نشرت صحيفة الموندو الإسبانية تقريرا حول الجنرال
الإيراني قاسم
سليماني، وقالت إن هذا الرجل الغامض الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى أنصار المحور الشيعي في المنطقة، يلعب دورا كبيرا في تنفيذ المخططات الإيرانية وإنقاذ بشار الأسد من الانهيار.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الدور الغامض الذي يلعبه قاسم سليماني في
سوريا، شبهه البعض بالعميل السوفييتي "كارلا"، الذي كان ينفذ العمليات السرية، ويقوم بعمليات تجسس، ويدير الصراع السوفييتي مع الغرب لسنوات.
وأشارت إلى أن صادق خرزاني، مستشار الرئيس السابق محمد خاتمي، أدلى في الفترة الأخيرة بتصريحات عبر فيها عن إعجابه بسليماني، وقال عنه إن "العالم العربي يفتقد لشخصية قوية مثله"، وهو ما يعكس بحسب الصحيفة امتنان الدبلوماسيين الإيرانيين لقائد فيلق القدس، ويبرز دور هذا الفيلق وقائده سليماني في تنفيذ المخططات الإيرانية في المنطقة، حيث ينظر له في إيران على أنه بطل يخوض حربا مقدسة ضد الأعداء.
وذكرت الصحيفة أن قاسم سليماني البالغ من العمر 58 سنة، تظل المعلومات المعروفة عنه شحيحة، ولكن العديد من الحكايات البطولية تنسب له من قبل أنصاره، فيما تنسب له مصادر أخرى القيام بعمليات حساسة، على غرار ربط الولايات المتحدة في سنة 2011 بين سليماني ومحاولة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، مع اتهامه بالتآمر مع زعيم عصابات مخدرات في المكسيك، فيما ربط آخرون بينه وبين التمرد الحوثي في اليمن.
وقالت الصحيفة إن دور سليماني في سوريا أصبح أكثر أهمية مع مرور الوقت، بعد أن كان قد وصف في سنة 2012 من قبل قادة سوريين بأنه "لا قيمة له"، وبعد أن وُصفت تصريحاته من قبل نوري المالكي بأنها غبية، حيث كان سليماني قال حينها إن "العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة بلاده".
ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن علي فايز، المحلل في "مجموعة الأزمات الدولية"، قوله إن "سليماني يتحرك في منطقة يعرفها جيدا، نشط فيها بشكل مكثف وربط فيها علاقات عديدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة".
ونقلت عن ريناد منصور، الباحث في معهد كارنجي للسلام، قوله إن "سليماني يقود فيلق القدس لخدمة حسابات
الحرس الثوري الإيراني. فقد تواجد في سوريا عندما أصبحت مسرحا لاحتدام الصراع بين إيران وخصومها، وتواجد في السابق في العراق للأسباب ذاتها. وقد وصفه موظف سابق في الاستخبارات الأمريكية بأنه أقوى عميل في الشرق الأوسط، ولكنه ليس رجلا يضع المخططات، بل هو فقط عسكري ينفذ الأوامر".
وأشارت الصحيفة إلى أن صورا ظهرت مؤخرا كشفت عن تواجده في محافظة اللاذقية السورية، بالتزامن مع إعلان النظام السوري عن حملة لاستعادة مدينة حلب. وقد ظهر في الصورة عدد من الجنود متحلقون حول سليماني ويستمعون بانتباه لتعليماته.
وأضافت أن سليماني الذي لا يتواصل مع الصحافة، يقول عنه من عرفوه عن قرب إنه قليل الكلام. وقد تزايدت في المدة الأخيرة عدد الصور التي يظهر فيها في سوريا، وهو ما عزاه البعض إلى رغبة إيران في إثبات مزاعمها بأن قواتها المتواجدة في سوريا تشارك في الحرب على تنظيم الدولة.
وبينما تصر إيران على إنكار أنها أرسلت مليشيات مقاتلة، وتقول إن من أرسلتهم هم فقط "مستشارون" لا يشاركون في القتال، كشفت وكالة "رويتز" للأنباء في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن وصول عدد كبير من المقاتلين الإيرانيين إلى دمشق، يضافون إلى المليشيات الأفغانية والعراقية ومقاتلي حزب الله اللبناني، الذين تدربهم إيران للتغطية على حالة الضعف التي تمر بها قوات النظام في سوريا.
وأكدت الصحيفة أنه رغم السرية التي تحاول إيران أن تحيط بها دورها في سوريا، فإن وجود الحرس الثوري تأكد بعودة حوالي 12 من قياداته إلى ديارهم في توابيت، من بينهم الجنرال في فيلق القدس حسين همداني، الذي يعد الذراع الأيمن لقاسم سليماني، والذي قتل في ضواحي حلب في بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ليكون بذلك أكبر قيادي يقتل في عملية خارج إيران منذ سنة 1979.
ونقلت "الموندو" عن هاكان غوناش، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول، قوله إن "إيران دعمت نظام الأسد منذ اللحظات الأولى لاندلاع الثورة السورية، وهي تسعى الآن للظهور بمظهر المدافع عن الأقليات والمسلمين غير السنة، في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لها على غرار سوريا ولبنان".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن إيران منذ توصلها لتوقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، ومشاركتها في محادثات فيينا، بدأت تشعر بأن استراتيجيتها التي تستغل سوريا كورقة مساومة مع خصومها قد حققت النتائج المرجوة.