تزداد معاناة السوريين، بازدياد التوتر بين الفصائل المشاركة في الحرب، فجلوسهم على طاولة المفاوضات وتجاوزهم لخلافاتهم وتبني الحوار السلمي لوقف النار، سوف يعيد للشعب السوري الأمل في بناء دولة ينتشر فيه الأمان والاستقرار.
خمس سنوات خلفت الحرب السورية أكثر من 15 مليون سوري من ضحايا العنف الدموي، قتلى ومفقودين وجرحى ومعتقلين ولاجئين ونازحين، ولم يكن الحل السياسي ينتظرهم في مؤتمر جنيف 3، ولم تصل الفصائل السورية إلى حل إلى إنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا.
والجدير بالذكر، أن الفصائل المشاركة بالحرب، تجتمع في المؤتمر وناقوس الخطر وطبول الحرب تدق بالشعب السوري في آنٍ واحد.
ترجع الأسباب الرئيسة لفشل انعقاد مؤتمر جنيف 3، إلى التسرع في الإعداد لعقد المفاوضات قبل إنهاء المسائل المتعلقة بين الفصائل المشاركة في الحرب، وأيضاً اختلاف وجهة النظر لكل فصيل من الفصائل، باختلاف مصالحهم على الأراضي السورية.
من أهم أسباب تأجيج الحرب السورية اليوم، هو الصراعات بين الدول الكبرى، سواء جواً أو براً بالاستخباراتيين أو بدعم وتمويل المنظمات الإرهابية المشاركة في الحرب.
نعم، توجد حرب أخلاقية وعدم أخلاقية، وما يحصل في سوريا اليوم، تجاوزت كل الأخلاقيات الإنسانية والسياسية، فالأطراف المشاركة في الحرب لم تتفق في مؤتمر جنيف 3، بل خرج المبعوث الأممي لسوريا دي ميستورا، ليعلن تعليق المفاوضات في جنيف حتى 25 فبراير الحالي، وفي حال لم تصل المفاوضات مرادها لن تحقق أهداف الشعب السوري.
فشل مؤتمر جنيف 3، بمثابة فشل في بناء دولة يسودها القانون واحترام كرامة المواطن، واليوم، بسبب الحرب الوحشية، يهاجر المواطن السوري إلى بلدان أوروبية، تاركاً خلفه دولة متأخرة في كل المجالات، سواء تعليمية أو اقتصادية أو سياحية أو صحية، وإلى آخره من المقومات الرئيسة لبناء دولتهم.
أصبح السوري اليوم جريحاً ولاجئاً ومهاجراً وشهيداً أمام أعين أطفاله وأسرته، ومنهم من لا يزال عالقاً على الحدود في أوضاع مزرية، بعد أن أغلقت دول غرب أوروبا أبوابها أمامهم، والذين وصلوا إلى الدول الأوروبية، يجدون أنفسهم بين غياهب الشوارع المظلمة التي يسودها البرد والمرض والجوع.
على المجتمع الدولي أن يضع كل التدابير السريعة والطارئة لحل الأزمة الإنسانية والسياسية في سوريا، وبجدية، وحل المسائل المتعلقة بين الفصائل، وإنهاء الصراعات الدولية في الأجواء السورية، وإغلاق مصادر التمويل المباشرة للمنظمات الإرهابية، والقضاء على هذه المنظمات، لأنها بالواقع تشكل خطراً كبيراً على حياة البشرية في العالم.
وعلى الجانب الإنساني، جمع مؤتمر لندن للمانحين عشرة مليارات دولار، لتخفيف الأزمة الإنسانية السورية، وفي إطار حرص دولة الإمارات على تقديم المساعدات الإنسانية للأشقاء السوريين، تعهدت بتقديم نصف مليار درهم، ويأتي ذلك من حرص القيادة الرشيدة للمساعدة ودعم الأشقاء السوريين، وكانت دولة الإمارات من أوائل الدول التي سارعت في إغاثة الشعب السوري الشقيق منذ اندلاع الثورة، وتجاوز حجم المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات للشعب السوري حتى الآن، المليارين من الدولارات.
بتلاحم الجهود وبدعم الأشقاء العرب، سوف يقرر الشعب السوري الصامد مصيره، وسوف يعيد بناء دولته، قوية ومجيدة بإذن الله، وبسواعد أبناء الشعب السوري الأحرار، وبتعاون إخوانهم العرب معهم، سوف يثبتون للعالم أنهم شعب مسالم لا يقبل الإرهاب، ويريد السلام للبشرية، والازدهار والرفعة للوطن.