قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها، إنه منذ العمليات التي نفذها جهاديون في باريس وبيروت وأنقرة، فقد كانت مدن أخرى حول العالم مرشحة للهجمات، في محاولة مما يطلق عليها "الخلافة" للحفاظ على أراضيها في كل من العراق وسوريا.
وتشير الافتتاحية إلى أن "
تنظيم الدولة نشر رسالته في أراضي المسلمين كلها، فهجماته على إسطنبول وجاكرتا كانت صادمة، لكنها لم تكن مفاجئة، فقد استفاقت تركيا على نتائج سياسة السماح بمرور المتطوعين عبر أراضيها لقتال بشار
الأسد، ومن خلال الخلايا النائمة التابعة لتنظيم الدولة داخل أراضيها".
وتقول الصحيفة: "تقع تركيا على مفترق طرق بين أوروبا والشرق الأوسط والبلقان ودول القوقاز، وكلها تعد أهدافا للتنظيم. إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد التركيز على قتال التمرد الكردي، الذي اشتعل من جديد، ويتغذى، كما يقول، بالدعم الغربي للمليشيات الكردية في العراق وسوريا، التي تقاتل تنظيم الدولة قريبا من الحدود. ولكن سلطات الأمن التركية عليها أن ترد في النهاية على التفجيرات التي يقوم بها جهاديون تابعون لتنظيم الدولة ضد أهداف كردية داخل تركيا".
وتضيف الصحيفة: "تعرضت أندونيسيا، التي تعد أكبر دولة مسلمة تعدادا للسكان، لهجمات إرهابية من قبل، وكان أشهر هجوم سيئ السمعة عام 2002 على جزيرة بالي، وأصبحت البلاد، التي يعيش فيها ثلثا مسلمي العالم هدفا وساحة لتنظيم الدولة وأزلامه، الذي يرغب بزيادة توسعه".
وتلفت الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن العديد من الآسيويين يفاخرون بتسامحهم وثقافتهم وتعدديتهم الدينية، مستدركة بأن "انتشار التفكير الوهابي يمثل تهديدا لهذه الثقافة، في الوقت الذي كانت فيه غالبية المسلمين في العالم يمقتون تنظيم الدولة، الذي لوث يديه بدم المسلمين بشكل رئيسي".
ومن هنا ترى الصحيفة أن "الكفاح ضد تنظيم الدولة وأشياعه ممن يتغذون على فكره حول (الحملة الصليبية) الغربية ضد المسلمين، وتوسع
إيران الرافضية في العالم العربي، سيكون طويلا وصعبا. ولابد لتنظيم الدولة بأن يكون واضحا في طريقه الطويل المحتوم والدموي".
وتقول الافتتاحية: "لابد أولا من الفهم أنه من الخطأ مغازلة الجهاديين، وباكستان تمثل أسوأ قصة لذلك، ونتيجة للجهاد المدعوم من الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات من القرن الماضي، وما تبعه من تعاون إسلام أباد مع الإسلاميين في حربها المنسقة ضد الهند، يعاني هذا البلد النووي اليوم من حرب جهادية تمتد من كشمير حتى جبال هندكوش، وعلى تركيا أن تتعلم من هذا الدرس، فالممر الجهادي بدأ ينحرف عكسا إلى أراضيها".
وتورد الصحيفة أن "الأمر الثاني يتعلق بالتشارك في المعلومات حول طرق تجنيد الجهاديين وتمويلهم، وهذا أمر حيوي وعاجل".
وتجد الافتتاحية أن الأمر الثالث يتلخص بأن "على الولايات المتحدة وروسيا كونهما قوتين خارجيتين في
سوريا، بالإضافة إلى
السعودية وإيران الداعمتين الإقليميتين للأطراف المتصارعة، وكذلك تركيا، مضاعفة جهودها لبدء عملية الانتقال من النزاع السوري اليومي الفظيع، الذي يعد المصدر الرئيسي لأزمة اللاجئين، التي تزلزل جيران سوريا وأوروبا، ويجب قطب هذا الجرج؛ من أجل إنهاء حس المظلومية السنية، الذي يقوم بتغذية رواية تنظيم الدولة".
وترى الصحيفة أن "سياسة كل من السعودية وإيران تجاه بعضهما، خاصة دعم إيران لنظام الأسد، تعد عقبة أمام مواجهة تنظيم الدولة".
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بالإشارة إلى "أنه لا بد من إجماع دولي في مجالين آخرين، ويتعلقان بدور إيران في المنطقة، خاصة بعد الاتفاق النووي، والآخر يتعلق بالفكر الوهابي وانتشاره".