خرج، العشرات من العمال بالمنطقة الصناعية للرويبة، شرق العاصمة إلى الشارع، الثلاثاء، احتجاجا على الزيادات المفروضة على أسعار الكهرباء والوقود وأيضا تنديدا بالإبقاء على البند رقم 66 من
قانون الموازنة الذي ينص على فتح رأسمال الشركات
الجزائرية العمومية على الشراكة الأجنبية، بعد يوم فقط، من مصادقة البرلمان الجزائري على قانون الموازنة العامة للبلاد بعنوان عام 2016.
وصادق البرلمان الجزائري على قانون الموازنة العامة لعام 2016، بجلسة شهدت غياب قطاع واسع من نواب
المعارضة الذين فضلوا الخروج من قبة الغرفة البرلمانية الأولى إلى الشارع ليصطدموا بقوات الشرطة، وسط "معارك سياسية" طاحنة، وملاسنات وعراكات بالأيدي، شهدها البرلمان الجزائري، أمس الاثنين، بين نواب المعارضة ونواب الموالاة.
ويرى مراقبون أن تمرير القانون الأكثر إثارة للجدل بالجزائر، منذ سنوات، سيفتح الباب لاحتجاجات شعبية، يصعب التحكم بها وراح البعض يشبه الوضع بما حصل عام 1988، عندما خرج الملايين من الجزائريين إلى الشارع فيما عرف بأحداث 5 تشرين الأول/ أكتوبر، احتجاجا على غلاء المعيشة وتطبيق خطة تقشف صارمة ومؤلمة.
وعجلت تلك الأحداث التي سقط خلالها أزيد من 500 جزائري بمواجهات مع قوات الشرطة، بإستقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، وتحول السلطة إلى الجيش، بعد إنفتاح سياسي ظرفي، لم يعمر طويلا لتتخندق البلاد بدوامة عنف سقط خلاله أزيد من 200 قتيل.
وتسود مخاوف بالجزائر من انتقال غضب نواب المعارضة إلى الشارع، إذ يوما واحدا فقط من المصادقة على قانون الموازنة العامة، خرج العشرات من عمال المنطقة الصناعية لرويبة، شرق الجزائر، إلى الشارع وهي أكبر منطقة صناعية بالبلاد، منددين بمقتضيات القانون وما تضمنه من زيادات بأسعار الكهرباء والوقود ومن ثمة الإرتفاع التلقائي للمواد الواسعة الإستهلاك في البلاد.
وقال محمد حديبي، القيادي بحركة "النهضة" المعارضة بالجزائر، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء "إن إقرار قانون المالية 2016 دون تغييرات حقيقية يعد ترسيما لمرحلة فاصلة بين مرحلة تبذير المال العام والسياسات الناجمة عنها من فساد ونهب وإعلان دخول مرحلة الاعتداء على الشعب الجزائري، دون مراعاة عواقب ما أقدمت عليه السلطة".
واعتبر حديبي أن "فرض حزمة من إجراءات عقابية على الشعب من التقشف والضرائب لتعديل موازنة الدولة هو قمة الظلم في تحميل المسؤولية للشعب عن سوء التسيير للثروات المالية في زمن البحبوحة المالية دون فتح تحقيقات برلمانية حول الفساد والنهب والتبذير وفشل جدوى المشاريع التي صبت فيها أموال طائلة دون مردودية على الاقتصاد الوطني".
وتحالفت أحزاب معارضة، تختلف بالإيديولوجيات، ضد القانون، وكانت إلى وقت قريب تهاجم بعضها، وهي: حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وجبهة العدالة و التنمية، وهي أحزاب إسلامية، مع جبهة القوى الإشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، العلمانيين بالإضافة إلى حزب العمال اليساري.
لكن نواب تلك الأحزاب لم يستطيعوا تجميد القانون أمام أغلبية برلمانية، يمثلها حزبا السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
وتحولت جلسة التصويت على القانون، إلى "حلبة ملاكمة" بين نواب المعارضة ونواب السلطة، وخرج المعارضون إلى الشارع المحاذي للبرلمان، حيث طوقت الشرطة إحتجاجهم.
واتهم نواب المعارضة، وزير المالية الجزائري عبد الرحمن بن خالفة بـ"الخيانة" وأفادوا بتدخلاتهم "أن المصادقة على قانون العار خيانة لشهداء الثورة المجيدة (1954 -1962).
وقال المحلل الاقتصادي الجزائري، جلال بوعاتي، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، "بكل معاني الكلمة، هذا القانون جائر وسيكون له تداعيات وخيمة على الجبهة الاجتماعية والمجال الاقتصادي"، كما تابع بوعاتي قائلا: "ما يلاحظ هو سياسة الحكومة الرافضة لأي حوار حول الموضوع، إذ تعتبر أن ما جاءت به من تدابير وحدها الكفيلة بتخفيف حدة الأزمة أو التقليل من آثارها السلبية".
ويتوقع بوعاتي، قائلا: "سيستيقظ الجزائريون يوم فاتح يناير على وقع أسعار جديدة وستعود مع مرور الأيام، الطوابير أمام المحال التجارية ومحطات توزيع الوقود، في حين ستواصل إعلانات الإفلاس من طرف الشركات الخاصة المتوسطة والصغيرة، بفعل تداعيات الأزمة".