أكد
عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة هشام قنديل، أن استقبال
مصر لوفد رفيع المستوى من حركة المقاومة الإسلامية
حماس، التي تم اتهامها منذ أيام بالضلوع في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، يؤكد أن هناك صراع وخلافات "كبيرة" بين أجهزة الدولة المصرية المتمثلة في
المخابرات العامة، والأمن الوطني، والمخابرات الحربية، متسائلا: "من يحكم مصر؟ ومن هو صاحب القرار؟".
ووصل، السبت، وفد رفيع المستوى من حركة "حماس" إلى القاهرة للقاء المخابرات المصرية، وضم الوفد نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وأربعة من أعضاء المكتب السياسي، هم محمود الزهار، وعماد العلمي، وخليل الحية، ونزار عوض الله.
وتأتي زيارة وفد "حماس" بعد 6 أيام فقط من اتهام وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار أعضاء بالحركة بالتورط مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية في اغتيال النائب العام بالقاهرة في 29 حزيران/ يونيو 2015، فيما نفت حركة حماس ضلوع أعضائها في الاغتيال.
وقال "دراج"، في تصريحات لـ"
عربي 21": "من المعروف للجميع أن النظام المصري الحالي يقوم بحصار قطاع غزة وحركة حماس التي يعتبرها من ألد أعدائه، ومؤخرا بدأ يحدث تقارب بين تركيا وإسرائيل، وكان من أهم شروطه هو فك حصار غزة وتخفيفه، وإسرائيل لديها مصلحة في هذا التقارب، وهي على وشك توقيع اتفاق مع تركيا يتضمن هذه الشروط، التي على رأسها إنشاء ميناء بحري في غزة، ليتم تسريع عمليات الإعمار وتوفير العمل لآلاف الغزيين".
وأضاف: "حينما يحدث ذلك، سيُسحب من مصر ورقة هامة جدا، وهي قدرة القاهرة في السيطرة على حصار غزة، لأن الاتفاق التركي الإسرائيلي سيساهم في فك هذا الحصار، وهو ما لا تريده مصر التي اعترضت بنفسها لدى إسرائيل على هذا الاتفاق، من أجل إفشال رفع الحصار عن غزة، لكن بعدما اتضح أن هذا الاتفاق ماضي وفي طريقه إلى أن يصبح واقعا، وأنه سيعطي قوة لحركة حماس، قامت المخابرات المصرية بمحاولة إعادة التواصل مع حماس مرة أخرى، حتى لا يخرج هذا الملف من يديها".
كما أشار "دراج" إلى أن ملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس كانت المخابرات المصرية ترعاه دائما، وتتمسك به، باعتبار أنه يمنحها ورقة قوة، إلا أنه حدث مؤخرا تقدم في ملف المصالحة في الاجتماعات التي تمت مؤخرا داخل دولة قطر، وبالتالي رأت المخابرات العامة أن الأمر سيخرج تماما من يديها، حيث سيتم رفع الحصار عن غزة، ولن يكون لها علاقة بملف المصالحة.
وتابع: "وهذا يعني أن قيمة مصر تقل بالتدريج، والدعم الذي يحصل عليه النظام المصري من جهات مختلفة سيتأثر بشدة بهذه الاتفاقيات والتطورات، وبالتالي بدأ جهاز المخابرات العامة اتصالات على أعلى مستوى مع حماس من أجل استعادة هذا الملف وكي لا يخسر كثيرا".
وذكر أن "المخابرات العامة وجهت دعوة لحماس منذ أيام قبل مؤتمر انعقاد مؤتمر وزير الداخلية، ثم خرج مجدي عبدالغفار الذي يمثل جهاز أمن الدولة باتهامات مرسلة وعبثية وجهها لحماس والإخوان، في توقيت هدفه إفشال التقارب الذي كان من الممكن أن يحدث بين المخابرات العامة وحماس، حيث تم اتهامها باغتيال النائب العام، وتم شن هجوم شرس عليها في وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة أمن الدولة".
