دعا نائب سابق للرئيس
الإيراني الإصلاحيين للتصويت في
الانتخابات البرلمانية يوم الجمعة المقبل؛ من أجل حرمان المتشددين من نصر سهل، وحث أتباعه على العودة مرة أخرى إلى "المشهد السياسي".
وكتب مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "ديلي تلغراف" ديفيد بلير تقريرا من طهران، قال فيه: "واجه نائب الرئيس الإيراني تحديا غير عادي، عندما نهض لمخاطبة مؤيديه داخل قاعة محاضرات مزدحمة، فلم يكن
محمد رضا عارف بحاجة لإقناع الحاضرين بضرورة التصويت له، لكن مهمته الكبرى كانت إقناعهم بالخروج والمشاركة في الانتخابات، فستعقد إيران انتخاباتها البرلمانية يوم الجمعة، وتواجه الحركة الإصلاحية معضلة كبيرة؛ هل يجب عليها المشاركة في الانتخابات رغم الحظر على معظم قادتها؟ أو يجب عليها الامتناع عن التصويت والحفاظ على الصمت؟ وهذا يعني تقديم نصر سهل للمتشددين".
ويشير التقرير إلى أن محمد رضا عارف، الذي شغل منصب نائب الرئيس الإيراني في الفترة ما بين 2001 إلى 2005، يقود تحالفا جديدا من المرشحين، ويواجه مهمة صعبة، وهي كسر قبضة المتشددين الحديدية على المجلس التشريعي أو البرلمان.
وتجد الصحيفة أنه لهذا السبب، فقد حث عارف الحضور في تظاهرة صاخبة في جامعة طهران من أجل التصويت، قائلا: "أطلب منكم أيها الشباب والطلاب، وكون ذلك واجبا، الدخول في المشهد السياسي". وأضاف: "يمكنكم تشجيع الآخرين أيضا، وليس الطلاب فقط، فالناس يستمعون إليكم، ولهذا شجعوهم واطلبوا منهم الخروج إلى المشهد"، وتابع قائلا: "لا تذهبوا في إجازة يوم الجمعة، وتعالوا للتصويت".
ويلفت الكاتب إلى أن ملصقا وزع على الحضور، وأشار إلى كلام الرئيس محمد
خاتمي، الذي تولى الرئاسة في الفترة ما بين 1997إلى 2005؛ من أجل دفع الشباب للخروج والتصويت، ويعلق بلير قائلا: "هذا غير عادي، باستثناء أن الإعلام الإيراني يتجنب، وبشكل مستمر، وضع صورة خاتمي، أو الإشارة لكلامه وحتى ذكره".
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن صورة خاتمي كانت على الصفحة الأولى من الملصق، إلى جانب كلماته، التي يناشد فيها الإصلاحيين للخروج والمشاركة في الانتخابات.
وتذكر الصحيفة أنه مع ذلك، فإن هناك كثيرا من الأمور التي تثبط عزيمة الشباب للخروج والمشاركة، فقد تم حظر المئات، إن لم يكن ألاف الإصلاحيين من الترشح للمقاعد البرلمانية، مشيرة إلى أنه من بين 12 ألف مرشح تقدموا بطلبات لخوض الانتخابات من الفصائل كلها، فقد صوت مجلس الخبراء، المكون من متشددين يقومون بالنظر في طلبات المرشحين واستبعاد قبولهم، برفض نصف الطلبات تقريبا.
وينوه الكاتب إلى أنه رغم أن ليس كل الذين استبعدهم مجلس الخبراء من الإصلاحيين، إلا أن نسبة هؤلاء عالية، لافتا إلى أن المناسبة في جامعة طهران قصد منها رفع معنويات تيار تعود على الهزيمة، حيث جلس مئات الطلاب من الذكور والإناث يصفقون مع أغنية مرحة، وحولهم ملصقات خضراء مكتوب عليها "نعم! المشاركة في الانتخابات تعني نعم للعدالة والتعليم"، وبعدها عرض فيلم فيديو يقدم فصلا حساسا من تاريخ إيران الحديث، وهو التظاهرات الحاشدة بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2009، وذلك بعد خسارة المرشح المنافس مير حسين موسوي، وهو الآن تحت إقامة جبرية؛ نظرا لجرأته في الحديث عن تزوير في الانتخابات، ويتجنب الإعلام وضع صورة مير موسوي، مثل خاتمي، أو ذكر اسمه.
ويفيد التقرير بأن فيلم الفيديو افتتح بصورة لموسوي وهو يحيي الجماهير، ثم تبعت ذلك صور صامتة للتظاهرات، وصورة لأحمدي نجاد، أثارت غضب الحضور، مشيرا إلى أن رسالة ذلك كانت هي أن الإصلاحيين ليس قدرهم الهزيمة، فقد فاز حسن روحاني، الذي ينظر إليه على أنه إصلاحي، وإن بقدر نسبي، بالانتخابات الرئاسية عام 2013، وظهر في الشريط وزير الخارجية محمد جواد ظريف وهو يدافع عن الاتفاق النووي الذي وقع صيف العام الماضي، وختم الفيديو برسالة مهمة وهي "نحن قادمون".
وتنقل الصحيفة عن عارف (64 عاما) قوله إن فوز روحاني في انتخابات عام 2013 كان "الخطوة الأولى"، أما "الخطوة الثانية، فهي تقدم الإصلاحيين في البرلمان، ولو استطعنا تحقيق الخطوة الثانية عندها ستكون الخطوات المقبلة سهلة".
ويبين بلير أن الإصلاحيين يحتلون في الوقت الحالي عددا قليلا من مقاعد المجلس البالغة 290 مقعدا، وتجنب عارف الحديث بثقة عن الفوز في الانتخابات، لكنه ناشد الجميع المشاركة والتصويت، وتعهد بالتعاون مع الإصلاحيين، وقال: "أؤمن بهذا الأمر؛ لأن المجموعتين ملتزمتان بقيم ومبادئ الثورة الإسلامية، وأي طرف يفوز فإنه سيواصل طريق الثورة". وأضاف: "نعتقد، بناء على الأداء السابق للإصلاحيين، أننا قادرون على مواصلة طريق التنمية بطريقة جيدة وسريعة".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن ليس الحاضرون كلهم اقتنعوا، فقد قال طالب طب إن ذكريات عام 2009 أقنعته أن التصويت لا قيمة له، وأضاف: "عارف ليس هو الذي يعتقد الناس بأنه الرجل القادر على تغيير المجتمع والسياسة في إيران". وخالف طالب آخر الرأي قائلا: "لو أردنا تغيير المجتمع فعلينا المشاركة في الانتخابات، ولا يوجد غير هذا الطريق".