أصدر الدكتور يوسف
القرضاوي الثلاثاء: 26 يناير بيانا، يلخص فيه جهدا بذله ومعه مجموعة من العلماء، لإنهاء أزمة
الإخوان التي شغلت الرأي العام والرأي الإخواني لعدة أشهر، ما أصاب كل محب للإخوان داخلها وخارجها بألم شديد؛ إذ كيف يواجه انقلاب عسكري تجمع لتأييده كل كارهي الثورة من الشرق والغرب، واتحدوا فيما بينهم، بينما تفرق من يدافعون عن قضية الحق.
لذا، لم يكن هناك بد أمام شيخنا القرضاوي وإخوانه العلماء من الاستجابة لطلب التوسط بين أطراف الخلاف في الإخوان، ولم يكن أمامه مفر من القيام بالواجب الذي يمليه عليهم الإسلام، يقول تعالى: (فأصلحوا بين أخويكم).
وبيان الشيخ حول الأزمة يعطي عدة مدلولات هامة، وهي:
أولا: إن الأزمة خرجت من يد أصحابها إلى علماء الأمة، وهذه مكانتهم دوما، وهذا دورهم المأمول منهم.
ثانيا: لا يوجد في صف الإخوان أو خارجه أحد إلا ويقدر ما أصدره الشيخ القرضاوي وعلماء الأمة، وردود الأفعال عليه خير دليل.
ثالثا: الإخوان ليست ملكية خاصة لأتباعها، وبخاصة في هذه المرحلة التي باتت تقود فيها قاطرة الثورة
المصرية وإسقاط الانقلاب العسكري، فالكل يعول عليها، وعلى صلاحيتها وعافيتها وتطورها، وهو ما يلقي بتبعة كبرى على كل الرموز الدينية والوطنية لتسديد خطى الجماعة وأفرادها.
رابعا: ليس مقبولا من أي مسؤول في الإخوان مهما كانت مكانته التنظيمية، أن ينظر إلى البيان على أنه نصائح، وأنها ليست ملزمة، فهذا كلام لا يقبله شرع ولا عقل، إذ كيف تحتمي بهذه الرموز وقت حاجتك إليهم، ووقت ضعفك، فإذا قويت بمن حولك في التنظيم ترفض قراراتهم، التي خرجت من باب حرصهم عليك، وعلى الكيان، خاصة أن مصدر البيان علامة كبير هو الشيخ القرضاوي، الذي أفنى ما أكثر من سبعين عاما في الدعوة والجماعة، وتربى الجميع على كتبه داخل التنظيم وخارجه، فكيف يؤخذ منه في دين الجماعة وتدينها، ولا يؤخذ منه في دنياها وإدارتها؟!!! وما يسري على الشيخ القرضاوي يسري على بقية العلماء، فليتنبه الجميع لذلك، فالعلماء ليسوا وجبة غداء، تأكلها ثم تلقي بما تبقى منها عند شبعك وامتلائك!!
خامسا: نجاح هذه الجهود التي بذلها الشيخ القرضاوي والعلماء مرهون بعدة إجراءات تتم على أرض الواقع:
1ـ تحديد سقف زمني واضح، لإتمام هذه الإجراءات دون تمديد أو تأجيل؛ لأن ذلك سيزيد من المشكلة، ويعطي شعورا بالتهرب منها.
2ـ تشكيل هيئة عليا لإدارة الانتخابات التي شدد عليها البيان.
3ـ اختيار مفوضية من علماء الأمة الذين أصدروا البيان وأيدوه مع الشيخ، تشرف على هذه الإجراءات.
4ـ صياغة لائحة مؤقتة لإجراء الانتخابات تعتمدها الهيئة العليا والمفوضية.
5ـ من يتم انتخابه هذه الدورة، وهذه المرحلة، عليه واجبات، أهمها: لم شمل الإخوان، وتوحيد صفهم، ووضع رؤية للعمل، تكون بمشورة من الجمعية العمومية للإخوان المسلمين.
6ـ من يترشح لهذه الدورة وينجح فيها، لا يترشح للدورة المقبلة، فهي أشبه بما يسمى في السياسة: حكومة تسيير أعمال، وتأسيس لمرحلة مهمة في تاريخ الإخوان، وله حق الترشح في دورات تالية تلي الدورة التي لم يترشح فيها، بعد تركه للمسؤولية.
وفي النهاية، يبقى نجاح كل ما مضى مرهونا بوعي الصف الإخواني بخطورة المرحلة، وقيامه بدوره في إنجاحها، حيث إن يقظة الصف الإخواني في تنفيذ ما جاء في البيان وجهود العلماء عبر الخطوات المذكورة، هو خطوة مهمة على طريق انتصار الثورة المصرية، والربيع العربي بكل مكوناته، وعليه يعول الجميع في إصراره على تنفيذ ما تعب فيه العلماء من صياغة وقرارات، وعدم السماح بأي إجراءات تعوق هذه الخطة، أو تقسم الجماعة، وتضيع جهودها.