قال رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق، ومبعوث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى
السعودية، باسم عوض الله، إن محضر مجلس التنسيق السعودي الأردني الذي وقعه الطرفان الأربعاء، "ستنتج عنه
استثمارات في قطاعات النقل والطاقة والسياحة والخدمات"، فيما "ستحظى منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بجزء من هذه الاستثمارات".
وذكر عوض الله، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن هذه الاستثمارات ستنعكس على الوضع الاقتصادي والخدمات المقدمة للمواطنين الأردنيين، "من خلال توفير فرص العمل، ومن خلال التأثير المضاعف لهذه الاستثمارات".
وأضاف: "عندما ينمو الاقتصاد وتزداد إيرادات الدولة من هذا النمو، تنخفض المديونية، وتكون هنالك إيرادات إضافية تخصص لتحسين الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن في الصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية".
تصريحات عوض الله لـ"عربي21"؛ تأتي بعد أيام من توقيع الجانبين السعودي والأردني على محضر "مجلس التنسيق السعودي الأردني"، خلال زيارة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الرياض.
وحسب بيان رسمي مشترك، "يهدف المجلس إلى تنمية وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتشاور والتنسيق السياسي في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وإلى تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات".
وسبق ذلك زيارة ولي ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان للأردن، ولقاؤه بالملك عبد الله الثاني الذي أشاد لاحقا عبر حسابه على تويتر برؤية ابن سلمان الاقتصادية، التي تمثل أهداف السعودية في التنمية والاقتصاد حتى عام 2030.
كما تحدث الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، في تصريحات لبرنامج "اسأل الحكومة" الذي يُبث عبر أثير راديو البلد المحلي؛ عن "عمق" العلاقات الأردنية الخليجية بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، مشيرا إلى انتماء "الذهنية السياسية" للجانبين إلى التوجه ذاته.
واعتبر المومني أن الرؤية التي قدمتها السعودية؛ "ستعيد رسم وجه الشرق الأوسط"، متحدثا عن تأييد الأردن للقوى الداعمة لهذه الرؤية.
وردا على تعليقات تحدثت عن أن مكانة الأردن تراجعت بالنسبة لدول الخليج، قال المومني إن "المملكة بسياستها الخارجية، تعتبر أمن الخليج من أمنها، وتصب في المصلحة الوطنية العليا"، بحسب تعبيره.
مأسسة الحصول على المساعدات
ويطمح الأردن بعد توقيع محضر مجلس التنسيق مع السعودية، إلى مأسسة الحصول على المساعدات والمنح الخليجية، حتى لو كانت على شكل استثمارات، مع اقتراب انتهاء المنحة الخليجية التي خُصصت للمملكة عام 2011، والبالغة خمسة مليارات دولار على مدار خمس سنوات، لدعم تنفيذ مشاريع تنموية في الأردن.
ويرى الكاتب والمحلل بسام بدارين أنه "لأول مرة في العلاقات الأردنية الخليجية، يحدث شيء مؤسسي، ومجلس يجتمع كل شهر مرة، ويدرس مشاريع ويوجه استثمارات ويبحث تفاصيل، على عكس السابق، حيث كانت العلاقات قائمة على المنح والعطايا التي تُطلب أو تُمنح".
وأضاف: "اليوم وجود مؤسسة لائق بالأردن، ويناسب طريقة التفكير السعودية الجديدة، حيث تغيرت قواعد اللعبة في مساعدة الأردن اقتصاديا"، وفق تقديره.
ويرى بدارين، في حديث لـ"عربي21"، أن "السعودية لديها مشروع سياسي واضح، وتعمل على أساس نفوذ إقليمي وعسكري في الوقت نفسه، وهذا جزء من رؤية محمد بن سلمان؛ التي أعلن من خلالها استثمارات ضخمة في الصناعة العسكرية".
هل ستنقذ الاستثمارات السعودية الاقتصاد الأردني؟
ويأتي الحديث عن الاستثمارات السعودية في الأردن؛ في وقت تعاني فيه الدولة الأردنية من ارتفاع كبير في حجم المديونية العامة، التي بلغت 24.7 مليار دينار أردني، وهو ما يشكل 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا رقم قياسي في تاريخ المملكة، مع تراجع النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة إلى 14 في المئة، حسب الأرقام الرسمية.
وتقف المديونية المرتفعة في الأردن عائقا أمام بدء برنامج التسهيل الائتماني الجديد للمملكة مع صندوق النقد الدولي.
