منذ قرابة ثلاث سنوات وينابيع زيزون وتل شهاب في ريف
درعا الغربي، التي تشكل شلالات قل نظيرها في
سوريا، تتدفق وبغزارة نحو وادي اليرموك، لتصل إلى سد الوحدة على الحدود مع الأردن، ثم لتكمل طريقها نحو بحيرة طبريا في فلسطين المحتلة، دون أن تعود لأهالي درعا، أي فائدة من هذه
المياه التي تنبع من ضفاف وادي اليرموك؟
مؤخرا بدأت تعلو أصوات الأهالي حول المياه التي تذهب هدرا من درعا باتجاه الأردن و"إسرائيل"، في حين يعاني المزارعون نقصا شديدا في مياه الري، إضافة لعشرات القرى التي تعاني العطش، خاصة في ريف درعا الشرقي.
وفي هذا السياق، يقول محمد الزعبي، أحد سكان المنطقة وموظف سابق بمديرية الري في درعا، إن "السبب في هدر المياه يعود لغياب الإدارة المحلية عن المنطقة. فينابيع زيزون وتل شهاب كانت بالقرب منها مضخات تقوم بنقل المياه إما للري أو للشرب لبعض قرى ومدن المحافظة، لكن تلك المضخات تمت سرقتها أو تخريبها، ما جعل المياه تتدفق نحو وادي اليرموك؛ لتستفيد منها إسرائيل، ووجدت منها مياه مجانية تأتيها من سوريا المدمرة"، كما قال.
وأوضح الزعبي في حديث مع "عربي21"، أن "معظم المياه تتدفق نحو سد الوحدة على الحدود بين سوريا والأردن"، مضيفا: "كما هو معروف، اتفاقية السد التي وقعت عام 2003 مع الأردن تعطي لسوريا الحق بـ75 في المئة من كهرباء السد البالغة 18800 ميغاواط سنويا، و25 في المئة من مياه السد الذي يتسع لنحو 110 مليون متر كعب، وهو ما لم نجده إلى الآن من الجانب الأردني".
وقال: "لا يمكن أن نوجه اللوم للعدو إسرائيل، فهو بالنهاية يدرك أن أي قطرة مياه تأتيه من سوريا عبارة عن مكسب.. اللوم حين نرى الشقيق في الجانب الأردني، وقد تبرأ بشكل أو بآخر من اتفاقية وقعت بينه وبين الدولة السورية، وبالتالي الاتفاقية لا تمثل نظاما إنما دولة".
وأشار الزعبي إلى أن "سـد الوحدة يفتح نصف أوقات العام تقريبا، حيث تتدفق المياه باتجاه الجولان المحتل، ومن ثم إلى بحيرة طبريا، لتكون إسرائيل قد وصل إليها ماء مجاني عذب من سوريا، ويعود السبب لكثرة الروافد التي تغذي السد، فخلال خمسة أو ستة أشهر بالإمكان أن يمتلئ".
من جهته، يقول المهندس أبو صهيب أبازيد، وهو مسؤول في مديرية المياه والري التابعة للحكومة السورية المؤقتة: "لا يوجد هناك رفض رسمي من السلطات الأردنية لتنفيذ الاتفاقية المبرمة مع الجانب السوري فيما يخص سد الوحدة، لكن بطبيعة الحال كميات المياه المخزنة بالسد كافية وكبيرة جدا لتغطية حاجة المزارعين ومياه الشرب في درعا".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن الأمر يحتاج إلى مجموعات ضخ لتركيبها على السد وإعادة المياه، كما أن السد لم ينتهِ حتى الآن، وإنما هناك مرحلة أخرى من أجل الاستفادة من تدفق المياه لاحقا لتوليد الكهرباء للمناطق المحيطة بالسد من الجانب السوري".
وحول الحلول المقترحة، أكد المهندس أبا زيد أنه "تم، عن طريق وزارة البنى التحتية في الحكومة السورية المؤقتة رفع مشروع محطات توليد طاقة بقدرة ستة كيلو فولط عن طريق صندوق إعادة إعمار سوريا، لتشغيل محطات ضخ
ينابيع الأشعري وزيزون وتل شهاب، وكذلك إعادة تأهيل محطات ضخ في مناطق أخرى وتشغيلها من جديد؛ من أجل الحصول على تخزين جيد من مياه الري ضمن
السدود التي لا تزال ضمن الخدمة، وأيضا من أجل نقل مياه الشرب من الينابيع للقرى والمدن، لكن إلى الآن لم يتم البدء بالمشروع، علما أنه تمت الموافقة عليه، وتم اعتماد الدراسة الفنية والمالية والمخططات للمشروع".
وفيما يخص الصعوبات، يقول المهندس أبا زيد: "يواجه العمل بمجال الري ونقل مياه الشرب في محافظة درعا صعوبات كثيرة، منها سرقة العديد من محطات الضخ وخروجها عن الخدمة، وانقطاع التغذية الكهربائية المتواصل، إضافة لغياب الحراسة لمناطق الضخ، وهو ما يجعل الحاجة ماسة لجهود إضافية من قبل فصائل الجيش الحر لفرز عناصر من أجل الحراسة".
ويبلغ معدل تدفق مياه شلالات زيزون وتل شهاب نحو 20 مترا مكعبا في الدقيقة، بحسب محمد الزعبي، حيث لا يستفيد أهالي درعا سوى من نسبة تقل عن واحد في المئة منها، وذلك من خلال وضع مضخات صغيرة تعمل بالديزل بالقرب من الينابيع؛ لنقلها إلى الأراضي الزراعية القريبة.
يشار إلى أن منطقة وادي اليرموك بريف درعا الغربي من أكثر مناطق سوريا غزارة بالينابيع، وتغطي مياه الشرب لنحو مليوني سوري في محافظتي درعا والسويداء، كما تعدّ من أكثر مناطق البلاد تصديرا للخضروات بأنواعها، لا سيما أن تربتها تتميز بالخصوبة مع كثرة المياه فيها.