نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا حول طريقة تعامل الرئيس الأمريكي باراك
أوباما مع
الشرق الأوسط، وقالت إن الرئيس الأمريكي يعتمد سياسة معقدة وغير بناءة، أدت لتأجيج الصراع السعودي
الإيراني وتعميق الأزمة السورية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته عربي21، إن "التوتر بين الرياض وطهران يصعّب مهمة أوباما في سوريا، حيث إن إيران التي دخلت في عداء مع الولايات المتحدة منذ ثورة سنة 1979، والسعودية التي أصبحت حليفا لها منذ الحرب العالمية الثانية، تمثلان شريكين مهمين في جهود إنهاء الحرب في سوريا وتجنب سباق نووي في المنطقة، ولكن رغم ذلك تصر الإدارة الأمريكية على اتخاذ مواقف غامضة، وتكتفي بالدعوة للتهدئة.
ونقلت الصحيفة عن تريتا بارسي، رئيسة مجلس العلاقات الأمريكية الإيرانية، أن "واشنطن ترى في مواقف الرياض محاولة لتسليط الضغط عليها، من أجل إجبارها على اتخاذ موقف مساند لها بدل الحياد، وثنيها عن تحسين علاقاتها مع إيران؛ ولذلك فهي ترفض الانخراط في هذه الأزمة الأخيرة".
وذكرت للصحيفة أنه خلال فترة الحرب الباردة، كانت المملكة وإيران أهم الشركاء السياسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ففي مقابل الحماية العسكرية، أمّن النظام السعودي إمدادات النفط لحليفه الأمريكي. أما إيران فقد لعبت دور الشرطي بالوكالة في المنطقة خلال حكم الشاه رضا بهلوي، وكانت الدولتان السنية والشيعية تحكمهما أنظمة دكتاتورية.
وأضافت أن استراتيجية الاعتماد على هذين الشريكين انهارت في سنة 1979، بعد الثورة التي أطاحت بالشاه وجاءت بالملالي الذين اعتمدوا منذ البداية سياسة عدائية تجاه الغرب. ومنذ ذلك الوقت، تطورت العلاقة الأمريكية
السعودية بشكل لافت، حيث إنه في سنة 1991 كانت أراضي المملكة هي القاعدة الرئيسية التي انطلقت منها حرب الخليج الأولى ضد قوات صدام حسين في العراق.
ثم بعد عشر سنوات، تعرضت الولايات المتحدة لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، حين نجح تنظيم القاعدة في إسقاط برجي مركز التجارة العالمي بواسطة طائرات مدنية. وبعد ذلك تم الكشف عن أن 15 من أصل 19 مشاركا في تلك الهجمات كانوا سعوديين، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول العلاقة بين البلدين، وجلب انتقادات كبيرة للإدارة الأمريكية؛ بسبب اعتمادها المفرط على النفط السعودي.
واعتبرت الصحيفة أن العلاقات بين البلدين بلغت مستوى غير مسبوق من التدهور في عهد الرئيس أوباما، في مقابل تقارب ملحوظ مع الجانب الإيراني، كما أن التوتر بين البلدين تزايد؛ لأن المملكة لم تتفهم كيف سمح أوباما بسقوط نظام حسني مبارك في مصر خلال ثورة 25 يناير، ورحب بثورات الربيع العربي التي مثلت تهديدا لكل الأنظمة الحليفة لواشنطن في المنطقة، ويضاف إلى ذلك تغيير الولايات المتحدة لسياستها الطاقية، من خلال البدء بالتنقيب عن النفط الصخري، للحد من تبعيتها للمملكة.
كما أن إصرار أوباما على عدم التدخل في سوريا في سنة 2013 لوضع حد لمجازر نظام بشار الأسد وحلفائه من المليشيات الشيعية، دفع بالسعودية للأخذ بزمام الأمور بنفسها والتدخل عبر دعم فصائل المعارضة السورية، ردا على دعم إيران لنظام بشار الأسد.
وقالت الصحيفة إن الخلافات بلغت قمتها مع التوصل للاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى، في مدينة فيينا في حزيران/ يونيو 2015، ورغم أن هذا الاتفاق اعتبر نجاحا في إبطاء جهود إيران الرامية لتصنيع القنبلة النووية، في مقابل الرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فإنه اعتبر من قبل المملكة فرصة لإيران للعودة للساحة الدولية، وتشجيعا لها على مواصلة سياساتها التوسعية والطائفية في المنطقة.
ولكن، رغم هذا التوتر فإن إدارة أوباما لم تقطع علاقاتها مع السعودية، بل إنها واصلت التعاون العسكري معها، وقد وافق الكونغرس منذ سنة 2010 على بيع عدد من الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر، والأنظمة المضادة للصواريخ، والقنابل، والمدرعات، ومعدات عسكرية أخرى تبلغ قيمتها 90 مليار دولار.
كما كشف تقرير مؤخرا أن المخابرات الأمريكية قدمت دعما لسلاح الجو السعودي في قصفه لمواقع الحوثيين في اليمن، وهي تحتاج أيضا للشريك السعودي في مسألة أخرى شديدة الأهمية، وهي الحرب على تنظيم الدولة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الواقع الجديد في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط يمكن أن يتغير في سنة واحدة، مع وصول مرشح جمهوري للبيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث سيعمل الرئيس المقبل على الأرجح على استعادة التحالف الاستراتيجي مع السعودية، ويحاول تعطيل أو إجهاض الاتفاق النووي الإيراني.
وصرح السيناتور الأمريكي والمرشح الرئاسي، ماركو روبيو، خلال جملته الانتخابية الأسبوع الماضي؛ بأن "السعودية ليست خصما لأمريكا، والعدو الحقيقي هو إيران، ولذلك فمن غير المعقول أن يقف أوباما على الحياد أو يكتفي بدعوة الطرفين للتهدئة".