وفي هذا السياق، قال وزير المالية الأردني عمر ملحس، في تصريح لصحيفة الرأي شبه الرسمية، إن صندوق النقد الدولي اشترط على الأردن تخفيض الدين العام من 93 في المئة إلى80 في المئة، في غضون ستة أشهر، أي مع نهاية العام الجاري، وزيادة الإيرادات الحكومية للعام 2016 للبدء في البرنامج الجديد.
ويعلق وزير المالية الأردني الأسبق، محمد أبو حمور، في حديث لـ"عربي21"، بأن "الأردن بحاجة ماسة للاستثمار ووصول منح إضافية"، مشيرا إلى أن المملكة ليست معنية بالحصول على قروض جديدة، بعدما تضاعفت فوائد القروض الحالية في السنوات الأخيرة من 500 مليون دينار إلى مليار دينار تقريبا، ما أدى إلى تراجع تصنيف الأردن الائتماني في ظل الأوضاع الإقليمية وزيادة المديونية؛ التي هي أحد المعايير الرئيسية في قياس التصنيف.
وأضاف: "نحن في الأردن معنيون بزيادة الاستثمارات التي ترفد النمو الاقتصادي، والحصول على منح، وتمويل الإنفاق الحكومي في المشاريع الكبرى، وخصوصا مشاريع الطاقة".
المنح السعودية هي الأكبر في تاريخ الأردن
وحول تاريخ العلاقة الاقتصادية بين الأردن والسعودية، يقول أبو حمور لـ"عربي21": "خلال العقود الماضية كان للممكلة العربية السعودية دور كبير في المساهمة بالتنمية الاقتصادية في الأردن".
ولفت إلى أنه في عام 2011، تلقى الأردن مساعدات سعودية بقيمية 1.4 مليار دولار، وكان هذا هو الرقم الأعلى في تاريخ العلاقة. وقبل ذللك، كان هناك تعهد من دول الخليج في مؤتمر عمان عام 1980، بدعم الأردن بمليار وربع المليار دولار، على مدار 10 سنوات.
كما تم في عام 2011؛ الاتفاق على المنحة الخليجية وقيمتها خمسة مليارات دولار، على مدار خمس سنوات؛ شارفت على الانتهاء هذا العام، "لذلك يجب على الأردن أن يتحرك باتجاه دول الخليج، إما لتجديد المنحة أو إيجاد آلية جديدة في التعامل مع دول الخليج التي ترتبط مع الأردن بعلاقة تاريخية وعلاقة منفعة، فالعمالة الأردنية ساهمت في بناء دول الخليج العربي، بينما ساهمت دول الخليج بالتنمية الاقتصادية للأردن من خلال المنح والمساعدات"، وفق قوله.
وبينما لا يربط أبو حمور بين شروط صندوق النقد الدولي والتوجه لإنشاء مجلس التنسيق السعودي الأردني، يقول: "صندوق النقد الدولي يرى أن الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها الأردن دون المستوى المطلوب، وأنا قلت ذلك أكثر من مرة إن الإصلاحات الاقتصادية في الأردن تسير في الاتجاه الخاطئ، بالتالي نتائج الإصلاحات التي تمت راجعها صندوق النقد الدولي ورأى أنها غير كافية، وتحديدا في مجال المديونية".
عودة عوض الله
وأثار ظهور باسم عوض الله خلال الزيارة الرسمية للعاهل الأردني إلى السعودية ردود فعل على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا أنه بات خارج المنصب الرسمي حاليا. وتساءل ناشطون حول الصفة الرسمية التي شارك بها عوض الله في اللقاءات في الرياض، وما إذا كان ذلك يعتبر مقدمة لعودته لمنصب حكومي قادم.
ولم تكن هذه المره الأولى التي يظهر فيها عوض الله في لقاءات أردنية سعودية، إذ سلم قبل أشهر رسالة من ملك الأردن إلى نظيره السعودي، بوصفه "مبعوث جلالة الملك للسعودية".
ويرى بسام بدارين أن "الأردن استفاد من علاقة باسم عوض الله الجيدة مع السعودية"، معربا عن اعتقاده بأن فكرة مأسسة المساعدات السعودية للأردن، هي "من أفكار عوض الله التي طرحها مرارا، بحيث تكون هنالك منفعة متبادلة بين الطرفين".
وحسب معلومات وردت لـ"عربي21"، فإن أولى المشروعات الاستثمارية السعودية في الأردن، سيتم إبرامها الأسبوع القادم، ورجحت مصادر أن تكون هذه المشاريع في مجال الطاقة.