ما إن تهدأ الخلافات بين
جيش الإسلام من جهة وجيش تحرير الشام من جهة أخرى، في مناطق
القلمون الشرقي، حتّى تعود إلى الواجهة، وسط تبادل للاتهامات من قبل طرفي
الصراع في ريف دمشق، ما بين الولاء لتنظيم الدولة أو مبادرة الطرف الآخر بالاعتداء.
وتشهد منطقتا "القصير" و"الرحيبة" بريف دمشق؛ صراعا بين الجانبين، واعتقالات متبادلة لمقاتليهما على يد الطرفين، وفي الأيام القليلة الماضية، قام جيش الإسلام باعتقال ثلاثة مقاتلين من جيش تحرير الشام، قبل أن يقوم بإطلاق سراحهم بعد تدخل القوة الأمنية في الرحيبة، وفق نشطاء.
من جهته، أعلن جيش الإسلام في نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي عن اغتيال أحد عناصره في مدينة الضمير، ويدعى أدهم قاسم القاضي، متهما
تنظيم الدولة بتنفيذ العملية. وأفاد تسجيل مصوّر للجيش؛ بأنّ القاضي اعتزل القتال الناشب بين أتباع التنظيم وجيش الإسلام، ورمى بندقيته جانبا.
ويتهم جيش الإسلام فصيل جيش تحرير الشام؛ بمبايعة تنظيم الدولة، بعد رفضه الدخول في غرفة عمليات "الفتح المبين" الّتي أعلن عنها جيش الإسلام في نيسان/ أبريل الماضي، بهدف طرد تنظيم الدولة من القلمون الشرقي، وبالتحديد من مناطق الرحيبة، والضمير، وجيرود.
ويقول الناطق الرسمي باسم جيش الإسلام، إسلام علوش، في تصريح خاص بـ"
عربي21"، إن الخلاف مع جيش تحرير الشّام يعود إلى أن "ما يسمى بجيش تحرير هو جيش مبايع لتنظيم الدولة، وسبق وأن خرجت للإعلام مقاطع فيديو تظهر محادثات جرت بين قيادي في جيش تحرير الشام ومسؤول التنظيم في بئر القصب بالقلمون الشرقي؛ يتحدثان فيها عن إدخال مفخخات إلى مدينة الضمير، وبالتالي فإن سبب قتالنا لهم هو انتماؤهم للتنظيم وسعيهم لسفك دماء أهالي مدينة الضمير"، بحسب تعبير علوش.
من جهته، ينفي مصدر قيادي في جيش تحرير الشام، تحدث لـ"
عربي21" شريطة عدم الكشف عن هويته، اتهامات جيش الإسلام له بمبايعة تنظيم الدولة، مشيرا إلى أنّ اتهامات المبايعة للتنظيم ليست الوحيدة، بل تتعداها إلى اللصوصية ومساعدة قوات النظام "وهو أمر لم يحصل أبدا"، وفق قوله.
وطالب القيادي في جيش تحرير الشام؛ جيش الإسلام بوقف ما أسماه "البغي" عليهم، كي يتم حل الخلافات بين الجانبين، مبديا استعداد جيش التحرير للقبول بتحكيم أية محكمة شرعية لحل الخلاف بينهما، متهما جيش الإسلام بخرق عدد من الاتفاقيات السابقة بين الجانبين.
وتشكّل جيش تحرير الشام من عدة فصائل تحت قيادة النقيب فراس البيطار. ويبلغ عدد مقاتليه نحو 1500 مقاتل، وكان آخر المنضمين في منطقة القلمون الشرقي، جبهة نصرة المظلوم، المكونة من 450 مقاتلا، وذلك في شهر نيسان/ أبريل من العام الماضي.
بدوره، اتهم الناشط أبو أحمد القلموني، وهو من منطقة الرحيبة ومقرّب من جيش تحرير الشّام، قائد جيش الإسلام في الرحيبة، أبا أسامة بكراش؛ بأنه يريد طرد جميع من يصفهم بالغرباء منها، وبالأخص جماعة فراس بيطار باعتباره ليس من أهالي الرحيبة.
وأشار القلموني إلى أنّ الخلافات بين الطرفين تهدأ لفترة ثم تعود للاشتعال، وسط ترصد من قبل الجانبين، لافتا إلى أنّ القوة الأمنية في المدينة هي غالبا ما تحل الخلافات بين الجانبين.
وشكلت الهيئة الشرعية في مدينة الرحيبة بالقملون الشرقي، في أيلول/ سبتمبر الماضي؛ قوة مشتركة للمدينة، من جميع الفصائل العسكرية باستثناء الفصيلين المتنازعين، حيث تتسلم أمن المدينة وحماية مقرات الفصيلين بعد سحبهما قواتهما من الشوارع. ولهذا الحق في التعامل مع الفريق الذي يحاول الاعتداء على الآخر، ونجحت القوة إلى حد كبير في الأيام الماضية بامتصاص الخلافات بين الطرفين، لكنها لم تستطع حتّى الآن إنهاء الصراع بالكامل.