قالت مجلة "
فورين بوليسي" الأمريكية، إن زعيم الانقلاب
المصري عبد الفتاح السيسي "خائف جدا" من شرطته، أكثر من اهتمامه باستدعاء
إيطاليا لسفيرها في مصر، على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني.
وأشارت المجلة إلى حادثة مقتل ريجيني، بعد اختطافه في ذكرى الثورة المصرية في 25 كانون الثاني/ يناير، ثم اكتشاف جثته في 3 شباط/ فبراير، في تضارب للادعاءات حول سبب مقتله من السلطات المصرية التي قالت إنه حادث بداية، ثم اتهمت عصابة "اختطاف أجانب"، بينما تصر السلطات الإيطالية على ضلوع الأمن المصري في مقتله.
وفي شباط/ فبراير، قال وزير الخارجية المصرية سامح شكري لـ"فورين بوليسي" إنه من "المربك تماما" اتهام مصر بقتل ريجيني من قبل السلطات الإيطالية.
وأرسلت مصر هذا الأسبوع وفدا إلى إيطاليا للاتفاق على كيفية تنفيذ التحقيق، الذي توقف بسبب رفض مصر لتسليم سجلات محادثات ريجيني أو تسمية مشتبه به، إلا أنها لم تنته على ما يرام، إذ إنها استدعت روما سفيرها الإيطالي في مصر ماوريزيو مساري، الجمعة.
وقال وزير الخارجية الإيطالي إن مساري سيعود إلى إيطاليا لمناقشة كيفية "تحصيل الحقيقة حول القتل البربري لجوليو ريجيني".
رصاصة رحمة
وجاء استدعاء مساري "كرصاصة رحمة أخيرة" في الأشهر الأخيرة للعلاقات الخارجية المصرية، بحسب "فورين بوليسي"، التي أشارت إلى قتل السياح المكسيكيين الـ12 بقصف مصري في أيلول/ سبتمبر الماضي، بالإضافة إلى إسقاط الطائرة الروسية على يد تنظيم الدولة فوق سيناء، والتي أدت لمقتل 224 شخصا.
وقال إيريك تريغر، الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن عودة مساري إلى روما تمثل "ضربة قوية" لمصر، لأن الدبلوماسي الإيطالي يعتبر "مدافعا حقيقيا عن المساهمة والاستثمار في مصر".
وأشار تريغر إلى أن "السماح للأزمة بالتدهور بهذه الطريقة يعني أن القاهرة خسرت أكثر من سفير إيطالي، فقد خسرت صديقا".
فقدان سيطرة
وأوضحت المجلة أن رغبة مصر بالتخلي عن علاقتها مع حليف دبلوماسي واقتصادي أساسي مثل إيطاليا، يظهر ضعف زعيم الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي في بلده.
وبالنسبة لوزير الدفاع السابق، فإن مواجهة الشرطة المباشر أو اتهامها بالقتل الوحشي، الذي وصفه تريغر بأنه "تم غالبا على يد قوات الأمن"، يعني المخاطرة برد فعل من الشرطة، الذين يحتاجهم الرئيس للدفاع عنه في حال حصول انتفاضة ضده.
وقال تريغر إن مصر هي "حكومة استبدادية تهدف للبقاء، وتواجه خطور السقوط، ما يدفعها للنظر نحو الداخل".
قمع جماعي
وترافق اختفاء ريجيني وإنكار السيسي، مع قمع غير مسبوق داخل مصر على الصحفيين والناشطين الذين وثقوا حوادث الاختفاء والتعذيب.
وكان ريجيني، نفسه، كاتبا تحت اسم وهمي للحديث عن القضايا العمالية في مصر، في حين قال تريغر إن "مصر حاولت حينها جمع مقتل ريجيني مع الدعاوى المتكررة بأنها هدف للانتقاد من المجتمع الدولي، وأنها ملتزمة بأعلى المعايير"، خصوصا في مكافحة الإرهاب.
وأضاف أن هذا اتضح عندما قال المصريون إنه من المثير للشك ظهور جثة ريجيني في الوقت الذي زار فيه وفد إيطالي القاهرة، موضحا أن "جزءا من الحكومة سيقدم نظرية المؤامرة، والآخرون سيقدمون نظريات أخرى".
واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بالقول إن "مصر دولة استبدادية غير كفؤة، حتى في نظرياتها حول المؤامرة".