معهد واشنطن: المواجهة بين النظام الأردني والإخوان إلى أين؟
لندن - عربي2110-Apr-1601:05 AM
0
شارك
شينكر: استغل القصر والمخابرات الخلافات الداخلية لإيقاع المزيد من الشرخ في صفوف الإسلاميين - ارشيفية
يخلص تقرير لمعهد واشنطن للدراسات حول العلاقة بين النظام الأردني وجماعة الإخوان المسلمين، إلى أن الجماعة تحولت من تهديد إلى مصدر إزعاج للنظام بعد تغير الظروف الإقليمية، الانقلاب في مصر، والخطوات الذي اتخذها النظام لتحجيم الجماعة وتهميشها.
ويقول مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، ديفيد شينكر، معد التقرير، إن واشنطن تشعر بالقلق إزاء الاستقرار في الأردن، وستتابع على الأرجح التطورات عن كثب في العلاقة بين النظام الأردني والإخوان، خصوصا بعد طلب النظام من الإخوان عدم المضي قدما في انتخاباتهم الداخلية لاختيار قيادة جديدة.
ويعتقد شينكر أن أي خطوات إضافية متخذة بحق جماعة «الإخوان»، بالرغم من كونها مبررة، ربما تنتهي بنتائج عكسية.
لكن، بالنسبة إلى عمّان، فتفكيك الجماعة القديمة وتطوير "مبادرة زمزم" هما حجر الأساس لِما يبدو أنه استراتيجية محلية طويلة الأمد وطموحة لمكافحة التطرف.
ويرى شينكر أن جماعة الإخوان المسلمين باتت محظورة في الأردن، رغم أنه لم يصدر أي قرار رسمي بذلك، إلا أن الحكومة رخصت تنظيم إخوان جديد يقوده قيادات سابقة من الإخوان.
وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» حددت السابع من نيسان/ أبريل، موعدا لإجراء انتخاباتها الداخلية، لاختيار مراقبها العام وتشكيل «مجلس شورى» خاص بها مؤلف من ثلاثة وخمسين عضوا. لكن الحكومة حذرت الجماعة من إجراء الاقتراع، إلا أن «الإخوان» أصرّوا على القول إنهم سيمضون قدما بالانتخابات، الأمر الذي يمهد الطريق لمواجهة بين الإسلاميين المستضعفين والدولة.
ويقول التقرير إن جماعة الإخوان المسلمين التي تشكلت في الأردن عام 1945 لطالما شكّلت قوة سياسية في المملكة. ولكن، خلال العقد الأخير، حصلت خلافات وانشقاقات داخل الجماعة.
وحسب شينكر، فإنه خلال السنوات الأربع الماضية، استغل القصر الملكي الأردني و"دائرة المخابرات العامة" هذه الخلافات الداخلية، لإيقاع المزيد من الشرخ في صفوف الإسلاميين وإضعافهم. وفي عام 2012، قام مسؤول كبير سابق في «جبهة العمل الإسلامي» هو الدكتور رحيل غرايبة -بمباركة من القصر الملكي وربما بدعمه المالي- بإطلاق "مبادرة زمزم"، وهي عبارة عن منظمة كان هدفها المعلن إنهاء احتكار الخطاب الإسلامي من قبل «الإخوان المسلمين» في المملكة. ويُشتبه إلى حد كبير أن تكون "دائرة المخابرات العامة" قد دعمت «حزب الوسط الإسلامي» في الانتخابات النيابية عام 2013، فساعدته على الفوز بـ16 مقعدا من أصل 150 في البرلمان المنتخب، ليصبح بذلك أكبر كتلة برلمانية.
وفي عام 2014، حُكم على زكي بني أرشيد، نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، بالسجن لمدة ثلاثة عشر شهرا. ووجهت الحكومة ضربة قوية لجماعة «الإخوان» من خلال حظرها؛ بحجة افتقارها للترخيص الملائم، وعبر اتهامها بأنها مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ومن ثم في آذار/ مارس، منحت الحكومة ترخيصا لزعيم معمّر في جماعة «الإخوان المسلمين»، عبد المجيد ذنيبات، من فصيل "الحمائم"، مجيزة له إنشاء تنظيم جديد لـ«الإخوان». كما نقلت عمّان الأصول الضخمة لجماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة إلى التنظيم الجديد. وتشير التقارير إلى أن التنظيم الجديد أصبح يضم 300 عضو، بمن فيهم زعماء سابقون بارزون في جماعة «الإخوان».
وفي سلسلة متواصلة من الضغوط الحكومية، أصدر محافظ العاصمة عمّان خالد أبو زيد توجيها منع بموجبه جماعة «الإخوان» غير المرخصة من إجراء انتخابات داخلية، ردا على شكوى كان ذنيبات قد رفعها إلى وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية اعتراضا على محاولة [بعض] الأفراد "انتحال" تنظيم مرخص. وبناء على تلك العريضة، قررت وزارة الداخلية بأن التصويت سيكون في الواقع غير قانوني.
