مصر العسكر لا تتصرف كدولة ذات سيادة إلا مع دولتين اثنتين فقط هما : فلسطين والسودان، وعلى الرغم من أن الواجب يحتم عليها أن تخفض لهما جناح الذل من الرحمة؛ لأسباب تعلمونها جيدا وأنتم فى غنى عن تكرار سردها عليكم، إلا أننا نجد مبالغة كبيرة في التعنت معهما تحديدا، إلى الدرجة التي تصل إلى ارتكاب أبشع الجرائم ضدهما. أما باقي دول العالم فإنها تتصرف معها وكأنها قط يتمسح بأقدام صاحبه لجذب انتباهه إليه وإثارة اهتمامه به، ليلقي إليه بعضا من فتات الخبز المغمس بالمذلة والمهانة.
وفي الوقت الذي يتدخل فيه المجلس العسكري الذي كان يترأسه المشير طنطاوي، ويضم في عضويته اللواء السيسي مدير المخابرات الحربية آنذاك، لإلغاء قرار حظر سفر الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية والسماح بسفرهم على متن طائرة حربية أمريكية، تنتهك سيادة الأراضي المصرية وتهتك شرف المصريين بتواطؤ من المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة آنذاك، وعدد آخر من القضاة، يتذرع اليوم السيسي ونظامه الانقلابي بالسيادة المصرية لقتل شاب فلسطيني مصاب بخلل عقلي تخطى
الحدود المصرية عاريا عن ملابسه.
لقد كان بإمكان الجنود المصريين استيقاف ذلك الشاب والتحقيق معه، ولا سيما أنه لم يكن يحمل سلاحا ولم يكن بمقدوره أن يخبئ أية أسلحة؛ لأنه كان عاريا عن ملابسه، ومن ثم لم يكن بالخطورة التي تبرر قتله بهذه الكيفية البشعة التي لا تقبلها الإنسانية لكلب ضال، فكيف بنا بإنسان غير مسؤول جنائيّا عن تصرفاته لآفة في عقله؟ وأين كانت السيادة المصرية وقت تهريب المتهمين الأمريكيين المطلوبين للعدلة على مرأى ومسمع من الجميع، أم تراكم نسيتم قضية التمويل الأجنبي؟
ومن الناحية القانونية، فإن تلك الجريمة تستوجب عقاب مرتكبيها جنائيّا بحسبان أنهم أساؤوا استعمال الحق، وتجاوزوا كل المبررات التي تخولهم استخدام السلاح، في حين كان يمكنهم الاستعاضة عنه والتعامل على نحو إنساني يتلاءم مع مقتضى الحال. وعلى الجانب الفلسطيني اللجوء إلى الممكنات القانونية كافة التي يتيحها له القانون الجنائي المصري والقانون الجنائي الدولي، في حال تخاذل حكومة الانقلاب عن اتخاذ اللازم قانونا.