قال وزير العدل
اللبناني، أشرف ريفي، إن من يريد الوصول لرئاسة البلاد يجب أن يكون إما من فريق 14 آذار (المناصرة للثورة السورية) أو محايدا، وليس من 8 آذار (المؤيدة للنظام السوري) أو على ارتباط ببشار
الأسد والمشروع
الإيراني".
جاء ذلك في حوار مع وزير العدل، في مكتبه وسط
العاصمة بيروت، تطرق فيه إلى جملة من الملفات على الساحة المحلية والإقليمة والدولية، بينها حادثة إسقاط تركيا للطائرة الروسية، قبل أيام، والتي قال بشأنها إن "من حق أي دولة منع أي كان من اختراق سيادتها".
وبخصوص مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، قال بشأنها: "لقد ارتكبنا في لبنان جريمة وطنية بحق الوطن والشراكة الوطنية بعدم انتخابنا لرئيس جديد، عندما حان الوقت الدستوري لذلك".
ويقصد الوزير بالوقت الدستوري أي بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في أيار/ مايو 2014، مستطردا في هذا الصدد: "بسبب هذا الفراغ الرئاسي أصبح لدينا إرباكا في مجلس النواب (البرلمان) شبه المشلول، وكذلك الحال في عمل الحكومة، وكل مؤسسات الدولة".
ورفض وزير العدل ما يطرحه البعض حول تغيير قانون الانتخاب، من أجل تغيير مجلس النواب الحالي، وتأمين وصوله لرئاسة الجمهورية، مشددا على أن الدساتير "لا تغير في آخر لحظة من الاستحقاقات، فآلية الدستور يجب أن تحترم بحذافيرها، وأي طروحات خارج إطار الدستور مضيعة للوقت".
واعتبر ريفي أن هذه الأمور (طروحات تغيير الدستور)، "تغطية لمشروع اتهمت إيران بالوقوف خلفه، فميشال عون (زعيم التيار الحر) وضع واجهة للتعطيل"، مؤكدا أن "الأولوية هي لانتخاب رئيس للبلاد".
وفي هذا السياق، قال: "يجب أن لا نقبل أن يصل إلى سدة رئاسة الجمهورية، أي إنسان غطى المشروع الإيراني، وكذلك كل إنسان يرتبط ببشار الأسد (في إشارة لعون، وسليمان فرنجية الذي بدأ اسمه يطرح من قبل فرقاء "14 أذار" لرئاسة الجمهورية، وهو مقرب من النظام السوري)"، مضيفا "في الوقت الذي تبحث فيه كل دول العالم خروج الأسد من سوريا، علينا أن لا نسلمه رئاسة الجمهورية في لبنان، ويجب أن نعمل لعدم وصوله".
وتابع: "نحن كفريق "14 آذار" (المعارضة لنظام الأسد والمؤيدة للثورة السورية)، ناضلنا 10 سنوات، ليس لنقبل اليوم بشخص من فريق "8 آذار" (المؤيدة للأسد، رئيسا للجمهورية، مهما كلف الأمر)".
وأردف قائلا: "في حال وصل شخص من قوى الـ"8 آذار" لرئاسة البلاد، فهذا سيكون بمثابة نكسة كبرى لقوى "14 آذار"، وأزمة كبرى في لبنان، وأخشى أن يكون لهذا تداعيات سلبية".
ومضى بقوله: "سنبقى نناضل، حضاريا وسياسيا، لإزالة الدويلة (
حزب الله) من داخل الدولة (اللبنانية)، فلا سلاح شرعي في لبنان غير سلاح الدولة فقط".
واستطرد :"من اخترع هذه المجموعة المسلحة (حزب الله) هو النظام السوري، لتتلقى فيما بعد السلاح والدعم العسكري من إيران، دون الدولة اللبنانية، بحجة مقارعة إسرائيل، ونحن لسنا ضد هذه المقارعة، لكن هذا السلاح انقلب لاحقا إلى الداخل اللبناني، ومن ثم انقلب إلى الداخل السوري واُستخدم ضد إخواننا السوريين".
لكنه استدرك بقوله: "من الممكن أن نكون على الطاولة ذاتها مع حزب الله، كمكون لبناني، وليس كمشروع إيراني، فنحن شركاء في هذا الوطن".
وعن مسألة تعطل الحكومة اللبنانية وعدم اجتماعها منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، قال ريفي إن الحكومة "دخلت في موت سريري، وليس في العناية الفائقة، ففي العناية ممكن للمريض أن يُشفى ويعود لحياته، أما الحكومة فماتت سريريا مع الأسف".
لكنه أعرب عن أمله في أن "يتم انتخاب رئيس الجمهورية بأسرع ما يمكن، إما من قوى الـ"14 آذار"، أو على الأقل محايداً وليس من الـ"8 آذار" أو على ارتباط بالمشروع الإيراني أو بشار الأسد، حتى يتم حل مشكلة الحكومة وغيرها من المشاكل الأخرى".