وعلى نحو غير مفاجئ، رد الناطق باسم الجماعة المحظورة، معاذ الخوالدة، من خلال اعتبار موقف الحكومة غير قانوني، قائلا: "أُجريت الانتخابات لفترة دامت سبعين عاما دون تدخل أي طرف. فما الذي تغير هذا العام؟" أما ناطق آخر باسم الجماعة، مراد العضايلة، فكان أقل ضبطا للنفس، معتبرا الحظر "انقلابا يرعاه النظام".
ويعتمد شينكر على تقرير لوكالة "قدس برس"، ليقول إن جماعة «الإخوان» حاولت على ما يبدو التصالح مع عمّان حتى الآونة الأخيرة. وينقل عن "قدس برس"، أن عدة أعضاء من الجماعة المحظورة، بمن فيهم نائب أمين عام «جبهة العمل الإسلامي» علي أبو السكر، قد شاركوا في سلسلة محادثات خلال الأشهر القليلة الماضية مع رئيس مجلس الأعيان المقرب جدا من دوائر القصر الملكي فيصل الفايز في محاولة لرأب الفجوات.
ولفتت مصادر «الإخوان» إلى أنه خلال تلك الاجتماعات، كشف الفايز عن عدة شروط أساسية رسمية لإعادة تأهيل الجماعة، بما فيها: (1) إعلان الولاء للملك عبدالله والمملكة الأردنية الهاشمية، (2) التعهد بالمشاركة في الحياة السياسية من خلال الانتخابات النيابية والبلدية، (3) قطع العلاقات مع جماعة «الإخوان المسلمين» الدولية، لا سيما في مصر، (4) التصالح مع ذنيبات. وأفادت "قدس برس" بأن الجماعة قد قبلت بالمطالب الثلاثة الأولى على الأقل، غير أن الوضع القانوني لـ«الإخوان المسلمين» لا يزال على ما هو عليه.
ويعترف شينكر أن مبادرة "زمزم" التي أطلقها الدكتور رحيل غرايبة تلقى ترحيبا من عمان وواشنطن، لكنها لن تشكل حلا شافيا للمشاكل المرتبطة بالإسلاميين الأردنيين. فعلى سبيل المثال، يعتبر غرايبة أن حزبه الناشئ ليس "ذراعا سياسيا لجماعة «الإخوان المسلمين» المرخصة"، إلا أنّه يبقى شبيها بـ «جبهة العمل الإسلامي» من ناحية واحدة على الأقل: أن "خطة الوطن البديل" هي الشغل الشاغل لبرنامجه، وأن إسرائيل تُعدّ "العدو والخطر الأول الذي يهدد مجتمع المسلمين وكافة الدول العربية"، بالرغم من مرور عقدين على اتفاقية السلام الثنائية.
ويؤكد التقرير أنه في ظل الضغوط الاقتصادية والأمنية المتزايدة المرتبطة باللاجئين السوريين المقيمين حاليا في المملكة، الذين يبلغ عددهم 1.4 مليون سوري، تُفضل عمّان تجنب اشتباك مباشر مع «الإخوان المسلمين». ويرى التقرير أنّ التنظيم تراجع بفعل قمع الحكومة محليا وعدة تطورات خارجية، خصوصا الانقلاب الذي وقع في مصر عام 2013، والذي أطاح بحكومة محمد مرسي التابعة لـ«الإخوان».
وفي كانون الأول/ديسمبر على سبيل المثال، استقال 400 عضو من الحزب من أصل 1500 يكوّنون «جبهة العمل الإسلامي». إلا أن جماعة «الإخوان» أثبتت قدرتها على الصمود في الماضي، وما زالت تتمتع بدعم شعبي واسع في المملكة.
وفضلا عن المخاوف السياسية المحتملة، فإن أي حملة اعتقالات ومضايقات بحق أعضاء «الإخوان» من شأنها إرهاق الخدمات الأمنية المحلية المثقلة بالفعل في الأردن. وفيما تستمر الحرب في سوريا حيث دخلت عامها الخامس، تواجه المملكة تحديا غير مسبوق ناجما عن التطرف المحلي والمخططات الإرهابية.
ففي الشهر الماضي، قتلت القوى الأمنية في إربد ثمانية إرهابيين تابعين لتنظيم «الدولة الإسلامية»، كما يُزعم، كانوا قد بلغوا مراحل متقدمة في التخطيط لهجوم. وفي حين يشكل الفرع المحظور لـ«الإخوان المسلمين» مصدر قلق دائم للقصر الملكي، تخلت الجماعة عن العنف في سياساتها. وبما أنها تفتقر للأموال وتم إقصاؤها عن قيادتها في القاهرة وتركيا وفي ظل التنافس مع خصمها المرخص من قبل الحكومة و"مبادرة زمزم"، لم تعد الجماعة المتمسكة بأفكارها القديمة كما كانت عليه سابقا، بحيث أصبحت تُعدّ مصدر إزعاج أكثر منه تهديدا لعمّان. وفق شينكر.