كتب المسؤول السابق في شؤون الإرهاب في الخزانة ونائب مدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر، تقريرا نشره موقع دورية "فورين أفيرز"، قال فيه إن
حزب الله سيكون الخاسر الأكبر من رفع العقوبات عن
إيران، بموجب
الاتفاق النووي الذي وقع في تموز/ يوليو العام الماضي.
ويقول الكاتب إن "قرار إعادة 100 مليار دولار من الأموال المجمدة إلى إيران، قد تكون أسوأ شيء حدث، منذ سنوات، للجماعة اللبنانية الإرهابية حزب الله، وإن تحدث الأخير في العلن عن دعمه للاتفاق".
ويشير التقرير إلى أن إيران تقدم سنويا للحزب ما بين 100 إلى 200 مليون دولار، لافتا إلى أنه مع رفع العقوبات قد يصل جزء من الأموال المفرج عنها إلى سهل البقاع، الذي يسيطر عليه الحزب، ويمكن أن تتحول الأموال إلى أسلحة جديدة وبرامج تدريب وإلى مواد أخرى.
وتستدرك المجلة بأن الدعم المالي يأتي وقت قررت فيه الدول الخليجية المنافسة لإيران عقاب الحزب؛ لتغذيته الحروب الطائفية في المنطقة، مشيرة إلى أن دور حزب الله على الجبهة الأمامية في الجهود لدعم الديكتاتور في
سوريا لم تمر دون أن يلاحظها أحد، بالإضافة إلى التقارير لدعم الحزب للمتمردين الحوثيين في اليمن، وهي الجماعة الوكيلة الأخرى لإيران، التي تريد الإطاحة بالحكومة السنية هناك.
ويلفت شانزر إلى القرار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي بداية هذا الشهر بتصنيف حزب الله جماعة إرهابية، حيث اتخذت خطوات لتجميد أصوله المالية، مشيرا إلى أن هذه الخطوات جاءت بعد قرارات مماثلة اتخذتها
السعودية والبحرين، كما احتلت الرياض عناوين الأخبار عندما قررت إلغاء الدعم الذي تعهد به الملك عبدالله للجيش اللبناني والمؤسسة اللبنانية بمبلغ ثلاثة مليارات، حيث قالت إن الجيش أفسده تدخل حزب الله.
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الجامعة العربية قررت الأسبوع الماضي تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، لافتا إلى أنه تطور مدهش، خاصة أن الحزب اشتهر في العالم العربي بكونه الحزب الذي وقف ضد إسرائيل، وأجبرها على الانسحاب من لبنان عام 2000، وواجهها في حرب تموز/ يوليو 2006.
وتجد المجلة أن الدول العربية مستعدة لرمي حزب الله، فقد أبدى كل من العراق ولبنان تحفظات على قرار تصنيف حزب الله جماعة إرهابية، مستدركة بأن الجامعة العربية كانت واضحة بأن معظم الدول العربية تدعم قرار مجلس التعاون الخليجي، وتجميد أموال الحزب، ومنعه من قطاع الأعمال.
ويبين الكاتب أن حزب الله يتلقى المعاملة ذاتها من الغرب، حيث قامت الدول الغربية، مثل أستراليا وكندا وفرنسا وهولندا ونيوزلندا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بتصنيفه بطريقة أو بأخرى بأنه منظمة إرهابية.
ويفيد التقرير بأن الكونغرس الأمريكي قام بتمرير قرار يدعم جهود الخزانة الأمريكية لملاحقة أموال الحزب ونشاطاته المالية الخارجية، ولديه القدرة على فرض عقوبات ضد المؤسسات المالية التي تجري تعاملات تجارية مع حزب الله.
وتوضح المجلة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لا توجد بينه وبين واشنطن أرضية مشتركة هذه الأيام، واع لخدمة سياسات بلده، ففي بداية هذا الشهر قرر الزعيم الروسي القوي وقف تسليم شحنة من الصواريخ الروسية "أس-300" أرض جو، التي قد تكون مغيرة لقواعد اللعبة، وتحمي المنشآت النووية الإيرانية، وقررت روسيا وقفها عندما قدمت إسرائيل معلومات أمنية إلى موسكو، قالت فيها إن طهران قامت بتزويد حزب الله صواريخ "أس إي-22".
ويرى شانزر أن إسرائيل لديها مصلحة في وقف وصول شحنات أسلحة لحزب الله، الذي خاضت معه عبر السنين جولات من المواجهات، مستدركا بأن خشية إسرائيل الحالية نابعة من حصول الحزب على أسلحة جديدة بسبب رفع العقوبات عن إيران، بشكل يجعله جاهزا أكثر من السابق، حيث قدرت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ترسانة الصواريخ التي يملكها الحزب بحوالي 100 ألف إلى 150 ألف صاروخ.
وتكشف المجلة عن أن هناك تقارير تشير إلى أن إسرائيل تقوم بالعمل على خطط للقضاء على حزب الله بطريقة حاسمة في النزاع المقبل، لافتة إلى أن مسؤولين إسرائيليين أكدوا هذا الأمر، وقالوا إنه بسبب الدعم الذي قد يتلقاه حزب الله نتيجة للاتفاق النووي الإيراني، ولهذا أصبح القضاء على حزب الله تحديا عسكريا عاجلا ومباشرا لإسرائيل.
ويورد التقرير أن المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأن حزب الله ليس منظمة إرهابية فقط، لكنه قوة عسكرية بالمعاني كلها، وهو جيش مكون من حوالي 40 ألف مقاتل، ولديه نظام دفاعي وقنوات اتصالات وطائرات دون طيار، مستدركا بأنه رغم أن هذه القدرات لا يتم الحديث عنها بشكل صريح، إلا أن احتمال هجمة وقائية مفاجئة إسرائيلية ضد الحزب غير مستبعد.
ويذكر الكاتب أنه مع هبوب ريح الحرب تجاه إسرائيل، فإن حزب الله يقاتل اليوم معركة إيران في سوريا واليمن، مشيرا إلى أن الحرب تركت آثارها على الحزب، حيث تقول التقارير القادمة من سوريا إن الحزب نشر ما بين ستة آلاف إلى ثمانية آلاف مقاتل في الحرب، وخسر حتى الآن حوالي 1300 مقاتل.
وتختم "فورين أفيرز" تقريرها بالقول: "معزول ومدم، رد الحزب بالهجوم على السعوديين والإسرائيليين، الذين وصفهم بأنهم (المحور الصهيووهابي)، ولا توجد مؤامرة في هذا، لقد اكتسب حزب الله هؤلاء الأعداء وهم ملتزمون بمنع تقوية حزب الله؛ بسبب رفع العقوبات عن إيران، وهم ليسوا وحدهم على ما يبدو".