عرضت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، ردود فعل شعبية حول التعديل الدستوري الأخير في
الجزائر، أظهرت أن المواطن الجزائري فقد كل اهتمام في الحياة السياسية ببلاده، وتلاشت آماله في أن تؤثر الطبقة السياسية بشكل إيجابي على حياته.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أنه بينما كان المحللون والخبراء يناقشون تفاصيل التعديل الدستوري من نواحيه القانونية والسياسية؛ فقد أظهر الشارع الجزائري عدم اكتراث بهذه المسألة، بل إنه انتقدها برمتها، واعتبرها إضاعة للوقت لا تعني له شيئا.
وأضافت أنه رغم أن البرلمان الجزائري وافق عليه، وتم التصويت له برفع الأيدي، بواقع 499 صوتا موافقا، مقابل صوتين معارضين، و16 امتنعوا عن التصويت؛ فإن هذا التعديل الذي أجراه الرئيس عبدالعزيز
بوتفليقة "لا يحظى بأي اهتمام شعبي في شوارع الجزائر".
ونقلت الصحيفة عن ناصر (50 عاما)، وهو سباك من مدينة برج بوعريريج التي تبعد 250 كيلومترا عن العاصمة، قوله إن "التعديل الدستوري لا يهمني، ولم أقرأه، ولا أدري كيف سيؤثر ذلك على حياتي اليومية".
وأكد هذا السباك وزوجته التي كانت برفقته، أنهما لم يتابعا النقاشات التي دارت حول هذا الموضوع في وسائل الإعلام، ولم يهتما بنتيجة التصويت، حيث إنهما توقفا عن متابعة الأخبار السياسية في البلاد منذ الانتخابات الأخيرة في نيسان/ أبريل 2014، التي شهدت فوز بوتفليقة بالدورة الرئاسية الرابعة، رغم حالته الصحية.
ونقلت الصحيفة عن مواطن آخر يُدعى رشيد (57 عاما) قوله: "نحن نسمع نفس الشعارات منذ 20 سنة، ورجال السياسة يقدمون لنا الوعود، ولكن شيئا لم يتغير".
ويضيف هذا السائق الذي يعيش في منطقة القصبة التاريخية بوسط العاصمة، أنه "يجب على المسؤولين أن يأتوا لمشاهدة الأوضاع الكارثية التي وصلت إليها الأحياء، ليتأكدوا أن لا أحد من الأشخاص الذين ينتخبهم الشعب يعمل للمصلحة العامة".
ونقلت الصحيفة أيضا عن الموظفة فرح (38 عاما) قولها: "هنالك أشياء أكثر أهمية بالنسبة لنا من هذا التعديل الدستوري، فهنالك عائلات تعيش في
الفقر والخصاصة؛ أما هذا التعديل، فقد تم تفصيله على مقاس من هم في السلطة حتى يخدم مصالحهم".
وقالت الصحيفة إن هذا الرأي نفسه تشاطره أيضا نسيمة (34 عاما)، وهي موظفة في شركة تأمينات في العاصمة، حيث قالت: "رأيي الشخصي أن هذا التعديل الدستوري تم القيام به لتسوية بعض الأمور في أعلى هرم السلطة، وليس من أجل مصلحة الشعب. بمعنى آخر، أنه لن يغير شيئا من الصعوبات التي يعيشها المواطن الجزائري البسيط في حياته اليومية".
واعتبرت الصحيفة أن أصل المشكل في الجزائر يتمثل في عدم تطبيق القانون، وهو ما أفقد الحياة السياسية في البلاد أية مصداقية، ونقلت في هذا السياق عن خالد (52 عاما) قوله: "في الجزائر؛ المشكلة هي عدم احترام القانون، ولذلك يجب تغيير هذه النصوص القانونية لسد الثغرات والفراغ التشريعي الموجود؛ لأنه دون سيادة للقانون لن تكون هنالك أبدا نتائج إيجابية".
وأكد "خالد" الذي يعمل في تربية النحل بمدينة المدية، التي تبعد 80 كيلومترا عن العاصمة، أنه لم يعد يتابع تفاصيل التغييرات السياسية في البلاد، ولا يشعر بأنها ذات قيمة.
وفي المقابل؛ تقول الصحيفة إن قلة من الجزائريين تابعوا أخبار التعديل الدستوري، رغم أنهم لا يتوهمون أبدا أن ذلك سوف يؤثر على حياتهم بشكل فعلي، على غرار الشيخ لحسن، وهو متقاعد يبلغ من العمر 66 عاما، الذي أكد أنه تابع كل ما دار في يوم التصويت على التعديل عبر شاشات التلفاز، إلا أنه يقول: "إن كل ما حدث هو أمر نظري، في الجزائر.. مشكلتنا ليست في القوانين، وإنما في التطبيق الفعلي".
ومن أهم التعديلات المدرجة في مشروع الدستور الجزائري الجديد؛ إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط، وتحديد مدة الولاية الرئاسية الواحدة بخمس سنوات، مع عدم إمكانية مراجعة هذه المادة في تعديلات الدستور المقبلة، بالإضافة إلى منع مزدوجي الجنسية من تقلد المناصب السياسية والوظائف العليا في الدولة، واعتماد الأمازيغية لغة ثانية ورسمية.