بتوقيع العاهل السعودي
الملك سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الانقلاب في
مصر عبد الفتاح
السيسي، الجمعة، 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم مصرية - سعودية، في مجالات اقتصادية وصحية وتعيلمية وثقافية.. توقف بشكل رسمي، ولأول مرة، الدعم النقدي المباشر، الذي دأبت
السعودية على تقديمه لنظام السيسي، إن في صورة ودائع أو منح أو قروض، منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.
وتمثل الـ17 اتفاقية حصاد الاجتماعات الخمسة التي عقدها المجلس التنسيقي المصري - السعودي بين القاهرة والرياض خلال العام الماضي.
وأسفر حصاد أول يومين من زيارة الملك سلمان إلى مصر، التي بدأت الخميس، عن الاتفاق على قرابة 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم، حيث شهد سلمان والسيسي توقع 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم منها بين البلدين الجمعة.
وتتضمن الاتفاقيات مشروعات استثمارية وتنموية في مجالات التعليم والصحة والكهرباء والبترول والإسكان والإعلان، أهمها توقيع اتفاقية تمويل لتوريد مشتقات بترولية بين الصندوق السعودي للتنمية والهيئة المصرية العامة للبترول، واتفاق بشأن تنمية سيناء، ومذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ووزارة الاستثمار المصرية.
ولاحظ مراقبون أن السعودية لم تتورط في تقديم أي سيولة مالية جديدة لنظام السيسي، ولو وديعة في البنك المركزي، الذي يعاني من تراجع احتياطاته إلى قرابة 16.5 مليار دولار، على خلاف المعونات المالية السعودية والخليجية التي سبق أن تم إغراق نظام السيسي بها، منذ الانقلاب.
ويأتي ذلك على الرغم مما روجت له صحيفة "الشروق"، الجمعة، نقلا عن مصادر حكومية مصرية لم تسمها، زعمت "وجود انفراجة كبيرة فيما يتعلق بالمساعدات والمنح التي ستقدمها المملكة إلى مصر، لدعم الاحتياطي النقدي للبنك المركزي المصري، بجانب مساعدات أخرى في العديد من المجالات الاستثمارية، وبعض المشروعات التنموية في المحافظات الأولى بالرعاية الاجتماعية"، وفق الصحيفة.
كما يأتي ذلك على الرغم من توقعات سبقت الزيارة بضخ 30 مليار دولار استثمارات جديدة في مصر، بحسب تصريح رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، اللواء السعودي المتقاعد أنور ماجد عشقي، لصحيفة "الوطن" المصرية، الجمعة.
ويأتي على الرغم أيضا من صدور صحيفة "الشروق" بمانشيت يقول: "توقعات بانفراجة في ملف المساعدات السعودية"، مشيرة إلى منح واستثمارات سعودية لدعم الاحتياطي النقدي"، فيما ذكرت "اليوم السابع" أن هناك "23 مليار ريال استثمارات سعودية بمصر.. و1.5 مليار دولار لتنمية سيناء".
كما حرصت صحيفة "البوابة" على أن تقول - نقلا عن مصدر سعودي لم تسمه- إن المفاجأة التي سيعلن عنها الملك سلمان تتمثل في تخفيض الديون المستحقة على مصر، وتقديم دعم مالي لإنعاش اقتصادها، والإسهام في إنقاذ سعر الجنيه أمام الدولار، وذلك بمنح هبة مالية ضخمة للدولة، ووضعها كوديعة في البنك المركزي.
وكان الملك سلمان أعلن حزمة مشروعات خلال السنوات المقبلة تزيد حجم الاستثمارات السعودية في مصر إلى 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى اتفاقيات لتمويل احتياجات مصر البترولية لمدة خمس سنوات، بنحو 20 مليار دولار، وقرض لتنمية سيناء بـ1.5 مليار دولار، فيما بلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر 23 مليار ريال سعودي، حسبما أعلن مجلس الأعمال السعودي- المصري.
وظهر على وجه السيسي، خلال لقائه بالملك سلمان، الجمعة، بالقصر الجمهوري في "الاتحادية"، أمارات الشعور بخيبة الأمل من عدم الحصول على أي سيولة نقدية سعودية، أو بتعبيره "أرز سعودي"، جديد، حتى الآن على الأقل.
وفي المجمل، اتفق الطرفان المصري والسعودي، على تنشيط السياحة، وزيادة أعداد السياح السعوديين، كما أعلن مجلس الأعمال المصري- السعودي عن عدد من المشروعات خلال الزيارة، أهمها الإنتاج الغذائي في سيناء.
وكان السفير السعودي بالقاهرة، أحمد عبد العزيز قطان، قال عبر حسابه على موقع "تويتر" إن "الاتفاقيات الاستثمارية التي ستوقع مساء غد السبت ستحمل أرقامها مفاجأة سارة للجميع".
ويذكر أن تسريبات قناة "مكملين" الفضائية لحوارات السيسي مع مدير مكتبه عباس كامل، حين كان وزيرا للدفاع، وقبل أن يترشح لرئاسة البلاد، (التي أكدت مصادر دولية ودبلوماسية معتمدة صحتها)، قد ورد فيها وصف السيسي لأموال الخليج بأنها "زي الرز"، كاشفا أنه تلقى ما لا يقل عن 40 مليار دولار من دول الخليج، وتحديدا: السعودية، والإمارات، والكويت، وسلطنة عمان، والبحرين.
