انهت الجماعة الاسلامية في
لبنان (الامتداد اللبناني لحركة الاخوان المسلمين) انتخاباتها التنظيمية الداخلية باختيار قيادة جديدة تمثلت بالاستاذ عزام الايوبي امينا عاما وبالاستاذ مصطفى خير نائبا للامين العام وبالنائب السابق المحامي اسعد هرموش رئيسا للمكتب السياسي، وبانتظار استكمال الجماعة ترتيب اوضاعها الداخلية يكون هذا التنظيم الآتي من اصول اخوانية اسلامية قد اكد على اعتماد الخيار الديمقراطي الداخلي ورفض مبدأ التمديد او التجديد للامين العام السابق الاستاذ ابراهيم المصري او تغيير النظام الداخلي استجابة لمناشدات بعض كوادر او مناصري الجماعة للتمهيد لبقاء المصري في موقعه، رغم كل ما يتمتع به من مميزات قيادية وسياسية وفكرية ودوره التاريخي في قيادة الجماعة او في حركة الاخوان المسلمين.
وفي
تونس اعلن زعيم حركة النهضة الاسلامية (وهي امتداد حركة الاخوان المسلمين في تونس) الاستمرار بالشراكة السياسية والحكومية مع حزب نداء تونس والحفاظ على التجربة الحكومية الحالية، رغم فقدان حزب نداء تونس للاغلبية البرلمانية بعد استقالة عدد كبير من نوابه بسبب الازمة الداخلية التي يواجهها الحزب بسبب سعي نجل رئيس الحزب القائد السبسي للوصول الى رئاسته خلفا لوالده.
وقد نجحت حركة النهضة في تونس بحماية التجربة الديمقراطية والمرحلة الانتقالية خلال السنوات الخمس الماضية واستفادت من تجارب بقية الحركات الاسلامية ولا سيما حركة الاخوان المسلمين في مصر ، من اجل مواجهة مختلف التحديات وحماية الوحدة التونسية وعدم الانزلاق الى اي صراع داخلي يؤدي الى ضرب نتائج الثورة الشعبية في تونس.
وهكذا من لبنان الى تونس (وصولا الى دول اخرى كالمغرب مثلا) نشهد تجارب اسلامية ايجابية على صعيد ممارسة الديمقراطية، سواء داخل التنظيمات الاسلامية او على الصعيد السياسي العام، كما اننا نستمع لخطاب اسلامي حواري ورافض للعنف والتطرف، وذلك في مواجهة ما نشاهده من اشكال عنفية ومتطرفة وفاشلة على الصعيد الاسلامي في العديد من الساحات والمناطق.
وهذه المعطيات تؤكد انه لا يمكن وضع كل التجارب الاسلامية والحركات والاحزاب الاسلامية في سلة واحدة وانه ينبغي تقييم كل تجربة اسلامية وفقا لاوضاعها ومعطياتها الداخلية والظروف السياسية التي تنشط فيها.
لكن الملاحظة الاهم في هذه التجارب، وخصوصا في لبنان وتونس والمغرب، ان وجود مناخ ديمقراطي ومتنوع وحريات عامة يساهم بشكل اساسي في تطوير اداء الحركات الاسلامية ويجعلها اكثر قابلية للالتزام بالديمقراطية والمشاركة السياسية، وكلما ضعفت الديمقراطية او تراجعت واشتد العنف والاستبداد والقمع كلما اتجهت الحركات الاسلامية نحو العنف والسرية والتطرف، وهكذا اذا نظرنا الى كل الواقع العربي والاسلامي نلاحظ ان العنف والتطرف يشتدان في مناخات القمع والصراعات السياسية واجواء الاستبداد وتراجع دور الدولة الوطنية والديمقراطية.
وعلى ضوء هذه المعطيات تأتي اهمية تشجيع كل التجارب الديمقراطية في العالم العربي والاسلامي والعمل من اجل حماية هذه التجارب ورفض الانقلاب عليها تحت اية حجة وتلك مسؤولية اسلامية وقومية وعروبية، وان مواجهة التطرف والعنف لا تتم فقط من خلال الاعمال العسكرية والامنية او عبر عقد المؤتمرات المتنقلة من عاصمة عربية الى اخرى، بل من خلال العمل لقيام الدولة الديمقراطية الحقيقية وحماية حقوق الانسان وتأمين الحد الادنى من مطالب الانسان من تنمية وسكن وصحة وعمل وخصوصا للشباب العاطل عن العمل او لخريجي الجامعات الذين ينتظرون سنوات طويلة لتحقيق احلامهم.
نحن اذن امام مؤشرات ايجابية في الواقع العربي والاسلامي رغم كل التحديات والمخاطر التي نواجهها اليوم وعلينا الاستماع الى هذه الرسائل الايجابية والتعاطي معها بانفتاح ومرونة وتلك مسؤولية مشتركة.