قال أحد شبان
دمشق، ممن اعتقلوا من قبل أجهزة النظام السوري ضمن حملة
التجنيد الإجباري المستمرة منذ قرابة الشهر، إن نظام بشار الأسد وضعهم على أسخن الجبهات العسكرية في
سوريا، بعد أسبوع فقط من اعتقالهم في دمشق، مشيرا إلى تسليحهم مباشرة دون أي تدريبات عسكرية تذكر، لينتهي المطاف بالعشرات منهم جثثا هامدة عادت لذويهم بصناديق مغلقة.
وذكر الشاب الذي طلب حجب اسمه، لـ"عربي21"، أنه تم اعتقاله من أحد الحواجز العسكرية المنتشرة في دمشق بشكل تعسفي قبل قرابة الأسبوع، ليتم نقله مع آخرين من مركز التجنيد إلى مركز تجمع العسكريين في منطقة "الدريج" في ريف دمشق، ثم فرزهم مباشرة في اليوم التالي إلى مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي.
واستطرد قائلا: "تقوم قيادات النظام العسكرية بوضع المدنيين المجندين إجباريا في الجبهات المتقدمة المشتعلة مع تنظيم الدولة على أطراف مطار كويرس العسكري"، متهما هؤلاء القادة بأنهم يتقصدون "وضع المدنيين في نقاط المواجهة المباشرة حتى يجبرهم جميعا على حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم، وكذلك لمنع أي منهم من التفكير بالهروب من المنطقة أو محاولة الانشقاق عن قوات النظام".
وأوضح الشاب أن كل مجموعة يتم تكوينها من 100 مدني مجند يقودهم قائد عسكري تابع للنظام يحمل رتبة عسكرية صغيرة أو متوسطة، وهذه القيادات تسير بدورها تحت إمرة قيادي عسكري من الحرس الثوري الإيراني.
وأكد المصدر مقتل العشرات من زملائه الذي قضوا غالبا لعدم تمتعهم بأي خبرة قتالية أو معرفة كافية لحمل الأسلحة واستخدامها، في حين يتم أسر آخرين على يد تنظيم الدولة، بينما نجح عدد محدود في الهروب إلى المناطق المحررة التي تخضع لسيطرة الثوار، والانشقاق عن النظام.
بدورها، أكدت روز الدمشقي، الناشطة في مكتب دمشق الإعلامي، ارتفاع مستوى الرعب والخوف لدى قاطني العاصمة السورية، بما فيهم من موالين للنظام السوري، بعد عودة عدد من الشبان جثثا هامدة لذويهم، بُعيد أيام قليلة من سحبهم قسرا إلى الجبهات المشتعلة بشكل عام، وخاصة المواجهة لتنظيم الدولة.
وقالت الدمشقي، لـ"عربي21": "الفزع الذي طال حتى الموالين للأسد، أجبرهم على الهروب من الحواجز العسكرية تجنبا للاعتقال، في حين باتت عملية الاعتقال تجارة مربحة للغاية لضباط الحواجز الأمنية، الذين باتوا لا يقبلون إلا بمبالغ مالية كبيرة مقابل إفلات الشبان والسماح لهم بالمرور عبر الحواجز، إلا أن الاعتقال كان نصيب عدد كبير منهم، ما جعل العاصمة دمشق تسمى بـ العاصمة العجوز"، في إشارة منها لاختفاء الشبان من المدينة.
وأكدت عضو مكتب دمشق الإعلامي أن الاعتقالات التعسفية، باتت تؤثر بشكل واضح على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في دمشق، كما أدى غياب الشباب إلى زيادة الضغوط على العائلات التي تقطن المدينة، كما جفت الأيدي العاملة، مع ارتفاع غير مسبوق للهجرة خارج البلاد من الشباب السوري الرافض للتجنيد العسكري ضمن قوات النظام، وازدياد مضاعف لنسبة الفتيات في الأحياء الدمشقية مقابل الذكور فيها.
ويشار إلى أن دمشق وريفها، وعلى امتداد بقية المحافظات جنوبا ووسط البلاد، لازالت تشهد حملات اعتقال وتجنيد قسري لمئات الشبان، وكذلك لموظفي المؤسسات الرسمية، منذ قرابة الشهر، بغية تعويض النقص البشري في صفوف قوات النظام، بعد تكبدها والمليشيات الإيرانية واللبنانية الموالية لها؛ خسائر فادحة خلال الفترة الماضية.