حملت زيارة القنصل الأمريكي في البصرة جنوب
العراق، إلى جرحى مليشيات
الحشد الشعبي الشيعي الراقدين في أحد مستشفيات المحافظة، رسائل تحذير سياسية عدة أرادت واشنطن أن توجهها إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما المملكة العربية
السعودية، حسبما فسرها مراقبون.
وقال القنصل الأمريكي ستيف ووكر، السبت الماضي، أثناء زيارته لجرحى "الحشد" في إحدى مستشفيات البصرة، إن "الولايات المتحدة تعترف بالمساهمة المهمة التي يقدمها الحشد الشعبي"، مؤكدا أن "حكومة بلاده تشيد بما قدمه الحشد الشعبي من مساهمة مع قوات الجيش العراقي في تحرير بعض المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة"، وفق تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام محلية.
وبحسب مراقبين، فإن زيارة المسؤول الأمريكي هذه تعد في الحسابات السياسية الرسمية، الأولى من نوعها التي تهدف واشنطن من خلالها إلى الاعتراف رسميا بمليشيات الحشد الشعبي منذ إعلان تشكيلها بدعوة من المرجعية الشيعية في النجف عام 2014، بحجة التصدي لتنظيم الدولة ووقف زحفه إلى باقي محافظات العراق، بعدما سيطر التنظيم على ثلث مساحة البلد خلال أشهر قليلة.
تحذيرات للسعودية
من جهته، قال الناطق الرسمي للحراك الشعبي السني في العراق، الشيخ فاروق الظفيري، إن "زيارة القنصل، لجرحى الحشد، تحمل العديد من رسائل التحذير إلى
دول الخليج، خاصة السعودية، بأن الحشد غير مشمول بقراراتكم على حزب الله، فضلًا عن طمأنة الجانب الأمريكي للحشد الشعبي بأنه غير مستهدف في الحقيقة، وأن له دورا كبيرا في العراق.
وكانت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قررت في 2 آذار/ مارس الجاري، اعتبار "حزب الله" اللبناني، بكافة قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه، منظمة إرهابية.
وأضاف الشيخ الظفيري وهو عضو الأمانة العامة لائتلاف القوى السنية العراقية، في تصريح خاص لـ"
عربي21"، أن "هذه الزيارة تؤكد أن هناك قرارا استراتيجيا أمريكيا إيرانيا لدعم هذه المليشيات الإرهابية، وتبين حقيقة مساعدة الحشد الشيعي للمخطط الأمريكي في العراق".
وأشار إلى أن زيارة المسؤول الأمريكي كشفت النقاب عن وجه الولايات المتحدة الأمريكية "الكالح"، بأنها تدعي محاربة الإرهاب وتدعم مليشيات الحشد الشعبي الإرهابية التي أدينت من منظمات دولية لارتكابها جرائم حرب بحق المكون السني، في محافظات بابل وصلاح الدين وديالى وغيرها من مدن أهل السنة في العراق.
وتساءل: "كيف يصرح القنصل الأمريكي وهو يمثل دولة تدعي محاربة الإرهاب، بالقول لجرحى مليشيات الحشد الشعبي (نحن معجبون بكم وبتضحياتكم)؟".
ورأى الظفيري أن "قرار مجلس التعاون الخليجي تجاه حزب الله، ومحاصرته سياسيا واقتصاديا، أحدث ارتباكا كبيرا وخوفا كبيرا للمليشيات الشيعية بالعراق، لأنهم كانوا يتوقعون أن هذا القرار جاء بضوء أخضر أمريكي، وأن الدور قادم عليهم، فكانت زيارة القنصل الأمريكي لجرحى الحشد الإرهابي لتقول لهم أحسسنا بتخوفكم، وها نحن نزوركم لكي تطمئنوا، ونوصل رسالة إلى السعودية ودول الخليج مفادها أن الحشد الشيعي في العراق خط أحمر".
وتسببت زيارة القنصل للحشد، بإحراج لبعض القيادات الشيعية، وخصوصا بعد اتهامات كثيرة وجهتها عدد من تلك القيادات لأمريكا بأنها تتعمد باستهداف الحشد ومنعه من المشاركة في معارك ضد تنظيم الدولة، فقد دفع ذلك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى دعوة قيادات الحشد الشعبي للتبرؤ سريعا من تلك الزيارة، مهددا بالقول: "وإلا فسنكون في خندق غير خندقهم ولقد أعذر من أنذر"، بحسب بيان له.
وفي المقابل، فقد وصف عضو هيئة الرأي في هيئة الحشد الشعبي كريم النوري، في تصريح له الأحد، زيارة القنصل الأمريكي لجرحى الحشد الشعبي بـ"الإيجابية"، واعتبرها "اعترافا دوليا" بالحشد.
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة أمريكية كشفت في وقت سابق، أن إدارة أوباما تضغط على المملكة العربية السعودية حتى لا تتخذ المزيد من الخطوات لمعاقبة لبنان اقتصاديا، انتقاما من الدور السياسي المتزايد لحزب الله في لبنان المدعوم من إيران، بحسب مسؤولين أمريكيين وعرب.
وقالت "وول ستريت جورنال" في تقرير لها ترجمته "
عربي21"، إن "النزاع حول لبنان أحدث شرخا ظاهرا في السياسة الخارجية بين واشنطن والرياض، الحليفين منذ عشرات السنين، ولا سيما في ما يتعلق بالدور الإقليمي لإيران ووكلائها".