نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول تصريحات رئيس وزراء مانويل فالس، التي اتهمت
السلفية بالوقوف وراء العمليات الإرهابية التي ضربت باريس 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو ما أثار موجة من الانتقادات في
فرنسا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن
الفكر التكفيري ما هو إلا انشقاق عن التيار السلفي المصنف ضمن المذهب السني، والعقيدة السلفية التي تدعو إلى الالتزام الصارم بالدين الإسلامي، تأسيا بالسلف الأول من المسلمين.
وذكرت الصحيفة أن عدد المنتسبين للفكر السلفي بفرنسا في تزايد مستمر، ذلك أنه من بين 2500 مسجد في فرنسا تحت الرقابة، يوجد 90 مسجدا تحت سيطرة السلفيين، كما أن قرابة 20 ألف مسلم فرنسي يعتنق هذا الفكر.
وقالت إن معظم هؤلاء السلفيين مسالمون وليسوا من الذين يدعون لتغيير القانون بقوة السلاح، حتى وإن كانوا لا يعترفون بشرعيته، أما التكفيريون وهم أقلية سلفية من أقلية سنية، تتبنى عقيدة العنف ويلصقون تهمة الكفر بمخالفيهم من المسلمين.
وتحدثت "لوموند" عن علامات الفكر التكفيري؛ التي من بينها الدعوة للعودة للإسلام "النقي" عبر تطبيق تعاليم الشريعة التي يحددونها بأسلوب متشدد، كما يتبنون نبوءة تقول بخروج خليفة جديد للمسلمين، يقود أمة الإسلام على منهاج النبوة.
وأضافت أنهم يحملون دعوة رفع السلاح ضد خصومهم، فالتكفيريون لا يفرقون بين جندي محارب ومدني مسالم، وفي أذهانهم لا يوجد إلا دار حرب ودار إسلام ولا مكان لدار الصلح، كما يبيضون الإرهاب ويزينون القتل وسفك الدماء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفكر التكفيري لا يعتبر اليهود والمسيحيين أعداء له فقط، فالصوفية والشيعة وغيرهما من المسلمين يندرجون ضمن قائمة الأعداء، كما أن هذا الفكر يبيح سفك دماء أهل السنة إذا ما رفضوا الهجرة لدار الإسلام، بحسب زعمهم، أو إذا خالفوا أحكام الشريعة.
وأضاف التقرير أن هذا الفكر يحمل عقيدة الموت في سبيل التخلص من الذين يعتبرهم أعداء له، فيلبس التكفيري الحزام الناسف و"ينغمس" في وسط أعدائه طلبا للموت للجميع، معتبرا ذلك شهادة في سبيل الله.
أما عن تاريخ ظهور هذا الفكر، فيرجع إلى سنة 1970 في المعتقلات المصرية، عندما قرر البعض المنشقين عن تيار الإخوان المسلمين، من الذين يحملون فكرا متشددا، إنشاء حركة تتبنى العنف ولا تعترف بالحدود الوطنية، سميت بعدها بجماعة "التكفير والهجرة".
واعتبرت بأن الفكر التكفيري ظهر على مراحل، وعلى يد عدة علماء مروا على التاريخ الإسلامي، من أبرزهم ابن تيمية، الحنبلي الراديكالي والذي علا صيته إثر الحروب الصليبية، حيث حمل شعار الحرب المقدسة ضد غير المسلمين.
في هذا السياق، يقول المختص في الصراعات غير المتكافئة وفي تاريخ الإرهاب، فيليب ميغو عن بن تيمية: "كسب أسلوبه البسيط والوعظي قلوب الفئات المهمشة والبسطاء، ومنذ ذلك العصر وأسلوب الاستقطاب نفسه لم يتغير".
واعتبرت الصحيفة أن السلفية هي المشكل والحل في الوقت ذاته، فهي المشكل؛ ذلك أن التكفيريين يستهدفون السلفيين لكسب النصرة، كما ويجدون سهولة في تحويلهم من السلفية إلى التكفيرية، كما أن السلفية هي الحل؛ ذلك أنهم يعرضون قراءة مخالفة للفكر التكفيري مستقاة من القرآن والسنة، فهم الأقرب فكريا للتصدي للتكفيريين.
وفي الختام قالت "لوموند" إن المسلمين المتدينين هم أول ضحايا العمليات الإرهابية في فرنسا، ذلك أن آفة الإسلاموفوبيا ستزداد وسيتعرضون للمضايقات بسبب ملامحهم العربية والإسلامية، رغم أن السلفيين الحقيقيين هم من أشد المعارضين للفكر التكفيري الدموي.