استهجنت العديد من المنابر الإعلامية التابعة للمعارضة السورية القرار الصادر عن النظام السوري حول عدم شمول مدينة
داريا بريف دمشق في اتفاق الهدنة المبرم بين الأمريكان والروس بعد تذرعه بتواجد "جبهة النصرة" في المدينة، الأمر الذي نفته مصادر ميدانية في المدينة، مشيرة إلى أن داريا خارج الهدنة لوقوعها ضمن الأهداف الإيرانية التوسعية في
سوريا لا بذريعة النصرة كما أشيع فيما سبق.
الناشط الميداني في المدينة "مهند أبو الزين"، أشار إلى إن من يقاوم الأسد وروسيا وإيران على جبهات المدينة هم أبناؤها وأبناء جيرانها "المخلصين" وغالبيتهم من الشباب الجامعي والمثقفين وطلبة العلم، كما أن جبهة "النصرة" لا تخفي وجودها بأي منطقة تنتشر فيها وفي داريا لم يخرج أي علم من أعلام الجبهة بداخلها.
وقال "أبو الزين" في تصريح لـ"
عربي21": "تصريحات النظام السوري باستثناء داريا من الهدنة المرتقبة، واتهامها بوجود جبهة النصرة فيها، ما هو إلا تأكيد جديد على أن عملية وقف النار في سوريا ما هي إلا عملية التفاف وحشد جميع القوى تجاه المناطق الأكثر أهمية واستعصاء على النظام وحلفائه كـ (داريا) وغيرها".
وأوضح الناشط الميداني: "إحدى الأسباب التي جعلت نظام الأسد يصدر مثل قرار كهذا وإخراج داريا من الاتفاق هو احتواء المدينة على ما يسمى بـ "مقام سكينة" ذي الأهمية البالغة للمشروع الإيراني في عموم المنطقة العربية".
وأضاف الناشط الميداني: "لقد حاولت قوات
حزب الله وإيران مرارا السيطرة على المقام، ولكن عندما وصلت إلى مرحلة العجز التام بالتقدم نحوه، قامت بتدميره بالبراميل والصواريخ ولم يبق منه إلا بعض الأحجار المدمرة، لكن يبقى اسمه حجر أساس لما تخططه إيران في المنطقة".
واستطرد "أبو الزين": "مدينة داريا بشكل كلي مهمة للنظام ولمشروع إيران الطائفي بمشاركة ودعم روسيا لتقسيم سوريا، وبقاء داريا خارجة عن السيطرة يعرقل هذه المشاريع ومشاريع آخرى مخفية للتغيير الديمغرافي خاصة أن داريا محاطة بأهم الثكنات العسكرية وإدارة العمليات للنظام وكونها إحدى أهم بوابات دمشق".
أما على الصعيد العسكري فقد أكد المصدر، أن "لواء شهداء الإسلام ينتشر على أكثر من 70% من جبهات داريا، ويشاركه القتال في بقية الجبهات الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وهما الفصيلان العسكريان الوحيدان في داريا، وإن كنا نتحدث عن نموذج ثوري في ثورة السوريين على الصعيد التنظيمي والإداري في العمل السلمي أو المسلح في داريا فإنها كانت ومازالت هي النموذج الأنقى وبشهادة من يحاربها".
وكان مصدر عسكري تابع للنظام السوري برتبة عميد موجود في منطقة محدودة يسيطر عليها الجيش السوري في داريا، قال إن "الجيش السوري ملتزم بقرارات القيادة السورية بوقف إطلاق النار، الذي لا يشمل المناطق التي تقاتل فيها جبهة النصرة وتنظيم الدولة"، وأضاف: "وبالتالي فإن مدينة داريا غير مشمولة بقرار وقف العمليات العسكرية، لأن جبهة النصرة أحد الفصائل المقاتلة داخل المدينة".
بدوره قال مدير المكتب الإعلامي في المجلس المحلي بالمدينة "كرم الشامي": "منذ قرار ميونخ بإدخال المساعدات إلى جميع المناطق المحاصرة، عمل النظام على عدم إدخال مساعدات إلى مدينة داريا بحجة أنها منطقة عسكرية لا مدنيين فيها، وعندما صدرت موافقة الثوار على الهدنة أراد النظام أيضا أن يستثني مدينة داريا بحجة جديدة وهي وجود جبهة النصرة فيها".
وأضاف "الشامي": "طبعا جميعها حجج واهية لا صحة لها، فمنذ أيام احتشد عدد كبير من أهالي المدينة من نساء وأطفال لكشف كذب النظام وتلاعبه، والجميع يعلم أن كل المقاتلين في داريا هم سوريون من أبناء المدينة يقاتلون ضمن فصيلين فقط هما لواء شهداء الإسلام والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام ولا وجود لأي فصيل آخر".
ورأى مدير المكتب الإعلامي بأن هناك عدة أسباب تجعل هناك خصوصية كبيرة لمدينة داريا في الثورة السورية، فهي لا تبعد عن قلب العاصمة دمشق سوى سبعة كيلومترات وعن القصر الجمهوري للنظام سوى أقل من خمسة كيلومترات، وفي داريا مقام شيعي أرادت الميليشيات الطائفية وبدعم من النظام السيطرة عليه من خلال سبع عمليات عسكرية كبيرة لاقت الفشل الذريع وقتل عدد كبير من الميليشيات الطائفية، فمن الممكن أن يكون هناك ضغط إيراني شيعي على استمرار العمليات في داريا لبسط سيطرتهم عليها".
وأضاف أن النظام منذ ثلاثة أشهر مستمر بحملة عسكرية كبيرة يقودها ويخطط لها ضباط روس حسب معلومات من عدة مصادر موثوقة، وظهر في تقارير عديدة على القنوات الروسية استخدام النظام لأحدث المعدات والتقنيات الروسية، وتكاد طائرات الاستطلاع الروسية لا تفارق سماء مدينة داريا، وفي حال حدثت هدنة مع استثناء داريا سيستطيع أن ينفرد بالمدينة خلال الحملة الأخيرة. وبمساعدة الروس استطاع النظام الفصل بين داريا والمعضمية، كما استطاع التقدم في محيط تلك الجبهات، وهو أول تقدم لقوات للنظام في داريا منذ أربع سنوات، فقد يكون هناك أيضا إرادة روسية لإنهاء ملف داريا وإخراجها من حسابات الثورة السورية.
وكانت طهران وحرسها الثوري يبرران، وكذلك حزب الله اللبناني وحلفاؤهم من الميليشيات الشيعية قتالهم وتواجدهم في سوريا بحجة وذرائع حماية "المقدسات الدينية الشيعية"، ويعد مقام "
السيدة سكينة" أحد أهم تلك المقامات الشيعية الخارجة عن سيطرة الحرس الثوري ومن يسانده من ميليشيات طائفية في عموم المدن السورية.