الزواج بعقد عرفي أمر تجاوزه الأتراك منذ زمن، فلا زواج إلا بتوثيق قانوني يضمن حقوق الزوجة التي يقف معها القانون التركي، إلا أن احتكاك السوريين بالمجتمع التركي، ولجوء بعضهم لعقود الزواج العرفية، لا سيما في حالة زواج تركي من امرأة سورية، تسبب في انتشار حالات الزواج بعقد عرفي خاصة أن القانون التركي لا يسمح بتعدد الزوجات.
وفي حالات كثيرة أدى فشل هذا الزواج لضياع حقوق الفتاة السورية، باعتبار أن هذا الزواج غير معترف به قانونيا في
تركيا.
لكن الجديد أن النساء التركيات في المدن التي يتواجد فيها السوريون بكثافة عالية، كأنطاكيا وغازي عنتاب وكيليس، بتن يشعرن بـ"الخطر" من هذا النوع من الزواج غير المعهود سابقا.
وفي حادثة فريدة من نوعها، تعرض "شيخ" سوري من الأتارب بريف حلب، ويدعى أبا مصعب، لاعتداء بدني على يد أبناء وأقارب امرأة تركية قام هذا الشيح بإتمام عقد زواج زوجها من فتاة سورية في أنطاكيا.
ويتحدث عمار، وهو سوري مقيم في حي حبيب النجار بأنطاكيا، لـ"
عربي21" عن حادثة شهد فصولها في بيت جيرانه السوريين الذين عقدوا العزم على تزويج ابنتهم من رجل تركي متزوج، ويرغب بزوجة ثانية سرا، إذ يخشى معرفة زوجته أو أهلها بالأمر، لأنهم وفي أفضل الأحوال سيتقدمون بدعوى قضائية ضده لمخالفته قانون الزوجة الواحدة.
ويقول عمار في 11 نيسان/ أبريل الجاري: "كان الشيخ أبو مصعب يهيئ نفسه لكتابة عقد الزواج في منزل العروس وبحضور العريس التركي المتزوج سابقا، وجهز الشيخ الشهود وكل الترتيبات اللازمة، ومن ثم جلس الجميع لكتابة عقد الزواج والمباركة للعروسين".
ويضيف: "هذه المرة يبدو أن الشيخ لم يوفق في مشروعه، بل أعتقد أنها آخر مرة يعمل بها في هذه المهنة، فبينما كان يعد عقد زواج الفتاة التي تبلغ 29 عاما من الخمسيني التركي، دخلت البيت الزوجة التركية، ومعها ثلاثة من أولادها، أعمارهم تقريبا بين 26 عاما و27، إضافة إلى بعض الرجال من أهلها وعشيرتها، لتحدث فصول المعركة".
فأول ما بدأ به الرجال القادمون مع الزوجة "المخدوعة"؛ هو ضرب الشيخ أبي مصعب ضربا مبرحا حتى سالت دماؤه، فهم يعرفون تماما أنه من رتب للموضوع كله، ولا تقتصر مهمته على كتابة عقد الزواج، بل هو الوسيط في كافة جوانب القصة، وانتهى أمره في المستشفى بعد ما تعرض له من لكمات وضربات عصي.
أما عن موقف الزوجة التركية، فلم تقف متفرجة بل "أخرجت السلسة الحديدية التي تحملها في جيبها وبدأت بضرب زوجها ضربا شديدا أدى لكسر في عضده، فيما حصلت العروس السورية على حصتها من الضربات على رأسها حتى سقطت مغميا عليها"، بحسب رواية الشاهد.
يقول عمار: "أعتقد أن الشيخ أبا مصعب سيستقيل من وظيفته التي تدر عليه أرباحا طائلة بعد ما أصابه بسبب طمعه، لكن الموضوع يستحق الاهتمام والحديث عنه لمنع انتشاره، إذ غالبا ما يكون زواج من هذا النوع سببا في مأساة جديدة تتعرض لها الفتيات السوريات".
ويؤكد عمار أنه يعرف حالات عدة انتهت بفشل الزواج العرفي، "إذ يعود الرجل التركي إلى زوجته الأولى ويطلق السورية في النهاية، ويحل الموضوع بأن يدفع لأهلها المهر المتفق عليه".
ويجد الرجال الأتراك الذين يرغبون بزواج ثان؛ في أبي مصعب وأمثاله حلا لمعضلة الزواج الثاني، فبدؤوا يتعاملون مع "رجال الدين" الذي يتقاضون مبالغ مالية جيدة، تفوق الألف ليرة تركية في بعض الحالات، لكتابة عقد الزواج العرفي. بل إنه أحيانا أصبح هؤلاء يعملون في التوفيق بين شخصين للزواج، أو تأمين "عروس" مناسبة لرجل تركي (متزوج) يرغب بالزواج بامرأة أخرى. وفي هذه الحالة يتقاضى الشيخ مبالغ إضافية كبيرة، قد تصل إلى آلاف الليرات التركية، بعد أن تحول من "منظم عقد نكاح" إلى "خطّابة"، كما يقول سوريون في المنطقة.