واستطرد: "بالطبع هم (وزير الداخلية وأمن الدولة) اعتقدوا أنه بذلك نجحوا في إجهاض زيارة وفد حماس، فكيف للمخابرات أن تستقبل من يزعمون أنهم إرهابيون؟ إلا أن ما حدث عكس ذلك، وهذا يثبت بوضوح اختلاف التوجهات الرئيسية لما يسمى بالأجهزة السيادية بالدولة، حيث كانت التوقعات ألا تحدث هذه الزيارة".
وأكد "دراج" أن استقبال وفد حماس، رغما عن إرادة "الداخلية" و"الأمن الوطني" الذي هو أحد الأذرع التي تحكم مصر الآن، يؤكد أن المخابرات العامة لا تلتفت إلى تلك الاتهامات التي كانت تتطلب متابعة حماس عن طريق الإنتربول الدولي بالنسبة لهم، بدلا من استقبالهم بوفد رفيع المستوى، ومن خلال معبر رفح.
ونوه إلى أن هناك تقارير ودلائل كثيرة تؤكد وجود صراع الأجهزة "الثلاثي" (المخابرات العامة، والحربية، وأمن الدولة)، على ملفات مختلفة مثل البرلمان، والإعلام، والاقتصاد، وحماس، وغيرها من القضايا، مشددا على أنه لا يوجد شخص واحد في مصر يملك كل الخيوط والملفات في يديه ويسيطر عليها.
وحول موقع رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي من صراع الأجهزة، قال: "من المفترض أن يكون أي رئيس للدولة فوق كل هذه الأجهزة ويتحكم فيها ويصدر لها التعليمات والأوامر، وأن أي قرار لتلك الأجهزة لابد أن يكون بموافقته واعتماده، لكن أن تأخذ جهة قرارات ما وتطلق اتهامات خطيرة بحق حماس، وجهة أخرى تستقبل الحركة -رغم تلك الاتهامات- يؤكد أن السيسي غير مسيطر على هذه الجهات".
ولفت إلى أن كل جهاز من هذه الأجهزة الثلاث بمثابة دولة داخل الدولة، ويمثلون مراكز قوى مختلفة، وأنهم جميعا يعملون وفق مصالحهم ومن يحركهم سواء في الداخل أو الخارج، دون اعتبار لوجود عبد الفتاح السيسي، وبالتالي فهو (السيسي) غير مسيطر بشكل كامل على الحكم، وهو ما ينعكس على قرارات اقتصادية وسياسية وأمنية متضاربة ومتناقضة، في حين أنه كان يجب أن تكون قرارات الدولة متناغمة ومتسقة مع بعضها البعض.
وتوقع دراج، الذي يرأس المكتب السياسي للإخوان المسلمين في الخارج؛ تصاعد واستمرار صراع الأجهزة المصرية خلال الفترة المقبلة، بما يشكل خطورة كبيرة على أمن واستقرار البلاد، وهو ما سيؤدي إلى حالة من الفوضى التي ستدمر البلاد.
ورأى أن هذه الأجهزة المصرية لها "امتدادات وعلى تواصل مع جهات إقليمية ودولية، رغم عدم توفر المعلومات الكاملة، لكن الشواهد والتحليل يثبت ذلك، خاصة أن كل جهاز يعتبر نفسه حاليا هو رأس الدولة، وبالتالي فهو يستعين بأي أدوات أو جهات لإحكام سيطرته من خلالها".
وطالب "دراج" رافضو الانقلاب العسكري بأن يكونوا أكثر توحدا وتوافقا فيما بينهم على رؤية شاملة لإسقاط الانقلاب، وأن يكون لديهم هدف ومشروع واحد لتقليل وإنهاء فترة بقاء السيسي في الحكم، مؤكدا أن نظام السيسي في حالة ضعيفة، ومتشرذم بقدر كبير، مما يعجل بنهايته.