الاقتصاد أولا
أجمعت وسائل الإعلام المصرية على أن الزيارة سيكون لها مردود إيجابي على الوضع الاقتصادي لمصر من خلال توقيع حزمة من الاتفاقيات الاقتصادية، مما سينعكس إيجابا على الموزانة العامة للدولة التي تعاني من عجز يقترب من 309 مليارات جنيه.
وأسفر حصاد أول يومين من زيارة الملك سلمان إلى مصر، التي بدأت الخميس، عن الاتفاق على قرابة 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم، حيث شهد سلمان والسيسي توقع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم منها بين البلدين الجمعة.
ويوقع الصندوق السعودي للتنمية، غدا السبت، مع وزيرة التعاون الدولي المصرية، سحر نصر، 10 اتفاقيات أخرى تتعلق بمشروعات تنموية في سيناء، يمولها الصندوق السعودي بقيمة 1.5 مليار دولار.
وذكر عضو جمعية رجال الأعمال، يسري الشرقاوي، أنه بالتعاون مع مؤسسة مالية سيتم تأسيس صندوق استثماري بقيمة 3.7 مليارات ريال سعودي.
تفاهمات سياسية في الذيل
جاءت الاهتمامات السياسية في ذيل الزيارة، وتالية للشأن الاقتصادي، وروج الإعلام المصري لما اعتبره وجود "تطابق سياسي"، بين البلدين، دون دخول في التفاصيل، مؤكدا "وجود تنسيق عال بين البلدين في ملف الأزمة السورية، وأنه لا خلافات في وجهات النظر حول القضية اليمنية".
لكن الكاتب الصحفي "عماد الدين أديب" قال في مقاله بصحيفة "الوطن": "أرجوكم لا تتحدثوا عن تطابق"، مشددا على أن الأهم في زيارة الملك سلمان وصوله، والسيسي، إلى تفاهم واضح في مفهوم "المحطة الأخيرة" لإشكاليات المنطقة، وبالذات في حلول ملفات اليمن، وسوريا، والموقف من إيران، على حد قوله.
وأشار إلى أنه من الطبيعي أن تكون هناك تباينات بسبب المصالح المختلفة، أو ترتيب الأولويات لدى كل طرف، وفق رأيه.
دعاية إعلامية واسعة
مارست الصحف المصرية الصادرة الجمعة دعاية واسعة لزيارة العاهل السعودي، واحتفت بها بشدة، مشيرة إلى أنها تستمر خمسة أيام. وسلطت الأضواء على الجانب الاقتصادي منها.
فقالت المصري اليوم: "سلمان في القاهرة.. شراكة تتحدى العواصف.. السيسي يستقبل الملك.. وقمة مصرية سعودية في "الاتحادية" اليوم".
وقالت "الوطن": "الرئيس والملك.. لقاء الرسائل الواضحة"، مضيفة: "السيسي وسلمان يبحثان ملف الأزمات والتعاون الاقتصادي "والسعودي للتنمية يوقع 10 اتفاقيات غدا.. وزيارة قصر العيني والنواب الأحد.. والقاهرة تمنح الملك الدكتوراه الفخرية".
أما "اليوم السابع" فكتبت: "استقبال تاريخي لملك الحزم على أرض الكنانة".. فيما قالت الأهرام: "نقلة استراتيجية في العلاقات المصرية - السعودية.. التعاون الثنائي وقضايا العرب على مائدة السيسي وسلمان".
سلمان في البرلمان
وتقرر أن يخصص مجلس نواب ما بعد الانقلاب جلسته الصباحية يوم الأحد المقبل لزيارة العاهل السعودي.
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر مطلعة بالأمانة العامة للبرلمان أن جدول أعمال الزيارة يتضمن إلقاء الملك السعودي خطبة أمام النواب، في سابقة هي الأولى من نوعها.
واعتبرت "الأهرام" أن "خطاب الملك سلمان أمام البرلمان يأتي تقديرا للملك سلمان، وللمساندة السعودية لمصر، لتنفيذ خارطة الطريق التي تم التوافق عليها بعد ثورة 30 يونيو"، بحسب تعبيرها.
وتتسلم الرئاسة مقر النواب غدا السبت لتأمينه، وقيل إن وفدا برلمانيا سيتوجه لاحقا لزيارة الرياض وأبو ظبي والكويت لما اعتبر "رد الجميل".
الحرس الجمهوري يحرس الملك
ووضعت وزارة الداخلية العاصمة المصرية "القاهرة" تحت الطوارئ، من أجل تأمين زيارة الملك سلمان لقصر الاتحادية، الذي شهد لقاءه مع السيسي الجمعة، علاوة على حراسة مقر إقامة الملك بأحد الفنادق بجاردن سيتي، فيما تولت قوات الحرس الجمهوري التابعة للجيش تأمين الملك، والوفد المرافق له، بمقر إقامته.
قصر العيني.. ودكتوراه.. وجامعة
وتقرر أن يزور الملك سلمان أيضا، مستشفى قصر العيني، القريب من البرلمان، لتفقد أعمال تطوير المستشفى بقيمة 120 مليون دولار.
في المقابل، قررت جامعة القاهرة، التي يتبعها المستشفى، منح درجة الدكتوراه الفخرية للعاهل السعودي.
وأخيرا، أعلنت محافظة جنوب سيناء بدء العمل في إقامة جامعة تحمل اسم الملك.