الشرطة المصرية بمواجهة حرج فيديو "الواقي الذكري" (شاهد)

لم تكد الشرطة المصرية تستمتع بمرور الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، في هدوء نسبي، حتى وجدت نفسها في مواجهة ما اعتبرته "إحدى أكبر الإهانات التي تعرضت لها"، وتمثلت في قيام شابين إعلاميين ببث فيديو لأفرادها وهم يتلقون هدايا "بلالين" في ميدان التحرير، لم يكن كل منها سوى "واق ذكري منفوخ"! 

 انقلبت مصر قاطبة خلال الساعات الماضية، ووصلت القصة إلى إعلام السيسي، ولم يتورع أحد أذرع السيسي الإعلامية عن توجيه السباب لوالدة صاحب الإهانة، وصارت قضية تهنئة الشرطة بعيدها، ببالونات من واقيات ذكرية، حديث الساعة في مصر.

أما وزارة الداخلية، فقدمت بلاغا للنائب العام، حركته النيابة سريعا، واستصدرت قرارا بالقبض على صاحب الإهانة الشاب الإعلامي "شادي حسين"، في وقت تبرأ أبوه منه، وثار غضب مؤيدي السيسي عليه.

وخطورة الإهانة أنها تأتي متزامنة مع حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير وعيد الشرطة.

وأثار المقطع غضب الصفحات المؤيدة لجهاز الشرطة، وأبرزها صفحة "الشرطة المصرية"، التي وجهت رسالة شديدة اللهجة لمراسلي برنامج "أبلة فاهيتا" بقولها: "شادي أبو زيد مراسل برنامج أبلة فاهيتا، نفخ (واقيا ذكريا) على أساس أنه بالونة، ومشى يوزعه على العساكر للسخرية منهم.. أقسم بالله ما هانسيبك، ولو ما جاش حقنا بالقانون.. ها نعرف نأخذ حقنا منك كويس أوي، ومبروك بقيت عدو لـ37 ألف ضابط".

قصة الفيديو

في فيديو منشور، يقول شادي حسين: "نزلنا نحتفل بعيد الشرطة في عز البرد؛ علشان محدش يزايد علينا.. "لن تصدق ماذا قدموا للشرطة في 25 يناير 2016"، وحصد أكثر من مليون مشاهدة، ويظهر فيه شادي، وهو ينفخ واقيات ذكرية مطاطية، لتأخذ شكل البالونات، ثم يقدمها لعناصر من قوات الأمن التي كانت متواجدة حول ميدان التحرير".

وبعد نشره المقطع بنحو ساعة، كتب على صفحته بموقع "فيسبوك" يقول: "طالما هي مبقاش فيها مظاهرات، ولا صوت معارض.. يبقى هنفضل نسف عليكم.. حتى وإحنا بنموت هنموت، وإحنا بنسف عليكم.. يا رب تكونوا انبسطتوا معانا".

بلاغ للنائب العام

وبناء على بلاغ من النائب العام، أجرت نيابة قصر النيل" تحقيقاتها برئاسة أحمد حنفي، الثلاثاء، في بلاغ وزارة الداخلية، الذي تتهم فيه شادي حسين مراسل برنامج "أبلة فاهيتا"، والفنان الشاب أحمد مالك بإهانة الشرطة.

وانتهت التحقيقات باستدعاء المجندين الذين ظهروا في الفيديو لسماع أقوالهم، وطالبت النيابة بسرعة تحريات المباحث حول الواقعة، ونفت صدور أي قرار بضبط وإحضار أي من المتهمين، أو القبض عليهم، مؤكدة أن البلاغ محل تحقيق.

وانتهى مدير النيابة من تفريغ الأسطوانة المرفقة بالبلاغ، يظهر فيها الفنان أحمد مالك وصديقه شادي حسين مراسل برنامج "أبلة فاهيتا" وصديق ثالث لهما، يقومون بنفخ واقيات ذكرية على شكل بلالين داخل شقة، وكتبوا عليها "من شباب مصر للشرطة في 25 يناير"، ثم توجهوا إلى ميدان التحرير، ووزعوا الواقيات الذكرية على المجندين، على أنها "بلالين".

واستمعت النيابة لأقوال الضابط الذي ظهر بالفيديو، والذي قام بالحصول على بالونة من الشباب على أنها احتفال منهم بعيد الشرطة، وهو صاحب بلاغ اتهام مالك، ومذيع برنامج "أبلة فاهيتا"، بإهانة الشرطة بعد اكتشافه حقيقة الأمر.

