهو الذي ظل بعيدا عنها، ربما لتجاوز مسالة الاحتكاك بتنظيم القاعدة وتحاشي الدخول في صراع إرهابي داخلي مشابه للصراع الذي نشب بين جبهة النصرة وداعش في سوريا.
هجوم من تنظيم مبهم
وفي شأن متصل، أفاد الخبير اليمني في شؤون النزاعات المسلحة، علي الذهب بأن تنظيم الدولة في اليمن، لايزال تنظيما مبهما، لا يعرف قادته ولا مناطق تمركزه، إضافة إلى أن ظهوره تزامن مع دخول التحالف العربي البلد قبل نحو عام.
وأثار الهجوم الأخير للفرع اليمني للدولة الإسلامية الذي وقع في المكلا، تساؤلات الخبير الذهب، حول أسرار استهداف التنظيم للمناطق التي تسيطر عليها الشرعية في الجنوب، بصرف النظر عن عملية أو اثنتين نفذتا في صنعاء.
ولم يستبعد الذهب في حديث لـ"
عربي21" أن يكون تنظيم الدولة نسخة احتياطية لأنصار الشريعة، جناح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أو فرعا وليدا انسلخ عنهم، بسبب الخلافات التي عصفت بالقاعدة، وحالة التمزق التي انتابتها بعد استهداف أبرز قادتها.
وأشار الى أنه "من الممكن أن يكون هنالك تخادم فيما بينهما ـ القاعدة والدولة ـ أيا كان الواقف أو الداعم لهما من قوى الداخل أو الخارج.
لكن الخبير الذهب حذر من التوظيف السياسي لهجوم الأحد في المكلا، وذلك لاستهداف ما تبقى من الجيش السابق المتمركز في وادي حضرموت، وإخراجه منها على طريق الانفصال التدريجي تحت مبررات الفيدرالية وتحديد أقاليمها. كما حذر أيضا من أن يجري على ضوء الحدث "حملات تعسفية ضد مواطنين من أبناء محافظات الشمال، على غرار ما جرى خلال الأيام الماضية في مدينة عدن، ثاني أكبر مدن البلاد".
الجدير ذكره أن مدير أمن محافظة حضرموت، العميد مبارك العوبثاني، أصيب بجروح طفيفة أمام مكتبه، وقتل ستة من عناصره في تفجير ثان بعبوة ناسفة، لحظة وصوله المكتب، عقب مغادرته المعسكر الذي وقع فيه الهجوم الانتحاري.
وفي 24 من نيسان/ ابريل، طردت القاعدة من المكلا ومناطق في ساحل حضرموت إثر عملية برية واسعة شنتها قوات مؤيدة للحكومة اليمنية بإسناد من قوات خاصة سعودية وإماراتية منضوية في إطار التحالف العربي بقيادة الرياض.