تتعرض مدينة "
داريا" في غوطة دمشق الغربية لحملات عسكرية متواصلة من قبل النظام السوري منذ سنوات كلفتها خسائر بشرية ومادية جعلتها أحد أكثر المُدن المدمرة في عموم الريف الدمشقي، في حين أكدت الهيئات الثورية العاملة في المدينة قدرتها على الصمود أكثر أمام هجمات الاستنزاف العسكرية رغم تزايد الضغوط المعيشية على المحاصرين بداخلها.
مدير المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لمدينة داريا "كرم الشامي" قدم إحصائيات بالتكلفة الكبيرة التي لحقت بالمدينة التي لا تبعد سوى سبعة كيلومترات عن مركز العاصمة السورية دمشق جراء مناهضتها للنظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية.
وقال "الشامي" لـ "
عربي 21" خلال اتصال خاص معه: "يبلغ تعداد المحاصرين بداخل المدينة اليوم بعد نجاح قوات النظام في الفصل بينها وبين مدينة
معضمية الشام 8300 مدني، بعد أن هجرت قوات النظام غالبية سكانها البالغ تعدادهم فيما سبق 300 ألف نسمة".
وأردف مدير المكتب الإعلامي: "مدينة داريا تلقت أكثر من 6000 برميل خلال أعوام حصارها الأربع، بالإضافة إلى الآلاف من قذائف الهاون والمدفعية، في حين يعيش المدنيون في الأقبية المحصنة وفي الحفر داخل الأرض وهذا ما ساعد بتخفيف عدد الضحايا الذي وصل، حسب قسم التوثيق، إلى 68 ضحية نتيجة البراميل المتفجرة فقط من بينهم 10 نساء، و18 طفلا، بينما بلغ عدد شهداء المدينة في أعوام
الحصار الأربعة 1400 ضحية، كما بلغت الإحصاءات الكلية 2388 ضحية موثقة بالاسم منذ بداية الثورة السورية".
في حين، يقول الشامي، تجاوز عدد الإصابات التي استقبلها المستشفى الميداني في مدينة داريا منذ بدء الحصار حاجز العشرة آلاف إصابة، مضيفا أن الكوادر الطبية في المدينة أجرت 2700 عمل جراحي، "كما شهدت المدينة المحاصرة ولادة 600 طفل خلال أعوام الحصار".
وأضاف الشامي: "مع دخول مدينة داريا عامها الرابع من الحصار، باتت المدينة في وضع سيء جدا، خصوصا مع انقطاع الخدمات الأساسية عن المدنيين من ماء وكهرباء منذ بداية الحصار، بالإضافة إلى استنزاف مقدرات المدينة الموجودة داخلها خلال أعوام الحصار من غذاء ودواء".
وأشار إلى أن حصار داريا خلف وفاة خمسة أشخاص نتيجة سوء التغذية، ووفاة العشرات بعد إصابتهم بقصف قوات النظام على المدينة نتيجة النقص في الأدوية والمعدات الطبية، "كما ظهرت عشرات حالات سوء التغذية بين المدنيين المحاصرين، وحاليا يتناول المحاصرون وجبة واحدة يوميا غالبا ما تكون "الشوربة" وهي ماء مغلي بالملح والقليل من الأرز مما يسد رمقهم في أيامهم العصيبة، ويعتمدون أيضا على ما يزرعونه في الأرض من حشائش لتساعدهم في البقاء على قيد الحياة"، على حد تعبيره.
وفي الجانب العسكري، أكد "كرم الشامي" أن المدينة ما زالت قادرة على الصمود بالرغم من الحملة الهمجية التي تشنها قوات النظام منذ أكثر من ثلاثة أشهر، "لكن الوضع الإنساني سيء للغاية، ومع هذا مازال الأهالي يفضلون الموت جوعا بدل الخروج من أرضهم أو استسلامهم، فالمجزرة الكبرى التي ارتكبتها قوات النظام في المدينة أواخر شهر نيسان/ أبريل عام 2012، التي راح ضحيتها أكثر من 700 لازالت عالقة بأذهانهم".
بدوره نوه الناشط الإعلامي في المدينة "مهند أبو الزين" إلى خروج المدنيين المحاصرين في المدينة باعتصامات بجانب أحد المدارس المدمرة فيها، وذلك لتوجيه مطالبهم للجهات الخارجية والمنظمات الدولية والأمم المتحدة معبرين عن رفضهم تجاهل الأمم والمنظمات لتواجد المحاصرين داخل المدينة، ومناشدين رفع الحصار وإيقاف القصف، ودخول وفود دولية لمعاينة الوضع عن كثب.
واستطرد بالقول: "نجاح قوات النظام في الفصل بين مدينتي داريا والمعضمية ضاعف سوء الأوضاع الإنسانية فيها، وقد أصبحت المساحة التي نحاصر فيها أصغر وهو عامل نفسي آخر، إضافة إلى انتقال النظام بعد الفصل إلى معركة أخرى يهدف فيها للسيطرة على المدينة ومناطقها الزراعية لتضاعف أكثر سوء الأوضاع الإنسانية".