فيما تواصل حكومة طهران تصعيدها ضد المملكة العربية
السعودية، واصلت الرياض جهودها في ضم دول من خارج مجلس التعاون الخليجي في الضغوط والعقوبات التي تتجه لفرضها على
إيران.
وانضمت دول مثل الأردن والسودان، ودول أخرى من أفريقيا إلى السعودية، وأعلنت استدعاء السفير الإيراني لإبلاغه احتجاجات رسمية على الموقف من السعودية، فيما أعلنت دول خليجية تضامنها مع حكومة المملكة التي طردت البعثة الدبلوماسية الإيرانية، وهددت باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد حكومة طهران.
في ردها على هذه الضغوط العربية والخليجية، أعلنت حكومة طهران الخميس، أنها قررت حظر استيراد السلع السعودية، أو أي بضائع واردة عبر المملكة، كما قررت تعليق إرسال الإيرانيين للقيام بشعائر العمرة، وذلك حتى إشعار آخر.
وقال خبر أوردته وكالة الأخبار الإيرانية، إن حكومة طهران عقدت اجتماعا استثنائيا برئاسة الرئيس حسن روحاني، مُنع خلاله استيراد أي سلع سعودية أو من خلال المملكة، بما في ذلك المناطق الحرة الواقعة على الحدود بين البلدين.
كما قررت الحكومة تعليق إرسال الإيرانيين للقيام بشعائر العمرة "حتى إشعار آخر".
هذه التطورات تأتي على خلفية قيام السعودية بإعدام رجل الدين السعودي الشيعي، نمر باقر النمر، الأمر الذي أثار استياء الإيرانيين.
وربما سيكون الملف
الاقتصادي هو الورقة الصعبة التي من المتوقع أن تضغط دول الخليج بها على حكومة طهران، هذا ما أكده الخبير الاقتصادي المصري الدكتور فاروق عبد الحي، لـ"عربي21"، مشيرا إلى أن دول الخليج تعد أكبر سوق مستهلك للمنتجات الإيرانية.
وأوضح عبد الحي أن قطع العلاقات بين دول الخليج وإيران، ومع استمرار تراجع أسعار النفط، وأيضا الضغوط الاقتصادية الصعبة التي وجدت بموجب العقوبات التي فرضت علي إيران قبل فترة، جميعها تمثل عوامل ضغط كبيرة على حكومة طهران، وهناك أزمات داخل إيران لا يمكن مع استمرار وجودها أن تفتح جبهات وحروب خارجية في المنطقة.
وقال إن الملف الاقتصادي يعد الأبرز في هذا الصراع الذي سوف ينتهي حتما لصالح السعودية، التي تقود تحالفا عربيا وخليجيا ضد حكومة طهران، خاصة أن إيران سوف تفقد جزءا كبير من تجارتها الخارجية، وسوف يتزايد عجز الميزان التجاري لديها مع دول المنطقة، خاصة دول الخليج التي تعد البوابة الرئيسية للمنتجات والسلع الإيرانية، بخلاف أنها سوق كبير لهذه المنتجات.
واستبعد عبد الحي قيام دولة مثل
الإمارات تضم عددا كبيرا من رجال الأعمال الإيرانيين، بإلغاء كل هذه الاستثمارات أو مصادرة ممتلكات الإيرانيين على أراضيها، أو حتى التضييق عليهم، خاصة أن اقتصاد الإمارات يقوم على النفط الذي يعاني تراجعا حادا في الأسعار، وبالتالي لن تتجه إلى المساس بالاستثمارات الخارجية القائمة على أراضيها.
ويعيش في الإمارات نحو 400 ألف إيراني بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال، وتوجد 8 آلاف شركة إيرانية تعمل في الإمارات بشكل رئيسي في قطاع المواد الغذائية، والمواد الخام، والحديد والفولاذ، والإلكترونيات، والإطارات، والمعدات المنزلية، وغيرها من المواد، بحسب "مجلس الأعمال الإيراني في دبي".
وقال المحلل الاقتصادي المصري، مصطفى عبده، إن موانئ دول الخليج هي المعبر الرئيسي للمنتجات والسلع الإيرانية، ولن تترك إيران الأمر يمر بسهولة حال وقف دول الخليج دخول المنتجات الإيرانية عبر موانئها، لأن ذلك يعني محاصرة إيران وغلق الأبواب الرئيسية أمام تجارتها مع دول العالم.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن التقارير والأرقام الرسمية تقول إن حجم تجارة إيران مع دول المنطقة يتجاوز 20 مليار دولار، وهناك سيولة في حركة التجارة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي تسببت في ارتفاع حجم التجارة إلى هذا الرقم، ولن تجد إيران أسواقا بديلة، خاصة أنه يتم نقل المنتجات الإيرانية عبر موانئ دول مجلس التعاون الخليجي.