بدأت في نهاية الأسبوع أعمال إزالة النفايات المتراكمة منذ الصيف الماضي في
لبنان عملا بخطة مثيرة للجدل لإنهاء أزمة أثارت تظاهرات عارمة إزاء عجز السلطات.
وكانت عشرات الشاحنات تنشط، منذ فجر اليوم الأحد، في رفع أكياس النفايات التي بدت في صور ملتقطة جوا كنهر طويل في جديدة المتن شمال العاصمة
بيروت. كما جمعت النفايات المرمية على جوانب نهر بيروت الشديد التلوث أصلا.
لكن بالرغم من انطلاق هذه الأعمال لم يخمد الجدل بشأن هذه الأزمة، حيث يعتبرها خبراء وناشطون في المجتمع المدني حلا مؤقتا يعتمد على إعادة فتح مطمر الناعمة (جنوبي بيروت) لمدة شهرين، في قرار اتخذته الحكومة في 12 آذار/ مارس.
إلا أن إغلاق هذا المطمر الأكبر في البلاد في تموز/ يوليو كان شرارة الأزمة الأخيرة، حيث أدى إلى تكدس أطنان النفايات على جوانب الجادات والطرقات وفي مجاري الأنهار وعلى ضفافها وحتى في غابات بلد الأرز ووديانه.
هذه الفضيحة دفعت بعشرات آلاف اللبنانيين إلى الشوارع في تعبئة عابرة للطوائف والانتماءات عبرت عن ضيق صدر السكان إزاء الفساد المستشري وتعطل الدولة وشلل المؤسسات السياسية.
ورأى محللون في الأزمة انعكاسا لشلل المؤسسات الرسمية في لبنان الذي يفتقر إلى رئيس للجمهورية منذ عامين بسبب الخصومات السياسية الحادة التي زادت من حدتها الحرب في سوريا المجاورة.
رغم توالي الاجتماعات فشلت الحكومة في اتخاذ قرارات على مدى طويل فيما لوح رئيسها تمام سلام بالاستقالة.
إضافة إلى إعادة فتح مطمر الناعمة، تنص الخطة المعلنة على فتح مطمرين جديدين في برج حمود المنطقة ذات الأكثرية الأرمنية شمالي بيروت وعلى شاطئ كوستا برافا جنوبها، وذلك لمدة أربع سنوات يجري فيها العمل على حل دائم.
لكن هذه الإجراءات المؤقتة أثارت سخط ناشطي حملة "طلعت ريحتكم" التي دعت إلى تظاهرات الصيف الفائت، فأغلقوا الاثنين لفترة قصيرة طرقا مؤدية إلى بيروت احتجاجا.
وصرح المهندس البيئي زياد أبي شاكر المتخصص في إعادة تدوير النفايات الصلبة أن "هذه الخطة غير مقبولة لأن الأزمة بدأت تماما هكذا". وأوضح "أن نقل (السلطات) النفايات إلى موقع لطمرها يعني أنها تتجاهل الأزمة الجارية منذ ثمانية أشهر. هذه عودة إلى نقطة الانطلاق".
وتنص الخطة كذلك على متابعة العمل بعد أربع سنوات من خلال حرق النفايات الذي اعتبر أبي شاكر أنه "يزيد الطين بلة لأن الحرق أسوأ من الطمر".
ويؤكد خبراء بيئيون وناشطون أن حل المشكلة ممكن من خلال إعادة تدوير الجزء الأكبر من النفايات، على عكس ما يحدث الآن.
كما ينتقدون بحدة جشع السياسيين الذين لا يسعون بحسب قولهم إلا إلى ضمان حصصهم من الأرباح المحتملة من السوق الهائلة لقطاع معالجة النفايات.
قبل شهر حورت حملة "طلعت ريحتكن" المدنية إعلانا صادرا عن وزارة السياحة يشيد بالثروات الطبيعية اللبنانية في صور ملتقطة من الجو. ويظهر فيديو الحملة الذي تم بثه على شبكات التواصل الاجتماعي مشاهد بانورامية لجبال من النفايات تمتد على مئات الأمتار مثل الأنهر وسط الغابة وفي الوديان أو تحت الجسور.
غير أن كثرة الحركة المدنية خفت مع مر الشهور بالرغم من تفاقم الأزمة، رغم استمرارها في التنديد بالطبقة السياسية واتهامها بالفساد والعجز عن توفير الخدمات الأساسية.
في الواقع، بعد 25 عاما على نهاية الحرب الأهلية، ما زال لبنان يشهد انقطاعات كثيفة للكهرباء، فيما تعاني مناطق كثيرة كل صيف من انقطاع للمياه، لا سيما بيروت العاصمة. فبالرغم من أن لبنان من أكثر دول الشرق الأوسط وفرة للمياه ما زال يفتقر بشكل حاد إلى خطط لإدارة المياه.