ولا يزال سمير جعجع (62 عاما)، رئيس حزب القوات اللبنانية، والنائب هنري حلو، مرشح الوسط الذي يدعمه النائب والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، المرشحين الرسميين البارزين في السباق الرئاسي، فيما المرشح القوي الآخر غير المعلن رسميا، وهو رئيس "التيار الوطني الحر" ميشال عون (مسيحي ماروني)، الذي كان قائدا للجيش اللبناني من 23 حزيران/ يونيو 1984 وحتى 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989، ورئيس للحكومة العسكرية الانتقالية، التي تشكلت عام 1988، إثر الفراغ الرئاسي الذي شهده لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس آنذاك، أمين الجميّل.
ويتيح الدستور لمجلس النواب، انتخاب أي مسيحي ماروني لم يعلن عن ترشحه.
وتُحمّل قوى "14 آذار" مسؤولية الفراغ الرئاسي، لكل من حزب الله وحليفه عون، بسبب تعطيلهما المتكرر لنصاب انتخاب الرئيس داخل مجلس النواب.
وعلى صعيد الأوضاع الأمنية الجارية، شدد ريفي على أن "الجهوزية العسكرية والأمنية في لبنان مرتفعة بنسبة عالية جدا"، غير أنه استدرك قائلاً "على الرغم من هذه الجهوزية، فلا أحد يغشن نفسه أو شعبه أن بإمكانه تأمين أمن 100%، فلا دولة في العالم يمكنها تأمين الأمن المطلق".
وأضاف "بعض الثغرات ستبقى موجودة، وخاصة أن البركان موجود على حدودنا (في إشارة للحرب المندلعة في سوريا)، وهو يقذف الحمم، ولابد وأن يصلنا البعض منها"، لافتاً إلى أن "القرار الإقليمي والدولي هو بتحييد لبنان عن أي تفجير أمني شامل، وكذلك القوى المحلية متوافقة على عدم تفجير الوضع الداخلي أمنيا".
وحول إسقاط تركيا للطائرة الروسية، الثلاثاء الماضية، قال وزير العدل اللبناني إن "تركيا دولة عندها إحساس كبير بالكرامة والعنفوان، ولكل دولة الحق الطبيعي بمنع أيا كان من اختراق سيادتها وحدودها".
واعتبر أن ما حصل "هو قرار تركي بحفظ الكرامة والسيادة لتركيا"، داعيا روسيا إلى "إعادة النظر بوضعها، والعمل على إخراج الملف السوري من البعد العسكري إلى البعد السياسي بالتعاون مع الدول الإقليمية والعربية والدولية".
وتابع: "بذلك تكون روسيا حفظت مصالحها، وتركت انطباعات إيجابية، ولكن أن تدخل كجزء جديد في الصراع العسكري، فهي تقوم بتوريط المنطقة ونفسها أكثر وأكثر".
وأعرب ريفي عن أمله في أن "يتوقف الصراع العسكري في سوريا، وأن يبدأ الحل السياسي بخروج بشار الأسد، خاصة وأن أي حاكم ديكتاتوري لا يستطيع أن يحكم بخلاف إرادة الشعب" على حد وصفه.
وكانت مقاتلتان تركيتان من طراز "إف-16"، أسقطتا طائرة روسية من طراز "سوخوي-24"، أمس الأول الثلاثاء، لدى انتهاك الأخيرة المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي (جنوبا)، وقد وجّهت المقاتلتان 10 تحذيرات للطائرة الروسية خلال خمس دقائق- بموجب قواعد الاشتباك المعتمدة دوليا- قبل أن تسقطها، فيما أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو)، صحة المعلومات التي نشرتها تركيا حول حادثة انتهاك الطائرة لمجالها الجوي.
وفي رده على سؤال حول الدور التركي في المنطقة، قال: "نحن لا ننظر إلى تركيا إلا على أنها دولة صديقة وشقيقة ذات دور إيجابي وهام، وكل تاريخ هذه الدولة يؤكد أنه لا أطماع لها في أية أراض عربية".
ورفض ريفي التعرض لأي من المصالح التركية في لبنان، قائلا: "نحن سننتصر لتركيا الدولة الصديقة، وسندافع عنها، وأي تحريض على المصالح التركية لن نقف أمامه مكتوفي الأيدي".
واختتم ريفي حديثه بالتطرق إلى ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيمي "جبهة النصرة"، و"داعش" في محيط بلدة عرسال المحاذية للحدود السورية منذ آب/ أغسطس 2014.
وفي هذا السياق، قال إنه لا يرى باب ضوء لإنهاء هذا الملف قريبا"، متوجها لـ"كل القوى الفاعلة، كقطر، وتركيا، للمساعدة من أجل إنهاء هذا الملف بأسرع ما يمكن".