استشهد الأسير الفلسطيني المحرر
عمر النايف داخل مقر السفارة الفلسطينية في
بلغاريا، بعد تحصنه لأكثر من ثلاثة أشهر خوفا من قيام السلطات البلغارية بتسليمه للسلطات
الإسرائيلية التي تطالب به.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقلا عن السفير الفلسطيني في بلغاريا أحمد المذبوح قوله، إنه عثر على النايف مصابا بجروح بالغة في الجزء العلوي من الجسم وتم استدعاء الإسعاف، لكنه للأسف فارق الحياة.
وأضاف أن "المؤشرات الأولية تظهر أن النايف لم يصب بالرصاص، وتم العثور عليه في حديقة السفارة وليس بداخلها".
واتهم مسؤول في السلطة الفلسطينية رفض الإفصاح عن اسمه جهاز الموساد الإسرائيلي باغتيال النايف لـ"الأناضول".
بدورها قالت عائلة النايف إن الشهيد ألقي به من الطابق السادس بمبنى السفارة الفلسطينية في بلغاريا.
الشعبية: "السفارة الفلسطينية مسؤولة"
من جانبه، حمل القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاني الثوابتة، مسؤولية
اغتيال النايف والملاحق من أجهزة الاحتلال الإسرائيلي المختلفة، "للسفارة الفلسطينية في بلغاريا؛ بصفتها المسؤولة عن حياة الرفيق عمر لأنه كان تحت حمايتها".
وأشار الثوابتة، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إلى وجود "تقديرات كبيرة تؤكد أن جهاز "الموساد" الإسرائيلي يقف خلف عملية اغتيال النايف؛ بتواطؤ مع السفارة الفلسطينية في بلغاريا"، لافتا إلى أنه "ليس من السهل دخول سفارة بلد تمتلك تحصينات أمنية"، وتقع سفارة فلسطين في العاصمة البلغارية صوفيا.
وأضاف: "طالما أن (السفارة) لا تمتلك القدر على حماية هذا الفلسطيني (النايف) الملاحق من الاحتلال الإسرائيلي، لماذا لم توفر له السفارة الفلسطينية البديل طالما أنها لا تستطيع حمايته؟"، متسائلا باستنكار: "لماذا أبقت السفارة عمر لديها؛ وهي من كان باستطاعتها أن تتحرك؟".
وقال القيادي في الجبهة الشعبية: "حينما لجأ عمر لسفارة فلسطين؛ كان عليها أن تعمل على حماية رعاياها ومواطنيها من أي استهداف"، لافتا إلى أن "الرفيق النايف مطلوب لدولة الاحتلال منذ سنوات طويلة على خلفية مقاومة الاحتلال، وسبق أن طلب الاحتلال رسميا من بلغاريا تسليمها النايف".
وكشف الثوابتة لـ"عربي21"؛ الذي تفاجأ صباح اليوم بوصول رساله له من أحد أفراد الجبهة في بلغاريا يبلغه بعملية اغتيال النايف، أن الترتيبات كانت تجري للعمل على "إخراج النايف من بلغاريا إلى أي بلد آخر؛ لكن الأمور لم تكن سهلة نظرا لأن الأجهزة الأمنية في بلغاريا كانت مشددة من إجراءاتها الأمنية".
وأكد القيادي في الشعبية، أن التقديرات الأمنية الخاصة بهم "كانت تشير إلى نية بلغاريا اعتقال النايف وتسليمة فورا للاحتلال الإسرائيلي وهذا لم يكن مستبعدا؛ لأن الحكومة البلغارية يمينية تمتلك علاقات مع الاحتلال"، حيث دفع النايف للاحتماء بالسفارة الفلسطينية منذ نحو شهرين.
وأشار إلى أن عمليات الاغتيال المختلفة؛ "تتم بتواطؤ وتعاون العديد من أجهزة المخابرات مثل "CIA"، والعديد من الأجهزة العالمية الذي يتفانون في خدمة دولة الاحتلال".
ولفت إلى أن "الهجمة التي يتعرض لها الفلسطيني من أجهزة الاحتلال؛ شرسة وتلاحقه أينما حل؛ حتى وإن كان مبعدا أو أسيرا محررا"، مضيفا: "الفلسطيني ملاحق في أي بقعة من الأرض؛ لأنه هو من يشكل الخطر على هذا الكيان السرطاني الصهيوني".
وشدد الثوابتة على "استحالة وصعوبة"، التعايش مع هذا الاحتلال، بقوله: "إما نحن أو هم على هذه الأرض؛ لأن هذا الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة".
وقالت عائلة النايف لمواقع فلسطينية إن ما حصل عملية اغتيال، لكنها لا تمتلك معلومات وتفاصيل عما حدث، مؤكدة أن عمر لجأ للسفارة الفلسطينية في بلغاريا بعدما تلقى تهديدات بالقتل من قبل إسرائيل على خلفية مشاركته في عملية قتل مستوطن قبل 27 عاما.
وكان النايف اعتقل في العام 1986 بعد تنفيذ عملية قتل لمستوطن ضمن خلية تابعة للجبهة الشعبية، وتمكن من الفرار من السجن عام 1990 ليتوجه إلى بلغاريا ويقضي حياته فيها، وهو متزوج من بلغارية وله 3 أبناء.
وكانت "عربي21" كشفت أن مسؤولين في السلطة الفلسطينية داخل السفارة في بلغاريا كانوا يمارسون نوعا من الضغوط على النايف، من أجل تسليم نفسه للبلغاريين وفق "ترتيبات خاصة".
وكان رئيس المنتدى الأوروبي الفلسطيني من لندن زاهر البيراوي قد عبر عن قلقه قبل شهرين من أن تفتح بلغاريا إن تمكنت من النايف وسلمته للاحتلال، الباب لقيام دول غربية بتسلم أسرى آخرين محررين بحجج لن تنتهي".
وأشار البيرواي لـ"عربي21" نقلا عن قيادي في حركة فتح إلى أن السلطات البلغارية طلبت من السفارة تسليم النايف وفق ترتيبات معينة، ويقصدون بها اتفاقا بين بلغاريا وإسرائيل يقضي بترحيله للأخيرة دون إعادته إلى السجن.
وقال البيراوي إن "إسرائيل تستغل دول أوروبا الشرقية التي تعاني من فوضى وضعف في القوانين، وتمارس الضغوطات والإغراءات عليها من أجل الحصول على الأسرى المحررين بحجة مخالفة شروط الإفراج عنهم أو هروبهم من سجونها".
وأشار إلى أن قضية النايف "هي قضية مقاوم تمكن من الإفلات من سجون احتلال، وليست سجون المجرمين والجنائيين، فهو لم يسجن بسبب جريمة ارتكبها، إنما سجن لأنه كان يقاوم احتلالا انتهك كل المحرمات ضد وطنه".
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حذرت في حينه السفارة الفلسطينية في بلغاريا من "تسليم المناضل الفلسطيني عمر زايد النايف إلى السلطات البلغارية، بهدف تسليمه إلى دولة الاحتلال الصهيوني".
وحملت "الشعبية" في بيان صدر عنها اليوم السفير الفلسطيني بلغاريا أحمد المذبوح المسؤولية عن "كامل التداعيات السياسية وغيرها، التي قد تنشأ عن مثل هذا القرار".
يشار إلى أن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كانوا أطلقوا حملة دولية لمؤازرة النايف، ومنع تسليمه لقوات الاحتلال ولاقت تفاعلا كبيرا.