وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، تصاعد حدة القمع في جمهورية
طاجيكستان، وخصوصا تجاه الإسلاميين، حيث بلغت ذروة القمع بحظر حزب النهضة الإسلامية، الذي كان ممثلا في البرلمان منذ تأسيسه، وملاحقة أعضائه.
وقالت المنظمة، في تقريرها السنوي، إن أوضاع حقوق الإنسان في هذه الجمهورية السوفييتية السابقة، "شهدت تراجعا كبيرا خلال العام الماضي، مع إغلاق حزب المعارضة الرئيسي، حزب النهضة الإسلامية، في أيلول/ سبتمبر 2015".
وكشفت المنظمة أنه منذ حظر الحزب في 16 أيلول/ سبتمبر، اعتقل نحو 200 من أعضائه لأسباب سياسية، ووضع آخرون مع عائلاتهم تحت الإقامة الجبرية، فيما بدأت في شباط/ فبراير الماضي محاكمات مغلقة لما لا يقل عن 13 من قيادات الحزب. وأجبرت اللجنة الوطنية لأمن الدولة محامي المتهمين على توقيع تعهدات تمنعهم من الكشف عن التهم الموجهة لموكليهم أو إجراءات المحاكمة، أو الحديث عن ظروف اعتقالهم.
وسبق قرار حظر الحزب الثاني في البلاد اقتراع "غير مسبوق في تاريخ طاجيكستان الحديث"، بحسب وصف المنظمة، حيث لم يحصل الحزب على أي مقعد في البرلمان. لكن عملية التصويت في الانتخابات التي جرت في آذار/ مارس 2015، بمراقبة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، شابتها خروقات، مثل حشو الصناديق بأوراق الاقتراع، وممارسة التخويف من جانب الحكومة، وفق المراقبين الدوليين ومنظمات حقوقية.
وفي حزيران/ يونيو 2015، اضطر زعيم الحزب محي الدين خبيري للفرار من البلاد، خشية
اعتقاله. وفي وقت لاحق، ظهر أكثر من 20 من أعضاء الحزب في تسجيلات مصورة يعلنون فيها انسحابهم من الحزب "طوعا"، لكن نائب رئيس الحزب، محمد علي حيتي، قلل من شأن هذه التسجيلات، وقال إنها جاءت تحت الضغط. وفي آب/ أغسطس 2015، طلبت السلطات من الحزب وقف نشاطاته وإغلاق مقراته بشكل نهائي خلال 10 أيام.
ويشار إلى أن الحزب الذي تأسس عام 1991، كان ممثلا في البرلمان منذ تأسيسه عام 1999، بعد انتهاء الحرب الأهلية في البلاد. وسبق أن قاتل عناصر في الحزب ضد نظام رحمن خلال الحرب الأهلية (1992 - 1997).
وقبل حظر الحزب، أطلقت السلطات حملة اتهامات بأنه على اتصال مع تنظيم الدولة، وأن عناصره يسعون لرفع رايته السوداء في البلاد. واستغلت السلطات ذهاب نحو 600 من الطاجيك للقتال في سوريا لإطلاق هذه الحملة على الحزب، ومظاهر التدين بشكل عام.
وتكثف السلطات حملتها التي شملت محامين وصحفيين، بل "حتى مواطنين عاديين وجهوا انتقادات لحكومة الرئيس إمام علي رحمنوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، وفق المنظمة التي قدرت أيضا أن مئات آخرين اضطروا للفرار من البلاد مع عائلاتهم. أما الذين لم يغادروا البلاد، فقد اعتقلوا وعُذبوا. كما صدرت أحكام بالسجن على أكثر من 20 معارضا حتى الآن، وتراوحت الأحكام بين 3 و29 سنة.
ملاحقة المعارضين في المنفى
من جانب آخر، أشارت هيومن رايتس ووتش، في تقريرها الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أن السلطات الطاجيكية لم تكتف بملاحقة المعارضين واعتقالهم داخل البلاد، بل تلاحقهم إلى المنفى أيضا. وفي هذا السياق، تم اغتيال المعارض عمر علي كوفاتوف في إسطنبول، في آذار/ مارس 2015. وكان كوفاتوف يقود مجموعة معارضة تعرف باسم "مجموعة 24".
وتم خلال عام 2015 أيضا اختطاف معارضين اثنين أثناء وجودهما في روسيا، ليظهر أحدهما لاحقا في السجون الطاجيكية، وما زال الآخر مختفيا، فيما يُحتجز 10 معارضين سياسيين على الأقل في دول مثل روسيا ومولدافيا ورسيا البيضاء، بناء على طلبات توقيف من طاجيكستان.
رئيس مدى الحياة
وتأتي حملة القمع هذه بينما يجري الاستعداد في طاجيكستان لطرح تعديلات دستورية على الاستفتاء في 22 أيار/ مايو القادم. وتتيح هذه التعديلات بقاء إمام علي رحمنوف، الذي يحكم البلاد منذ 22 عاما، في السلطة مدى الحياة. كما تتضمن التعديلات أيضا خفض سن الرئيس إلى 30 سنة بدلا من 35 سنة، إضافة إلى حظر الأحزاب على أسس دينية، في محاولة لإعطاء قرار إغلاق حزب النهضة الإسلامية صبغة قانونية.
وتقول تقارير حقوقية إن السلطات الطاجيكية تشن حملة على مظاهر التدين، حيث يتم إجبار الرجال على حلق لحاهم، إضافة إلى القيود على ارتداء الحجاب أو أداء الصلاة في الأماكن العامة، علاوة على حظر على أداء الحج على الشباب.