علقت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير أعده إد بيلغينتون، على دعوات المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد
ترامب الأخيرة، التي دعا فيها إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وإغلاق الحدود أمامهم.
ويقول الكاتب إن هذه الدعوات تعد أكبر تعهد متطرف يعلنه المرشح الأكثر حظوظا لنيل ثقة حزبه، وخوض
انتخابات الرئاسة لعام 2016 عن الجمهوريين، مشيرا إلى أن دعوات ترامب جاءت في أعقاب الهجوم الذي نفذه مسلمان على مصحة الأسبوع الماضي، وقتلا فيه 14 مريضا.
ويشير التقرير إلى أن تصريحات ترامب متساوقة مع خطابه المتطرف، الذي تبناه منذ بداية حملته، التي اتسمت بالمعارضة للمهاجرين، خاصة المهاجرين السوريين.
وتورد الصحيفة نقلا عن بيان أصدره فريق حملته الرئاسية قوله إن الحقد الذي يحمله
المسلمون حول العالم تجاه أمريكا كاف لمنعهم وبشكل جماعي من دخول الولايات المتحدة، حتى يتم اقتلاع الكراهية من جذورها. وجاء في البيان: "حتى نستطيع تحديد وفهم المشكلة والتهديد الخطير الذي تمثله، فإن بلادنا لن تكون ضحية للهجمات المروعة، التي يقوم بها أشخاص يؤمنون بالجهاد، وليس لديهم حس من العقل أو احترام للحياة الإنسانية".
ويذكر بيلغينتون أن ترامب، وهو ملياردير وصاحب شركات عقار، أصدر بيانه قبل ساعات من موعد ظهوره في حملة انتخابية على حاملة الطائرات "يو أس أس يوركتاون"، التي كانت راسية قرب تشارلستون في جنوب كاليفورنيا. لافتا إلى أنه تم اختيار المكان العسكري بشكل مقصود؛ لأنه كان سيلقي خطابا في الذكرى الـ 74 للهجوم الياباني على ميناء بيل هاربر. وبعد مقاطعته أكثر من مرة أثناء الخطاب، قال إن بيانه "ربما لم يكن مناسبا، ولكنني لا أهتم".
ويفيد التقرير بأنه من أجل تبرير مواقفه المتطرفة الرافضة للمسلمين الراغبين بزيارة الولايات المتحدة. قدم ترامب ما قال إنها بيانات ذكرتها استطلاعات الرأي، التي تصور ما قال إنه الحقد العنيف الذي يحمله أتباع الدين الإسلامي تجاه الولايات المتحدة.
وتستدرك الصحيفة بأن أرقام ترامب جاءت من دراسات قام بها "المركز للسياسات الأمنية"، الذي تقول جماعات حقوقية ضد
العنصرية إنه مركز متطرف. وجاء في البيان الذي قرأه ترامب من دراسات المركز المتطرف: "تدعم الشريعة فظائع، مثل قتل غير المسلمين الذي يرفضون اعتناق الدين، وقطع الرؤوس، والأفعال التي لا يفكر بها أحد، وتمثل ضررا على الأمريكيين، خاصة المرأة".
ويضيف ترامب، الوجه التلفزيوني السابق ومقدم برامج تلفزيون الواقع: "دون النظر إلى نتائج الاستطلاعات المتعددة، فمن الواضح للعين أن الحقد يذهب بعيدا ولا يمكن فهمه. من أين جاء هذا الحقد؟ ولماذا؟ فنحن بحاجة لتحديده".
وينقل الكاتب عن مدير حملة ترامب كوري ليواندوسكي قوله إنه اقترح حظرا على "كل شخص مسلم"، بمن فيهم المسلمون الراغبون بالحصول على تأشيرات هجرة والراغبون بالدخول إلى البلاد. ونقل عن موظف آخر في حملته تأكيده أن المنع يشمل المسلمين الأمريكيين الذين يعيشون حاليا خارج الولايات المتحدة، بمن فيهم العاملون في السلك الدبلوماسي والجنود في القوات المسلحة الأمريكية، ولكن دعوة ترامب "لا تشمل من يعيش في داخل البلاد". وقال في حديث نقلته شبكة فوكس نيوز: "ولكن علينا أن نكون حذرين". وقال المستسار البارز لحملة ترامب سام كلوفيس: "لا أعتقد أن هناك خطأ في السؤال عن دين الشخص".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تصريحات ترامب أثارت عاصفة شجب من المرشح الديمقراطي المحتمل مارتن أومالي، الذي كتب تغريدة على "تويتر" قال فيها: "ترامب الحقيقي: فهو يدير حملة فاشية ديماغوغية". وشجب آخرون من الحزبين تصريحاته، بمن فيهم نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني.
وتنوه الصحيفة إلى أن ترامب تعرض لهجمات في السابق؛ بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول الطريقة التي يجب التعامل فيها مع تهديدات الراديكاليين المسلمين. ولم يستبعد القيام ببناء قاعدة بيانات عن المسلمين الأمريكيين كلهم لمراقبتهم. وطالب بترحيل 11 مليون مهاجر "هيساني" غير مسجلين. وقال إنه لو انتخب رئيسا فسيبني جدارا يفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك.