وقال الضابط في أقواله أمام النيابة، إنه كان متواجدا في ميدان التحرير؛ لتأمينه في ذكرى الاحتفال بعيد الشرطة الاثنين، وفوجئ بثلاثة أشخاص يستقلون سيارة ملاكي، وزعوا بلالين على المجندين مكتوب عليها "25 يناير عيد الشرطة".

وأضاف الضابط أنه ظن أنهم شباب يحبون مصر، وحضروا للتحرير لمشاركة الشرطة في احتفالات عيدها، مشيرا إلى أنه لم يتخيل أن تصل سخرية الشباب لضباط ومجندين يسهرون على أمنهم وسلامتهم بهذا الشكل المهين.

رد شادي

ونقلت رولا أبو زيد، شقيقة شادي أبو زيد، بيانا عنه قالت فيه: "نقلا عن شادي حسين: "أولا: العمل الذي تم نشره هو سلسلة من الحلقات التي تم نشرها ضمن برنامج ساخر على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يكن العمل الأول الذي يتناول موضوعات اجتماعية بطريقة كوميدية".

وتابع: "ثانيا: يحمي دستور مصر الحالي الصادر في 2014 حرية الإبداع، بل يلزم أجهزة الدولة المختلفة بحماية المبدعين، وليس ترويعهم وتهديدهم بالقبض والتعذيب، كما ينهى الدستور عن توقيع أي عقوبة سالبة للحرية ضد المبدعين بسبب أعمالهم الإبداعية".

واستكمل: "ثالثا: لم يقدم العمل أي محتوى يجرمه القانون، سواء بالسب أو القذف لأي شخص أو جهة، كما ادعى مقدمو البلاغات. كما لم يقدم الفيديو أي تحريض لأعمال عنف أو تمييز بين المواطنين، ولم يتعدَّ العمل الإبداعي كونه عملا ساخرا".

واختتم شادي بيانه بالقول: "من الواضح أن الدولة تتعامل مع المبدعين على أنهم الحلقة الأضعف التي من السهل تهديدها وحبسها، بل وتعذيبها، ولم يتحرك أي من هؤلاء المواطنين الشرفاء ولا الدولة ضد الدعوات التحريضية ضدي التي صدرت إحداها من الصفحة الرسمية للشرطة المصرية بأنهم سيسلكون الطريق القانوني، وإن لم يتم تجريمي سوف يتم اللجوء لطرق أخرى، فأصبحت الجهة المسؤولة عن حمايتي هي من تتوعدني بالإيذاء، دون أي تحرك من النيابة العامة ضد هذا الفعل".

شركة "فاهيتا" توقف "شادي"

وفي أول رد فعل لها على الفيديو، أوقفت الشركة المنتجة لبرنامج "أبلة فاهيتا" مراسلها شادي حسين بطل القصة.

وقاد آخرون حملة لمقاطعة برنامج "أبلة فاهيتا"، وتصدر هاشتاج #مقاطعة_برنامج_أبلة_فاهيتا قائمة الأعلى تداولا على "تويتر".

كما ظهرت حملة مماثلة لمقاطعة فيلم "هيبتا"، الذي يشارك فيه أحمد مالك.

وقررت نقابة المهن التمثيلة وقف إعطاء تصاريح تمثيل لأحمد مالك بعد الواقعة.

في حين تقدم مالك باعتذار رسمي عبر صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" عن الفيديو الذي يسخر فيه من الشرطة بـ"الواقي الذكري".

مواقف الإعلاميين

رفض البعض حملة الهجوم التي تعرض لها الثنائي الشبابي، ومنهم المخرج عمرو سلامة، والفنان محمد عطية.

وأشاد الساخر، باسم يوسف، بموقف شادي، واصفا إياه بالـ"جدع"، في تغريدة عبر صفحته الرسمية، وانتقد الشركة المنفذة لبرنامج أبلة فاهيتا، عقب تخليها عن مراسلها قائلا، عبر تويتر": "اخص على الرُخص، وقلة الأصل"، ناشرا نص بيان "فاهيتا".

وأضاف -في تغريدة له على حسابه بموقع "تويتر"-: "شادي غلطان.. كان المفروض يتجسس على مكالمات الناس، و يذيعها، أو يطلع في برامج يشتم الناس بأمهم.. كان زمانه نائب في البرلمان.. هوده الأدب، ولا بلاش"، وذلك (في تعريض بالنائب البرلماني مرتضى منصور).

سيد علي يسب عائلة شادي

وفي المقابل، شن الإعلامي سيد علي هجوما حادا على أحمد مالك، وشادي حسين، وقال علي -خلال برنامجه "حضرة المواطن"، على قناة "العاصمة"- إن حذاء أي فرد في جهاز الشرطة برقبة هذين الشابين، وبرقبة عائلتهما، موجها إهانة إلى والدة شادي.