عاود الخبير الاقتصادي والكاتب الصحفي، الدكتور
محمود عمارة، هجومه العنيف على مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان خلال عام، الذي أعلن عنه قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، ضمن برنامجه الانتخابي لرئاسة البلاد في منتصف عام 2014، وشهد حفل تدشين المرحلة الأولى منه بمنطقة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد في الأسبوع الماضي.
ووصف عمارة "الذهاب إلى الوادي الجديد، وإنفاق المليارات، واستيراد أحدث المعدات، والاستدانة لحفر آبار عميقة، من أجل زراعة شعير بمقدار 6500 فدان، وقمح على مساحة 1500 فدان، بأنه "العبث، والتبذير، ويلزم "الحَجْر" على كل من أوحى إلى السيسي بهذه الأفكار المدمرة"، وفق قوله.
جاء ذلك في مقال لعمارة، الثلاثاء، بجريدة "الوطن"، حمل عنوان: "كرسي في الكلوب".
وروى عمارة في البداية أنه بمجرد أن رأى الناس على الشاشات، السيسي وسط المساحات الخضراء، كبداية لمشروع "المليون ونُص المليون فدان"، انشرحت قلوبهم بعد أن تبدل باللون الأصفر الصحراوي الكئيب، لون السجاجيد الخضراء، وفي الوقت نفسه، "تلقيت نهرا من الاتصالات، من د. صبري الشبراوي، والفنان محمود عبدالعزيز، ود. إبراهيم فوزي، واللواء فؤاد علام، وعشرات
المصريين بالخارج والداخل، وكلهم يرغبون في سماع رأيي".
وعلق عمارة بالقول: "كان علينا أن نتعلم من أعراب الصحراء، الذين "يبذرون تقاوى الشعير والقمح"، في أراضي الساحل الشمالي، من الإسكندرية حتى العريش، فتهطل عليها الأمطار "مجانا"، فتخضّر كل المساحات، وينمو المحصول، ويتم حصاده، والعائد 2000 جنيه، ولو كانت هناك بعض التقاوى المنتقاة تُنتج 25 أردبا بدل 16 حاليا، سيكسب خمسة آلاف من الفدان، والدولة توفّر الدعم".
وقال: "اعتراضي على عدم وجود دراسة جدوى اقتصادية.. تقول: "سنصرف كم على الفدان، وسنجيب كم طن، وسنبيعهم بكم؟ وسنخسر أو نكسب كم؟".
وشدد الكاتب على أنه "ليس معقولا أن "الشباب" يستدين ويوقّع على شيكات لكي يشترى الفدان بخمسين ألف جنيه، ويكتشف بعدها أننا ضحكنا عليه، بأن "فدان القمح أو الشعير" يخسر معه من ألفين إلى أربعة آلاف جنيه، ونرجع نقول: "ادعم يا "صندوق تحيا مصر"، أو البنوك تسجنه" (!)
وتابع عمارة أن الحل ببساطة هو أنه: "لو كنا عايزين (نريد) نزرع قمح وشعير، والشباب يكسب صافي 2000 جنيه من الفدان، كنا رُحنا الساحل الشمالي، حيث كان هذا الساحل مزرعة للغلال أيام الرومان، فهناك 2?5 مليون فدان يمكن زراعتها بالقمح والشعير والفول والعدس على الأمطار مجانا، ولا يحتاج القمح والشعير سوى ريّة تكميلية واحدة، ممكن عن طريق امتداد ترعة الحمام"، وفق قوله.
وتابع الخبير الاقتصادي: "كنت أتصور أن نزرع كل سواحلنا الشمالية بمحاصيل استراتيجية، بتكاليف شبه مجانية، وبـ"تقاوى منتقاة" نعمل بها توسُّعا رأسيا، وبعدها نذهب إلى الوادي الجديد، حيث توجد مياه جوفية مكلفة".
وفي الختام قال عمارة: "لكل من سألني، عن مشروع المليون فدان.. أُطمئنهم بالتالي: "امتنعت عن الظهور على الشاشات، أو حتى المداخلات التي طلبت أن أُدلى برأيي يوم حضور السيسي افتتاح باكورة المليون فدان؛ حتى لا أكون من الذين يضربون "كرسي في الكلوب"، في أثناء فرحة الاحتفال"، حسبما قال.