ويشير بيلغينتون إلى أنه منذ هجمات باريس، التي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، وهجمات سان برناندينو في الأسبوع الماضي، حاول ترامب استخدام الهجمات لتعزيز تفوقه على بقية المرشحين في الحزب، من خلال تصوير نفسه قائدا متشددا في مسائل الأمن القومي. وفي رده على خطاب الرئيس باراك أوباما، الذي حدد فيه معالم موقفه من الإرهاب، كتب ترامب تغريدة قال فيها:"هل هذا كل ما لديك؟ نحن بحاجة إلى رئيس جديد وبسرعة".
ويورد التقرير أن أوباما دعا في خطابه الذي ألقاه من مكتبه البيضاوي الأمريكيين وبحرارة للتسامح والوحدة، ومواجهة الخطر الإرهابي بعد هجوم كاليفورنيا. وحاول أوباما تأكيد أهمية عدم تخلي الأمريكيين عن رؤيتهم المتسامحة، وأن غالبية المسلمين يرفضون العنف. وطالب المسلمين برفض التطرف وتحمل مسؤوليتهم لمنعه.
وقال أوباما: "لا يمكننا أن نتحول ضد بعضنا البعض ونسمح لهذا القتال بالتحول إلى حرب بين أمريكا والإسلام. فهؤلاء متطرفون وقتلة وجزء من جماعة تبحث عن الموت، ولا يمثلون إلا جزءا قليلا من مليار مسلم أو يزيد حول العالم، منهم ملايين من المسلمين الوطنيين الأمريكيين، الذين يرفضون أيديولوجية الكراهية". وأضاف: "المسلمون الأمريكيون هم أصدقاؤنا وجيراننا والذين يعملون معنا وأبطالنا الرياضيون. ونعم هنا رجال ونساء بالزي العسكري مستعدون للدفاع عن بلدهم. ويجب أن نتذكر هذا".
وبحسب الصحيفة، فقد تلقى المسلمون الأمريكيون دعوات ترامب بنوع من الغضب والحيرة. وقال المتحدث باسم مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية، وهو أكبر مؤسسة إسلامية في أمريكا، إبراهيم هوبر، في تغريدة له: "ماذا بقي لديه؟ هل نتحدث عن معسكرات اعتقال؟ هل نتحدث حل نهائي؟". واعتبر ليندزي غراهام، وهو أحد المرشحين الجمهوريين أن "ما كان في الماضي غريبا وكريها تحول إلى أمر خطير".
ونقلت "الغارديان" عن غراهام قوله: "نقل ترامب اليوم العداء للاجئين والتعصب الديني إلى مستوى جديد، وتضر تصريحاته بالجهود الحربية، وتعرض حياة دبلوماسيينا وجنودنا للخطر. والطريقة لربح الحرب هي بالتواصل مع غالبية المسلمين، الذين يرفضون تنظيم الدولة، وتعزيزهم بالقدرات لرفض أيديولوجيته".
ويضيف غراهام أن "تصريحات اليوم تدعو إلى بناء (حصن أمريكا)، وهي خطة فاشلة، وتظهر نقصا شاملا للفهم عند ترامب حول طبيعة الحرب. وبالنسبة للمترجمين الذين ساعدوا الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان، فإن تطبيق السياسة يعني حكما بالموت عليهم".
ويقول الكاتب إن اختيار ترامب للبيانات من مركز مثير للجدل هو في حد ذاته أمر تحريضي. فقد اعتمد على بيانات تزعم أن ربع المسلمين الذين تم أخذ آرائهم، ولم يحدد ترامب طبيعة العينة، ولا المجال الذي كان يشير إليه: "وافقوا على أن العنف ضد الولايات المتحدة هنا مبرر؛ باعتباره جزءا من الجهاد العالمي". وقال نصف المشاركين إن "على المسلمين أن يكون لهم خيار العيش بناء على الشريعة".
ويكشف التقرير عن أن ترامب اعتمد على معلوماته من المركز من أجل السياسات الأمنية، وهو مركز بحث تابع للمحافظين الجدد في واشنطن دي سي، ويعد مؤسسه فرانك غافني، أحد أهم الكارهين للإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتبين الصحيفة أن مركز "ساثيرن بفورتي لو"، الذي يرصد التصريحات المعادية وخطاب الكراهية، وصف غافني بأنه "مهووس برهاب وفتنازيا عن المسلمين، الذين يريدون تدمير الغرب من الداخل". وقال المركز: "يعتقد غافني أن قوانين الشريعة الزاحفة هي تهديد خطير على الديمقراطية الغربية".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في عام 2011، منع غافني، وهو مسؤول سابق في إدارة ريغان، من المشاركة في مؤتمر عقده المركز المؤثر "بوليتكال أكشن"، عندما أشار إلى أن اثنين من منظيمه لهما علاقة بالإخوان المسلمين.