نشرت صحيفة لكسبراس الفرنسية تقريرا، بمناسبة مرور سنة على تولي
الملك سلمان الحكم خلفا للملك الراحل عبد الله، قيمت فيه أبرز التغييرات التي طرأت على السياسة
السعودية الداخلية والخارجية، وتأثيرها على وضع المملكة في المنطقة، في سياق تعاظم المخاوف من
إيران وتنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ وفاة الملك عبد الله في بداية سنة 2015، واجهت السعودية عدة تحديات، وعرفت أيضا تغييرات مهمة في سياستها، ذلك أن الملك سلمان كان عازما منذ البداية على اتخاذ بعض القرارات الجريئة والمهمة، دون المساس بالطبيعة المحافظة للمملكة.
واعتبرت الصحيفة أن السعودية تغيرت بتغير رأس السلطة، حيث إنه بعد سويعات قليلة من وفاة الملك عبد الله؛ عين الملك سلمان ابنه الشاب محمد بن سلمان وزيرا للدفاع، لتسفر السنة التالية بعد هذا القرار على عدة تغييرات شملت
السياسة الخارجية أكثر من الداخلية.
وقالت الصحيفة إن المملكة تحت حكم الملك سلمان اختارت سياسة خارجية تعتمد على القوة والصرامة، في مواجهة صعود خطر تنظيم الدولة، أما على المستوى الداخلي فقد واجهت مشكلة تراجع أسعار النفط واضطرت للقيام بإجراءات تقشفية غير مسبوقة لسد العجز في الميزانية، بينما لم يتغير الكثير فيما يخص انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية لأوضاع الأقليات والمرأة في المملكة.
ونقل التقرير عن "آدم بارون"، من المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية، قوله إن التغير الأساسي في المملكة طرأ على الديبلوماسية والسياسة الخارجية، حيث إننا شاهدنا السعوديين يؤدون دورا قياديا أكثر أهمية في المنطقة، كان مدفوعا بشعورهم بغياب القوى الغربية، وخاصة الحليف التقليدي الولايات المتحدة، ومدفوعا أيضا بالحيرة أمام صعود إيران وتزايد طموحاتها في المنطقة، حيث إن إيران كثفت مساعيها خلال السنة المنصرمة لزيادة نفوذها في سوريا واليمن بشكل خاص، من خلال دعم بشار الأسد والحوثيين.
وذكر التقرير أن وفاة 2300 حاج في حادثة التدافع بمنى خلال موسم الحج، في أيلول/ سبتمبر الماضي، زادت من التوتر بين المملكة وإيران التي توفي أكثر من 400 من حجاجها في هذه الحادثة، وهو ما أجج ذلك الصراع السني الشيعي.
أما المملكة من ناحيتها؛ فإنها لم تتردد في قطع علاقاتها الديبلوماسية مع طهران مع مطلع السنة الحالية، بعد أن تعرضت سفارتها في طهران للاعتداء في أثناء مظاهرات رافضة لإعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر باقر النمر.
كما ذكر التقرير أنه بعد ثلاثة أشهر فقط من وفاة الملك عبد الله، أظهر سلمان طموحاته الإصلاحية، وحاول القطع مع الماضي وفتح صفحة جديدة مع الجيل الشاب في المملكة، حيث عين وزير الداخلية محمد بن نايف (56 سنة) في منصب ولي العهد، بينما وضع ابنه محمد في منصب ولي لولي العهد، أي في المرتبة الثانية في سلسلة الحكم، كما عينت المملكة وزيرا جديدا للخارجية وهو عادل الجبير (53 سنة).
ونقلت الصحيفة عن إيمان فلاتة، الناشطة السعودية المؤسسة لمبادرة "بلادي" التي ساعدت السعوديات المشاركات لأول مرة في الانتخابات البلدية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قولها؛ إن طريقة تفكير الحكومة في المملكة تغيرت كثيرا مع صعود جيل جديد من القيادات الشابة.
وأضافت الصحيفة أن هذا التغيير كان هدفه بالأساس التأقلم مع طموحات ورغبات الشعب السعودي، وإرضاء المجتمع المحلي وتبديد مخاوفه. وفي المقابل، لم تكن المملكة تلقي بالا لمواقف الدول الغربية والمجتمع الدولي والنخبة الليبرالية في الداخل، حيث إنها لم تحاول إحداث تغييرات اجتماعية قسرية أو تغيير وضع المرأة بشكل سريع، حتى لا تثير غضب الفئات المحافظة.
كما اعتبرت الصحيفة أن ولي ولي العهد محمد بن سلمان هو الرجل القوي الجديد في المملكة، حيث إنه يمسك بعدة ملفات مهمة ويجمع بين سلطات متعددة، من بينها وزارة الدفاع ورئاسة مجلس مراقبة شركة أرامكو العملاقة للصناعات البترولية. وقد أشار عدة دبلوماسيين ومتابعين وخبراء في الشأن السعودي إلى وجود صراع على السلطة بدأت تتوضح ملامحه، بينه وبين محمد بن نايف وزير الداخلية المكلف بملف محاربة الإرهاب.