طالبت 12 منظمة حقوقية السلطات
المصرية، بالوقف الفوري لكافة ما وصفوه بـ"أشكال انتهاك الدستور"، والإفراج الفوري عن الروائي
أحمد ناجي، وإلغاء الحكم الصادر بحقه، بأي وسيلة قانونية كانت.
وحكمت محكمة جنح "مستأنف بولاق أبو العلا" بالقاهرة، الأحد، بالحبس سنتين على الأديب الشاب، أحمد ناجي، وغرامة عشرة آلاف جنيه على رئيس تحرير مجلة "أخبار الأدب"، طارق الطاهر، في واقعة نشر "ناجي" لفصل من روايته "استخدام الحياة"، بمجلة "أخبار الأدب"، في القضية رقم 9292 لسنة 2015.
وطالبت المنظمات في بيان لها الأحد، بالشروع الآن وفورا في مناقشة "التشريعات التي تحتاج لكثير من التنقيح والتعديل وعلى رأسها المواد 98 و178 من قانون العقوبات المصري، والتي يستغلها الكثيرون للإلقاء بالمبدعين والمثقفين خلف الأسوار بدواعي خدش الحياء العام وازدراء الأديان".
وأكدت أن هذا الحكم يأتي في إطار ما وصفوه بـ"الهجمة الشرسة" التي تشُنها السلطات المصرية على حرية الإبداع والتعبير الفني، وأنه جاء ليؤكد على طبيعة المناخ المعادي لحرية الإبداع والتعبير بشكل عام في مصر، والذي شهد هجوما متواصلا في الفترة الأخيرة.
وشددت المنظمات على ضرورة اصطفاف جماعة المثقفين والمبدعين المصريين للتصدي لتلك الهجمة التي تستهدف إعادتهم خطوات هامة إلى الوراء، بعد انتزاعهم لمساحات أكثر رحابة بفعل ثورة يناير، خاصة في ظل غياب أي دور لوزارة الثقافة، وفق البيان.
وذكرت أن حكم ناجي جعل "سلامة وأمن كل مبدع مصري اليوم في خطر، خاصة إن لم تتضافر جهود المُبدعين لوقف الانتهاكات بحق حرية الإبداع والمبدعين، وإن لم يكن لهم دور للضغط على السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان، لإعادة النظر في القوانين التي تُخالف نصوص الدستور وروحه وتنتهكه".
وقال البيان إن "الملمح المهم الذي تبرزه قضية ناجي إلى جانب عدة قضايا أخرى في الآونة الأخيرة، هو ذلك الانتهاك المستمر والفج للدستور المصري، الذي تُمارسه مختلف مؤسسات الدولة وعلى رأسها تلك المؤسسات المنوطة بإشاعة العدل وإعادة الحقوق وتطبيق القانون".
وتابع بأنه "رغم أن الدستور المصري نص في مادته (67) على كفالة حرية الإبداع الفني والأدبي، ورعاية المبدعين وحماية إبداعهم وعدم توقيع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري، فإن المُبدعين يتعرّضون يوميا لبلاغات تتعمد النيابة العامة إحالتهم على أثرها للمحاكمة باستغلال، أبواب الدستور الخلفية، ممثلة في نصوص القوانين المختلفة التي لم تُنقّح بعد وعلى رأسها قانون العقوبات، والتي تُفرِّغ النص الدستوري من مضمونه بشكل كامل، كحالة ناجي وغيرها الكثير".
وأضاف أن الحكم الصادر بحق ناجي والطاهر، لا يُمكن فصله عن ما يتعرض له المناخ العام لحرية الإبداع والتعبير الفني بشكل خاص، والتعبير عن الرأي بشكل عام في مصر، فقد شنَّت السلطات المصرية -في الآونة الأخيرة- حملة موسعة، شملت مداهمة دار "ميريت للنشر" ومؤسسة "تاون هاوس" وتشميع مسرح "روابط"، وقرارات وزير العدل بمنح سلطة الضبطية القضائية لنقيبي المهن التمثيلية والموسيقيين وعدد من أعضاء نقاباتهم في إعلان للحرب على الفنانين والمُبدعين غير المحميين بمظلة النقابة، وغير ذلك الكثير.
وشدّدت المنظمات على أن استمرار مثل تلك السياسات سوف يؤدي لمزيد من انسداد الأفق في علاقة المثقفين والمبدعين بالسلطة القائمة ويؤكد زيف إيمانها بحرية الرأي والإبداع وقبول الآخر، ويزيد من مخاوف الإلقاء بمزيد من أصحاب الرأي والخيال داخل السجون لمجرد تعبيرهم عن تلك الآراء في أي قالب كان، وأن حرية الإبداع والتعبير الفني مكفولة بموجب الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وافقت عليها مصر وأصبح لها قوة القانون.
ووقع على البيان: الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز وسائل الاتصال الملائمة، ومصريون ضد التمييز الديني، ومؤسسة المرأة الجديدة، ونظرة للدراسات النسوية.