نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية تقريرا حول الشعارات السياسية التي يفرضها حاكم
كوريا الشمالية
كيم جونغ أون، من أجل السيطرة على شعبه والتسويق لخياراته السياسية، وضمان استمرار سياسة العزلة والخوف من "
الأعداء المتربصين".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "كيم جونغ أون يحدد طريق البلاد والشعب بمفرده، ويعبر عن خياراته عبر 375 شعارا يتم نشرها كل سنة في الصحيفة الرسمية في كوريا الشمالية، "رودونغ سينمون"، وقد صدرت في هذه السنة قبل أشهر من انعقاد المؤتمر السابع لحزب العمال الحاكم في البلاد، الذي لم يعقد خلال 35 سنة الماضية".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشعارات تعد بمثابة خط سير، مكتوبة بعبارات حماسية ودعائية مع الكثير من نقاط التعجب، وقد لعبت هذه الشعارات دورا محوريا في دمغجة عقول
الشعب وتسيير الحياة السياسية في البلاد منذ تأسيسها في كوريا الشمالية في سنة 1948.
وبعض هذه الشعارات يتضمن حكمة، فيما تبدو أخرى تهديدا، ويمكن وصف البعض الآخر بأنها شعارات غريبة. ولكنها على كل حال تقدم فرصة هامة للمراقبين لإلقاء نظرة على الحياة داخل هذا البلد المنعزل، وأخذ فكرة عن أولويات وأهداف الزعيم كيم من خلال ما يفرضه من شعارات في كل سنة.
وذكرت الصحيفة أن أول شعار يتردد في كوريا الشمالية هو "فلتجعلوا الشرارة تشعل النار في قلوب الجماهير، وتمنحهم القوة الذهنية القصوى"، ورغم أنه لا يتماشى كثيرا مع الحالة المزرية التي يعيشها الشعب الكوري، فإنه يمكن النظام الشيوعي الدكتاتوري من التغطية على فشله وصرف النظر عن الفقر والجوع.
أما الشعار الثاني فهو "فلنواصل التقدم الشامل في هذه السنة بالروح نفسها التي مكنتنا من النجاح في تجربة القنبلة الهيدروجينية!"، وهو شعار اعتبرت الصحيفة أن الهدف منه هو تغطية الحقيقة وهي أن كوريا لم تحقق أي تقدم في أي مجال، بل على العكس تفيد تقارير الأمم المتحدة بأن 2.2 مليون مواطن يواجهون خطر المجاعة.
أما شعار "واصلوا إنتاج قطارات أنفاق ذات مواصفات عالمية على الطريقة الكورية"، فهو من محض خيال الزعيم كيم، ذلك أن كوريا لا تصنع قطارات أنفاق أصلا، ولكن النظام الكوري يصر على كيل المديح لكل منتوجات بلاده ويوهم شعبه أنها الأفضل في العالم، ويجاملهم بالقول إنهم تكنوا من صنع هذه الأشياء، ليرفع معنوياتهم ويشعرهم بالرضا، بحسب الصحيفة.
كما يركز النظام على شعارات متعلقة بالغذاء، مثل: "فلنجند كامل البلاد في حملة متوهجة لإنتاج الخضروات"، وهي تهدف لمجابهة مشكلة ضعف خصوبة التربة، وغياب وسائل الإنتاج العصرية، وما يسببه ذلك من ضعف في الإنتاج، بالإضافة إلى معاناة البلاد من الجفاف في عدة مواسم. كما يسعى كيم إلى تحفيز الشعب وتحميله مسؤولية الإنتاج، حتى يتملص من المسؤولية عند وقوع المجاعة.
شعار آخر طريف أوردته الصحيفة، يبرز استغلال النظام الكوري للموسيقى لخدمة دعايته، وهو "تعلموا من فرقة مورنبونغ الثورية العسكرية!"، وهي فرقة موسيقية مؤلفة من فتيات، يعتمدن النمط الغربي من حيث الزينة والملابس والإثارة، وموضوع غنائهن الوحيد هو نشر دعايات النظام، ويستفيد كيم من هؤلاء الفتيات "كمنتج محلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الثقافة الغربية".
كما ذكرت الصحيفة أن شعار "وجهوا الضربة القاضية للأعداء باستعمال سلاح جبل باكتو إذا تجرؤوا على الاقتراب"؛ يشير إلى اعتماد النظام الكوري على الخرافات والأساطير المتعلقة بهذا الجبل في المخيال الشعبي، من أجل إبراز قدرة كوريا الشمالية على مواجهة أعدائها، وخاصة جارتها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. كما أنها تعكس إصابة كيم بجنون الارتياب، وتفكيره الدائم في الحرب. ويمكّن هذا الشعار أيضا من إشاعة أجواء الخوف لتلهية الشعب عن مشاكله الداخلية والحقيقية، وهو تكتيك شائع لدى الأنظمة الدكتاتورية.
وقالت الصحيفة، إن كيم فرض أيضا شعار "الشعب الصادق هو الذي يعمل بإخلاص لتطبيق سياسات الحزب، حتى لو مات من أجل ذلك"، وهو اعتراف بأن سياسات الدولة لا تكلل دائما بالنجاح، كما أنه تهديد مبطن، يبرر عمليات الإعدام التي تستهدف كل مسؤول يخرج عن الصف أو يرتكب أبسط هفوة.