تساءل معهد واشنطن في تقرير نشر على موقعه الإلكتروني، عن كيفية قيام
تنظيم الدولة بتمويل عملياته ونشاطاته الدولية، إضافة إلى طريقة
تمويل تحركات عناصره وأنصاره في مختلف الدول والمناطق.
وبيّن المعهد في معرض إجابته عن هذا السؤال، أن التمويل يأخذ أشكالا وطرقا مختلفة، إذ رأى أن "التمويل يتم بشكل رئيسي عبر مجموعة واسعة من النشاطات الإجرامية، الكبيرة والصغيرة، التي تتركز في أجزاء من
سوريا والعراق الخاضعة لسيطرة الجماعة".
وتابع المعهد في تقريره الذي كتبه مدير "برنامج ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد، ماثيو ليفيت، موضحا أن "التنظيم يقوم بسرقة المواشي، وبيع جوازات سفر المحاربين الأجانب، وفرض الضرائب على الأقلّيات والمزارعين وسائقي الشاحنات، وإدارة عمليّات ابتزاز متمرّسة، وخطف المدنيين للحصول على أموال الفدية، ونهب الآثار، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الأخرى"، وفق قوله.
وواصل الكاتب موضحا طرق تمويل التنظيم، بالقول: "التنظيم يجني حوالي 40 مليون دولار أمريكي شهريا من مبيعات النفط غير المشروعة فقط".
وأردف المسؤول الكبير السابق في وزارة الخزانة الأمريكية، أنّ "هناك نموذج تمويل ذاتي ابتكاري تمّ بموجبه تشجيع مجنّدي التنظيم وداعميه حول العالم على اتّباعه؛ لتمويل رحلاتهم إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم أو، كما يحتمل، تمويل هجماتهم في الغرب"، ولكن الكاتب استدرك حول هذه المصادر قائلا: "في حين من السابق لأوانه بيان بأي قدر من اليقين الكيفية التي تم بموجبها تمويل هجمات باريس، إلا أنه من المرجح أنّه قد تمّ تمويلها، كلّيا أو جزئيا، من خلال نشاطات إجرامية محلّية - أو قانونية؛ مثل استخدام إعانات الدولة الاجتماعية أو أخذ قرض ما".
وأشار ماثيو ليفيت، إلى مصدر تمويل آخر محتمل متوفّر للتنظيم، ويتمثل بـ: استغلال الأعمال الخيرية، إذ اتّخذت الدول الأوروبية إجراءات بحق العديد من الجمعيات الخيرية نظرا لوجود شكوك حول تمويلها للإرهاب".
وأفاد كاتب التقرير في سرد أساليب تنظيم الدولة وطرقه في تمويل عملياته ونشاطاته، بأن "تنظيم الدولة انخرط أيضا في مجال الخدمات المصرفية المستترة، وفي الوصول إلى المصارف التي لها روابط مع النظام المالي الدولي خارج المناطق التي يسيطر عليها، فقد أفاد مسؤولون هولنديون أنّ المحاربين الإرهابيين الأجانب الذين وصلوا إلى سوريا أو
العراق، كانوا يستخدمون بطاقات السحب الآلي الأوروبية المرتبطة بحساباتهم المصرفية الوطنية، عندما كانوا يسحبون المال من أجهزة الصرف الآلي في المناطق القريبة من تلك التي ينشط فيها تنظيم الدولة".
وطبقا لمعد التقرير، فإنه "بالإضافة إلى النظام المصرفي الرسمي، يستطيع تنظيم الدولة إرسال أموال عبر الجهات الأجنبية المجاورة المعنية بتحويل الأموال واستلامها، وتفيد السلطات الفنلندية أنّ هناك طريقة شائعة لإيصال الأموال إلى المقاتلين الأجانب لدى وصولهم إلى سوريا أو العراق، هي إرسالها عبر "الجهات المعنية بتحويل الأموال التي لديها وكلاء يعملون في مناطق حدودية قريبة من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية".
وفي تعداده للطرق التي من خلالها يتمكن التنظيم من تمويل ذاته، نوه الباحث الأمريكي إلى أن التنظيم "ابتكر خططا أخرى أيضا، فعلى سبيل المثال، أبلغت السلطات السعودية فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية أنّ أفرادا مرتبطين بالتنظيم وجّهوا نداء إلى جهات مانحة عبر موقع تويتر، وطلبوا منها إقامة اتّصال عبر سكايب، وبعد ذلك، طلبت العناصر من هذه الجهات المانحة شراء بطاقات دولية مدفوعة سلفا (مثل رصيد هاتف خلوي أو رصيد مَتْجر)، ثمّ إرسال أرقام البطاقات لهم عبر سكايب. وسوف تصل هذه المعلومات في النهاية إلى أحد أنصارهم قرب منطقة يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، حيث يستطيع هذا الشخص بعد ذلك بيعها وإرسال السيولة النقدية الناتجة عنها إلى الجماعة".
وخلص مدير "برنامج ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد، ماثيو ليفيت، في نهاية تقريره إلى أنه "سواء كان تنظيم الدولة قد موّل عمليّاته عبر أنشطة إجرامية أو أخرى في أوروبا، فإنّ تعقّب أثر الأموال بعد الفِعْل قد يكون أداة تحقيقية واستخباراتية فعّالة للغاية للكشف عن شبكات خفيّة، ورصد عناصر أخرى، ومنع الهجمات المتابعة، إلا أنّ الأداة الاستخباراتية المالية ليست الدواء الشافي؛ ففي نهاية المطاف، من السهل الحصول على مثل هذه المبالغ المالية الصغيرة، وبإمكانها تسهيل الهجمات الناجحة بصورة مؤلمة".