رأى حقوقيون ومعلقون أن اعتقال السلطة الفلسطينية للأكاديمي والكاتب
عبد الستار قاسم؛ هو إنذار بالخطر على حرية الرأي والتعبير في
الضفة الغربية، ما قد يتسبب في زعزعة الأمن وفقدان الفلسطيني الثقة بالسلطة.
واعتقلت السلطة عبد الستار قاسم (67 عاما)، الاثنين الماضي، من منزله في مدينة نابلس بالضفة الغربية، وذلك بعد انتقادات حادة له بدعوى التحريض ضد رئيس السلطة محمود عباس، خلال برنامج تلفزيوني على قناة القدس الفضائية.
وهذه هي المرة الخامسة التي يتم اعتقال قاسم فيها من قبل السلطة، بحسب زوجته أمل الأحمد، التي كشفت لـ"
عربي21" أن زوجها شكا لها خلال اتصال هاتفي أجراه معها الأحد، من أن إدارة السجن تضعه في زنزانة مع نحو 20 من السجناء الجنائيين.
وأشارت إلى أن زوجها "يعاني بشكل كبير لعدم مقدرته على البقاء في تلك الغرفة؛ لأن كل السجناء يدخنون، وهو ما يؤثر على وضعه الصحي".
وأصدرت محكمة صلح نابلس الخميس الماضي، قرارا بتمديد احتجاز قاسم 15 يوما على ذمة التحقيق.
إسكات الرأي الآخر
من جانبه، أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، على لسان الباحث القانوني لديه محمد أبو هاشم، اعتقال قاسم، مؤكدا أن محاولة السلطة "إسكات الرأي الآخر؛ يساهم في زعزعة الأمن، وفقدان المواطن الفلسطيني الثقة بسلطته، والذي بدوره يؤدي إلى هدم مبدأ سيادة القانوني".
وأضاف لـ"
عربي21": "هذا له خطورة كبيرة على وجود السلطة التي لا تتبع الإجراءات القانونية السلمية"، موضحا أن "مواجهة الاحتلال تتطلب أن نكون أقوياء داخليا، وأن نحافظ على بنى الديمقراطية؛ لأن هدمها بمهاجمة حرية الرأي يساهم بشكل كبير في إضعافنا"، وفق قوله.
وأوضح أبو هاشم أن نيابة السلطة "وجهت له (قاسم) تهما تتعلق بإطالة اللسان على مقامات عليا والذم وإثارة الفتن"، مطالبا بـ"إطلاق سراحه فورا إلى حين النظر في القضية من قبل المحكمة؛ لأن حجزه يتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الملزم للسلطة الفلسطينية".
ورصد المركز، بحسب الباحث القانوني، "زيادة الاعتداء على حرية الرأي في الضفة الغربية وقطاع غزة"، مشيرا إلى أن "المفهوم الخاطئ للأمن يقف وراء اعتقالات السلطة السياسية لدى السلطة، والتي لا تتبع الإجراءات القانونية السلمية"، كما قال.
يساهم في زعزعة الأمن
من جانبه، رأى المحلل السياسي طلال عوكل، أن النظام السياسي الفلسطيني "على انقسامه؛ يخلق حالة من الضغط على الرأي والرأي الآخر"، محذرا من خطورة "اعتقال أو المس بأي فلسطيني من باب الخلاف في الرأي".
وأضاف عوكل لـ"
عربي21": "من غير الممكن أن تكون كل الفصائل أو النخب الفلسطينية متفقة على كل شيء"، منوها إلى أن المجتمع الفلسطيني "الذي يقود صراعا مع الاحتلال هو مجتمع متنور ويمتاز بالتعددية الشديدة"، بحسب وصفه.
وأكد أن اعتقال قاسم هو "عمل مدان وغير صحيح وغير معقول "، موضحا أن الاعتقال على خلفية سياسية أو الاختلاف في الرأي هو "واحدة من مفردات الانقسام والمناكفة السياسية، والنتيجة خسارة فلسطينية في مثل تلك الحالة".
وينتقد قاسم، في مداخلاته المختلفة مع "
عربي21"، الفصائل الفلسطينية في تعاملها مع مستجدات القضية الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا فتح وحماس.
وأوضح عوكل أن الاعتقال السياسي على خلفية الرأي؛ يعمل على "زيادة الإحباط في الشارع الفلسطيني، خاصة في هذه الأجواء التي تجرى فيها المباحثات بين طرفي الانقسام"، مؤكدا أنه يفضي بالبعض إلى أن "يتقوقع على ذاته، ولا يخوض في القضايا العامة خوفا من الاعتقال".
اعتقالات الاحتلال
بدوره، رأي المختص في الشأن الإعلامي، محسن الإفرنجي، أن "الاعتقالات السياسية في الأراضي الفلسطينية لا تقل بشاعة عن الاعتقالات الإدارية التي يقوم بها الاحتلال"، مؤكدا أن محاولات "تكميم الأفواه لن تجدي نفعا، فالأفواه لم تعد تكمم في عالم مفتوح تقوده التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي"، وفق قوله.
وقال لـ"
عربي21" إن اعتقال قاسم هو "دليل ضعف وإفلاس السلطة التي انكشفت عورتها بصورة أكبر مؤخرا"، متحدثا عن "فشل مساعيها الرامية إلى وقف الانتفاضة، ومحاولة تخدير الفلسطينيين ودفعهم باتجاه المقاومة السلمية فقط كبديل أوحد للمقاومة المسلحة"، كما قال.