أدخلت سيطرة
تنظيم الدولة على مناطق استراتيجية غرب مدينة
دير الزور منتصف الشهر الحالي؛ النظام السوري في حالة من التخبط والارتباك، ما دفعه لمراجعة حساباته خوفا من خسارة مناطق أخرى من المساحة الصغيرة المحاصرة التي يسيطر عليها، والمقدرة بحوالي 20 في المئة من إجمالي مساحة المحافظة فقط.
وشكلت التطورت الأخيرة تهديدا مباشرا لمراكز ثقل النظام في اللواء 137 وحي الجورة، بعد التقدم في محيط كتيبتي الصاعقة والصواريخ، وضاحية البغيلية.
وقد لجأ نظام الأسد إلى إطلاق حملة لاعتقال الشباب والرجال في المناطق الخاضعة لسيطرته، وذلك لتدارك النقص الحاصل في صفوف قواته بعد خسارته المئات من عناصره، على اعتبار أنها الطريقة الأسهل والأقل تكلفة، عوضا عن استجلاب قوات من خارج هذه المناطق جوا، كما فتح جسرا جويا بالمروحيات القادرة على الهبوط في مطار دير الزور العسكري.
وبهذا الصدد، قال مدير مرصد العدالة من أجل الحياة في دير الزور، جلال الحمد، في حديث لـ"
عربي21"، إن "حملة
التجنيد في مدينة دير الزور بدأت منذ حوالي ستة أشهر، على شكل حملات مصغرة وغير متواصلة، كانت تقوم بها دوريات مشتركة من الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية والأمن على نطاق محدود، وكان يستثنى المؤجل دراسيا والمُعفى من الخدمة الإلزامية".
وبالإضافة إلى الاعتقالات تلك، يقول الحمد،: "كان النظام يمارس سياسة الإغراء المادي، ويستفيد من حالة الفقر التي يعاني منها سكان المدينة، لكنه لم يفلح في مبتغاه إلا في حالات معدودة".
ولمواجهة ذلك، وبحسب الحمد، أوعز قائد الحملة العسكرية في المدينة اللواء محمد الخضور، قبل أيام قليلة، إلى الجهات العسكرية كافة، بوجوب اعتقال كل الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاما، بدون استثناء أحد، حتى الموظفين منهم.
وأشار الحمد إلى لجوء قوات النظام إلى "الحيل" للإيقاع بالشبان، مضيفا: "بعد وصول المساعدات الغذائية الروسية إلى المناطق التي يفتك بها الجوع، كان النظام يستغل منافذ التوزيع للاعتقال، بعد إعلام الأهالي بضرورة التجمع في منافذ توزيع محددة".
ووفق الحمد، فقد "تم اعتقال أكثر من 100 شاب في 24 كانون الثاني/ يناير الحالي من منطقتي القصور والجورة فقط"، مشيرا إلى قيام النظام بتجميع الشبان المعتقلين في معسكر الطلائع واللواء 137، وإخضاعهم لدورات عسكرية مدتها 15 يوما، ومن ثم الزج بهم في جبهات القتال المتقدمة على الفور.
من جهته، أكد الصحفي محمد حسان لـ"
عربي21 " أن "النظام يقوم بتوزيع الشبان بعد تدريبهم سريعا على الجبهات الملتهبة مع التنظيم، ويكون مصيرهم الموت غالبا، بسبب عدم امتلاكهم لمهارات القتال".
وفي المقابل، أشار حسان إلى قيام تنظيم الدولة بعمل مشابه في المناطق التي يسيطر عليها.
وأوضح حسان، وهو من أبناء مدينة دير الزور، أن "التنظيم يقوم بسحب المقاتلين الذين كانوا منتمين لفصائل الجيش الحر سابقا، بعد أن كانوا قد خضعوا في وقت سابق إلى معسكرات استتابة، إلى جبهات القتال رغما عنهم".
الجوع يفتك بالمناطق المحاصرة
وعلى صعيد مواز، يعيش حوالي 183 ألف مدني في المناطق المحاصرة الخاضعة لسيطرة النظام، وفق آخر إحصائية صادرة عن الصليب الأحمر، أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة منذ ما يزيد عن نصف عام.
وفاقمت سيطرة تنظيم الدولة، مؤخرا، على ضاحية "البغيلية" من معاناة السكان، ذلك لأن الضاحية كانت المعبر الوحيد الذي تتم من خلاله عمليات تهريب المواد الغذائية إلى داخل الأحياء المحاصرة؛ من المناطق المحيطة التي يسيطر عليها التنظيم، عدا عن كونها المنطقة الوحيدة الصالحة للزراعة.