ملفات وتقارير

رواج لحوم الأرانب في سوريا مع ارتفاع أسعار اللحوم الأخرى

لم يكن السوريون معتادين على لحم الأرانب من قبل
لم يكن السوريون معتادين على لحم الأرانب من قبل
خلفت الحرب في سوريا المستمرة منذ سنوات صعوبات كثيرة، بات معها المواطن السوري أمام تحدي ابتكار وسائل جديدة، لتأمين متطلباته المعيشية.

 ففي حين تُعد لحوم الأرانب مكوّنا رئيسيا للموائد في عدد من البلدان العربية ووجبة مستحبة، كان تناولها غير مستساغ للسوريين، وكانوا يفضلون لحوم المواشي والدجاج، لكن بسبب الظروف الصعبة وغلاء المعيشة توجه العديد من المواطنين للبحث عن بدائل ومنها لحوم الأرانب.

 فقد لجأ "عبد الصمد العلي"، من ريف حلب الشمالي، إلى تربية الأرانب في حديقة منزله، واتخذ من تلك الحرفة مصدرا للرزق، إضافة إلى مصدر لتأمين مادة اللحم لعائلته.

 يقول: عبد الصمد لـ"عربي21": "الحرب في سوريا رفعت أسعار المواد الغذائية بشكل عام، لا سيما اللحوم الحمراء، إذ وصل سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم إلى 2200 ليرة سورية، أما مثيله من لحم العجل فيبلغ سعره 1875 ليرة".

وأضاف قائلا: "يشكّل لحم الأرانب بديلا جيدا فهي أرخص أنواع اللحوم الحمراء، ويبلغ سعرها 600 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد".

 وأشار إلى أن لحم الدجاج الذي يصنف ضمن اللحوم البيضاء ينافس لحم الأرانب من حيث السعر والاستهلاك، حيث يبلغ سعر الكيلو غرام منه 300 ليرة سورية.

ويقول عبد الصمد العلي: "توجهت إلى تربية الأرانب في حديقة المنزل التي كانت مزروعة أساسا ببعض الأشجار المثمرة والخضروات، لكنها يبست بسبب الجفاف وقلّة المياه التي تنقطع أحيانا لأسابيع، وبالتالي حولتها إلى مكان لتربية الأرانب".

وتابع قائلا: "نصحني أحد الأصدقاء بالفكرة، فاشتريت خمسة أرانب في البداية، لكنّها تكاثرت بسرعة، وازداد عددها ليصل إلى 150 أرنبا في أقلّ من عام، ما جعلني أفكر بالتحول إلى استثمار تربيتها للتجارة".

وتعاقد عبد الصمد "مع أحد المطاعم لتوريد لحم الأرانب إليه بشكل دوري"، موضحا أنه "صحيح أن تربية الأرانب لا تفي بكل احتياجاتنا المعيشية، لكنّها أتاحت لي دخلا إضافيا من خلال بيع بعضها في السوق، إذ تصل الأرانب إلى وزن التسويق (1.5 – 2 كلغ) في عمر صغير (10 – 12 أسبوعا)".

أما عن الصعوبات التي تواجه مربي الأرانب فلخصها عبد الصمد "بتوفير الحماية للأرانب ضد أعدائها الطبيعيين كالقطط، والكلاب، والجرذان التي تلتهم صغار الأرانب، وحمايتها من مياه الأمطار والتيارات الهوائية الباردة في فصل الشتاء وأشعة الشمس المباشرة في فصل الصيف".

من جهته، يقول الطبيب البيطري عبد الرحمن السيد، لـ"عربي21": "الأرنب يصل إلى سن البلوغ في عمر ثلاثة أو أربعة أشهر، ويمكن لأنثى الأرنب أن تلد مرات عدّة من 30 إلى 40 خرنقا (صغير الأرنب) في العام، مقابل مرة واحدة للماشية والأغنام في السنة".

وأضاف الطبيب: "يمكن لأنثى الأرنب أن تنتج من 20 إلى 25 ضعف وزنها من اللحم في العام، من خلال الولادة، كما تنتج الأرنب المغذاة على مساحة من البرسيم (نبات عشبي يزرع ويحتوي كمية من البروتين) خمسة أضعاف ما تنتجه الأغنام من المساحة نفسها، والأرانب تتناول كلّ شيء، من العلف والحبوب وبقايا الخضراوات والحشائش وجذور الأشجار".

من جانبه، قال طاهر صطوف، وهو صاحب أحد المطاعم في تل رفعت، لـ"عربي21"، إن "تقديم المأكولات التي تحتوي على لحوم الأرانب شيء جديد بالنسبة إلينا في تل رفعت وفي سوريا عموما.

وأضاف: "غالبية أصناف الأطعمة المعتادة كانت تحتوي إما على لحوم الأغنام أو الدجاج، لكنها (الأرانب) لاقت إقبالا من قبل بعض الزبائن، فهناك من يرتاد المطعم خصيصا لتناول لحم الأرانب المشوي، إذ تمتاز بسهولة الهضم، وتحتوي على القليل من الكولسترول، وعلى نسبة عالية من البروتين، ومذاقها طيب ومميز، بينما هناك زبائن آخرون لم يستسيغوا هذا النوع من اللحوم، وفضلوا البقاء على الأصناف المعتادة التي نقدمها أيضا".

أما رانيا رشو، وهي ربّة منزل، فقالت لـ"عربي21"؛ إنّها تطبخ "أطباق الكبة والمحاشي الآن بإضافة لحم الأرنب، وأطهو الملوخية بلحم الأرانب كما يتناولها أخوتنا المصريون، وقد استلذّها أفراد عائلتي".

ومن تجربتها، توضح رانيا أن "لحم الأرانب قليل الدهون؛ لذا فهو جيد للأطباق المشوية مثل الكباب الحلبي، أما بقية الأطباق فأضيف إليها دهن الأغنام أو بعضا من السمن".
التعليقات (0)