رحم الله
بن خلدون (1332م- 1406م).. فعلى الرغم من مكانته الكبيرة في التراث الفكري العربي وما ناله من مكانة تاريخية كبرى في العالم كله انطلاقا من كونه مفكرا عربيا بحث وكتب ورحل وصعد وغاص في التجربة السياسية والفكرية العربية زمنا طويلا.. إلا أنه كان قاسيا بعض الشيء على العرب.. فهل تراه قال ذلك لخيبه حظه في دنيا السياسة والسلطة.. وتلك الخيبة حين يعبر عنها مثقف.. عاده ما تكون ثقيلة وساخطة. على انه ما كان يصح لابن خلدون قول ما قاله على العرب في مقدمته.. ولا حتى بحق أي شعب خصوصا أن الدين والعقل يرفضوا هذا الوصف المعمم الذى جاوز الحقيقة وجاء ناضحا برؤية شخصيه مريرة لابن خلدون وكان يجب أن لا يقوم بتعميمها فيصف العرب قاطبة بالتوحش والغلظة وأنواع الشرور الأخرى..
نستطيع أن نفهم وجود أخطاء بطبائع البشر أيا ما كانوا وأينما كانوا.. لكن من المستحيل استيعاب فكرة تعميم ظاهرة التوحش والغلظة ووقفها على شعوب الأمة العربية. وهو الأمر الذى يجب أن يكون موضع نقد علمي وموضوعي من المفكرين العرب دون إنقاص من القيمة العلمية والفكرية لابن خلدون أما أن تحتفي به أجيال الأمة جيلا بعد جيل دون إشارة لتلك الأخطاء المبالغ فيها وغيرها مما احتوته.
على انه ما كان يصح لابن خلدون قول ما قاله على العرب في مقدمته.. ولا حتى بحق أي شعب عربيا كان أم غير عربي خصوصا أن الدين والعقل يرفضوا خطيئة التعميم الذى جاوز الحقيقة وجاء ناضحا برؤية شخصيه مريرة لابن خلدون وكان يجب أن لا يقوم بتعميمها فيصف العرب قاطبة بالتوحش والغلظة وأنواع الشرور الأخرى.. نستطيع أن نفهم وجود أخطاء بطبائع البشر أيا ما كانوا وأينما كانوا.. لكن من المستحيل استيعاب فكرة تعميم ظاهرة التوحش والغلظة ووقفها على شعوب الأمة العربية . وهو الأمر الذى يجب أن يكون موضع نقد علمي وموضوعي من المفكرين العرب دون إنقاص من القيمة العلمية والفكرية لابن خلدون أما أن تحتفي به أجيال الأمة جيلا بعد جيل دون إشارة لتلك الأخطاء المبالغ فيها وغيرها مما احتوته المقدمة دون قراءات نقدية لأفكارها التي تأثرت بالعوامل الاجتماعية والسياسية التي عاشها الرجل فهو مما لا يقبل..
وأود أن أشير هنا إلى السلوك العربي إذا قيس بسلوك شعوب أخرى ما كان أبدا ليوصف بالتوحش والغلظة وإلا فبماذا نصف الرومان الذين كانوا يتسلون بمصارعة العبيد حتى الموت أو يلقون بإنسان لمصارعة أسد أو نمر بينما يجلس المتفرجون على المدرجات يهتفون مبتهجين بالمشهد الدموي الذي يشاهدونه.. فهل هناك وحشية أكثر من ذلك.. وهل يذكر التاريخ مجزرة واحده ارتكبها العرب في مدينة واحدة كما حدث في هيروشيما، إن كان العرب وحوش، فماذا نسمي ما حدث للهنود الحمر في أمريكا على يد الأوربيين.. وماذا عن محاكم التفتيش.؟ الدكتور محمد عمارة فسر أقوال بن خلدون بأنها كانت عن الأعراب الموغلين في البداوة والتوحش قبل أن يتدينوا بالإسلام فتتهذب طباعهم.. وهذا تفسير مريح نفسيا لكنه ليس تفسيرا مانعا.. يلغى غيره..
لذلك نجد من فسر هذه القسوة باعتبارها نتيجة أزمة نفسيه عاشها بن خلدون تزامنت مع فترة أليمه في تاريخ الأمة العربية فشاهد حاله احتضار مؤسفة لخير أمه أخرجت للناس.. فكان مثقلا بالمرارة والنقمة عندما وجدهم غارقين في نزاعاتهم الداخلية ورأى بعينيه سقوط دوله المغرب وانهيار دولة المشرق تحت أقدام الإسبان والتتار وكان شاهدا مباشرا على هذا الانهيار ناهيك عن أسره في أيدى تيمورلنك إمبراطور الخراب(1336م-1405م ).
العديد من المستشرقين ومراكز البحوث في الغرب اعتمدت على مقدمة ابن خلدون بوصف
الشعوب العربية بالمتوحشة والتأكيد على أنهم بالفعل شعوب متوحشة غير حضارية لا يعرفون إلا (مضارب الخيام و السراري و الخصيان وحروب الثأر والنزاع على ناقه وبئر ماء ) وغيرها من التوصيفات الفاسدة التي يرددها الغرب استنادا إلى مقدمة ابن خلدون وشهادة عصره على أبناء أمته..
كل ذلك في جانب.. و مكانته الكبرى في تاريخ الفكر الإنساني في جانب أخر.. فالحق الحقيق آن الرجل هو المنشئ الأول لعلم الاجتماع.. عالج فيه ما يطلق عليه الآن(المظاهر الاجتماعية) أو ما اسماه هو(أحوال الاجتماعي الإنساني) وكان بحق سابقا لعصره وتأثر به عدد كبير من المفكرين الغربيين الذين جاءوا بعده مثل: العالم الإيطالي جامبا فيكو(1667م-1744م) والعالم الألماني افرايم ليسنج (1729م-1781م)، بل إن كارل ماركس(1818-1883م) وماكس فيبر(1864_1920م) يُعدّان عند كثير من الباحثين طالبين في مدرسة بن خلدون.. ماركس سمع عن كلام بن خلدون في أن اختلاف الناس سببه اختلافهم في تحصيل المعاش فأنتج نظرية تأثير نمط وعلاقات الإنتاج في حياة البشر.. ماكس فيبر سمع عن العصبية فطورها إلى نظريته في الزعامة والهيمنة.
على الجانب الشخصي كان بن خلدون كمعظم المثقفين الكبار نرجسيا شديد الاعتزاز بنفسه وشديد الثقة بنبوغه.. قوى الشخصية جامح الطموح.. كان انتهازيا أحيانا ووفيا أحيانا.. كما أنه كان يجيد فهم حركة السياسة في عصره ومجتمعه.. وصفه بعض الباحثون بأنه كان(عالما سياسيا بكل جدارة وسياسي عالم بكل اقتدار بما في كلمة سياسة من مراوغة وتملق وما في كلمة علم من نزاهة وأخلاق.) كان يسعى إلى المناصب ويحبها ويفتعل المكائد ضد زملائه عند الملوك والسلاطين ويقال انه كتب تقريرا إلى تيمورلنك حين غزا دمشق عن جغرافية المغرب. كان مجاملا متواضعا حسن العشرة وهو خارج السلطة ولكن كان قاسيا مغرورا حين يتولى منصب..
أغلب المثقفين العرب عبر التاريخ كانوا كذلك!!؟؟.