عقد قائد الانقلاب في
مصر عبد الفتاح
السيسي اجتماعا مفاجئا، الأربعاء، بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث الأوضاع الراهنة.
ولم تعلن رئاسة الجمهورية أو القوات المسلحة مزيدا من التفاصيل حول الاجتماع، لكن مراقبين يتوقعون أن يناقش السيسي وقيادات الجيش التهديدات الروسية بتعقب المتورطين في حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق
سيناء أواخر الشهر الماضي.
نفي وتعهد بالتعاون
وكان السيسي قد تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس الروسي "فلاديمير
بوتين" اتفقا خلاله على ضرورة تعزيز التعاون في مواجهة "الإرهاب".
وقال السفير "علاء يوسف" المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في بيان له - تلقت "
عربي21" نسخة منه – "إن المرحلة الحالية تفرض أكثر من أي وقت مضى تضافر جهود البلدين معا من خلال مقاربة دولية شاملة تضمن اتخاذ إجراءات حاسمة ورادعة ضد قوى التطرف والإرهاب التي باتت تستهدف كافة دول العالم دون تفريق".
وكان تنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم للدولة قد أعلن منذ اليوم الأول عن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة دون أن يفصح عن طريقة استهدافها، ورجحت مصادر غربية أن أحد الأشخاص يعمل في مطار شرم الشيخ هو من قام بزرع القنبلة داخل الطائرة.
وعلى المستوى الرسمي، ما زالت السلطات المصرية تنفي التوصل إلى أي نتائج نهائية حول سبب سقوط الطائرة الروسية، حيث قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، إن لجنة التحقيق الرسمية لم تصدر أي تقرير حتى الآن، مشيرا إلى أن مصر ستأخذ بعين الاعتبار ما توصل إليه الجانب الروسي بشأن التحقيقات.
وكانت
روسيا قد أعلنت مساء الثلاثاء أن انفجار قنبلة تم زرعها على متن الطائرة المنكوبة هو ما أدى إلى تحطمها في السماء وسقوطها.
وأكد وزير الطيران "حسام كمال"، في بيان له، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن لجنة التحقيق الرسمية لم تصل إلى أي نتائج حتى الآن تكشف أسباب سقوط الطائرة، نافيا التوصل إلى أي دليل يثبت أن الحادث "جنائي".
بوتين يتوعد
وفتح تهديد بوتين بملاحقة المتورطين في التفجير ومعاقبتهم، الباب على مصراعيه للتكهنات بتدخل روسي عسكري في مصر، فالجميع يعلم أن مرتكبي الحادث لن يكونوا سوى مجموعات مسلحة متشددة تتمركز في سيناء أو موظفين مصريين في مطار شرم الشيخ متواطئين معهم، وفي الحالتين سيكون تعقبهم أو الانتقام منهم انتهاك واضح للسيادة المصرية.
وتوعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانتقام ممن ارتكبوا الحادث أيا كانوا، وملاحقتهم في أي مكان حول العالم.
وأضاف "بوتين" أثناء اجتماع مع مسؤولي أجهزة الأمن الروسية: "سوف نبحث عن هؤلاء المجرمين في كل مكان، وسوف نعثر عليهم ونعاقبهم"، مطالبا وزارة الخارجية بالتواصل "مع جميع الشركاء والأصدقاء في تحقيق ذلك"، دون ذكر اسم مصر.
وقال رئيس جهاز الأمن القومي الفدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف أن عبوة بدائية الصنع توازي قوتها كيلوجراما واحدا من مادة "تي إن تي" انفجرت أثناء الرحلة، وأن الطائرة تفككت في الجو ما يبرر انتشار حطامها في أنحاء واسعة من صحراء سيناء.
ثلاث إشارات
اللافت أن بوتين حذر "كل من ساعد الإرهابيين" من أنهم سينالون جزاءهم الرادع، دون أن يحدد اسم أي جهة رسمية أو تنظيم إرهابي مسؤول عن إسقاط الطائرة، وهو ما زاد من التكهنات حول تورط مسؤولين مصريين في هذا الحادث.
وأظهرت طريقة إعلان روسيا عن نتائج التحقيق في الحادث من طرف واحد، تجاهلها التام للسلطات المصرية برمتها، وعدم التعاون معها على الإطلاق أو حتى إحاطتها مسبقاً بنتائج التحقيقات التي تجريها موسكو.
كذلك كشف إعلان وكالة الأمن القومي الروسية عن مكافأة مالية قيمتها 50 مليون دولار كبيرة لمن يدلي بأية معلومات تؤدي إلى القبض على مرتكبي العملية.
وأصبحت موسكو تتعامل مباشرة مع المصريين وتتواصل معهم لتجميع المعلومات عن الحادث متجاوزة أجهزة الأمن المصرية. ما يظهر عدم الاكتراث بأجهزة الأمن المصرية والتعامل مع الحادث وكأن السلطات المصرية غير موجودة من الأساس.
وفي هذا الإطار، أعلنت قناة "العربية" وصول وفد أمني روسي إلى القاهرة صباح الأربعاء لبحث تأمين السفارة الروسية، ما يعكس انعدام ثقة الجانب الروسي في أجهزة الأمن المصرية المنوط بها تأمين المقرات الدبلوماسية على أرض مصر.
ورطة السيسي
وأكدت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها، أن روسيا ستتحرك ضد "الإرهاب"، "وفقا لحق الدول في الدفاع عن نفسها، استنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".
وأشار مراقبون إلى أن السيسي وقع في ورطة كبيرة، حيث سبق لمصر أن وجهت ضربات جوية لمعاقل الإرهابيين في ليبيا، استنادا إلى هذه المادة التي تكفل للدول حق الدفاع عن النفس، بعد قتل أكثر من عشرين قبطي على يد تنظيم الدولة.
وعلى غير المتوقع، أعلن خبراء عسكريون مصريون ترحيبهم بالتدخل الروسي العسكري في سيناء للمساعدة في القضاء على التنظيمات الإرهابية هناك، ولم يجدوا في ذلك أي انتقاص من سيادة مصر على أرضها.
وقال اللواء "حسن الزيات" لصحيفة "المصريون" أنه من الممكن أن تقصف الطائرات الروسية معاقل الإرهابيين في سيناء بالتنسيق مع مصر، من أجل أن تطفئ نيران الغضب داخل قلوب الشعب الروسي"، على حد قوله.
وقال اللواء محمد رشاد، إن روسيا من حقها التدخل لضبط الإرهابيين في سيناء، موضحا أن ذلك سيتم بالتنسيق مع مصر.
وأكد رشاد أن النظام المصري يحاول استرضاء روسيا، وامتصاص غضب الشعب الروسي بسبب الحادث، حتى تمر الأزمة بسلام"، حسب قوله.