نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا للكاتب ليو سيندروتش، يقول فيه إن الكثير من البلجيكيين عبروا عن دهشتهم لنجاح متشددين في عبور الحدود مع بلادهم إلى فرنسا، حيث قاموا بتنفيذ سلسلة من العمليات الانتحارية في مناطق متعددة داخل
باريس.
ويشير التقرير إلى أنه عندما قامت الشرطة البلجيكية مسلحة بالكلاب والأسلحة الأتوماتيكية بالهجوم على حي "
مولينبيك" في شرق العاصمة بروكسل، بعد أقل من 24 ساعة من الهجمات، واعتقال أشخاص في الحي، لم يثر هذا التحرك دهشتهم، خاصة أن المنطقة تعد من أحياء العاصمة الفقيرة، التي خرج منها الكثير من المتشددين، الذين ارتبطوا بعمليات إرهابية في الفترة الماضية.
وتورد الصحيفة أن أنس (13 عاما) ظن أنه يشاهد فيلما عندما شاهد قوات الشرطة والتعزيزات في الحي. وقال: "لقد حركوا زناد أسلحتهم الأوتوماتيكية ومن ثم حاصروا رجلا وأخذوه، كان الأمر مثل فيلم". وكان أنس لا يزال يدور حول محطة القطار التي اعتقلت الشرطة من أمامها الرجل. وهو عادة ما يدور في المنطقة مع صديقين له، كلاهما اسمه محمد، وكلهم أعضاء في عصابة شوارع مكونة من 25 ولدا. ويقول أنس: "لا يحدث شيء كثير هنا، مع أن الشرطة تلاحقنا أحيانا، وتعتقد أننا إسلاميون".
ويعلق الكاتب بأن الحي، ولأسباب صحيحة، ارتبط في السنوات الماضية بكل الحالات المتعلقة بالإرهاب في
بلجيكا. مشيرا إلى أن أيوب الخزاني، وهو مغربي فتح النار على قطار سريع في ثاليز في شهر آب/ أغسطس هذا العام، عاش في "مولينبيك". كما قضى مهدي نموش، الذي هاجم متحفا يهوديا العام الماضي، وقتل أربعة يهود، فترة في الحي. وقتلت الشرطة مشتبها بهما بالإرهاب في شهر كانون الثاني /يناير هذا العام في بلدة فيرفيرز، وكانا من الحي ذاته.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "مولينبيك"، وهو الحي الذي تعيش فيه أقلية مغربية وتركية، يعد من أفقر الأحياء في العاصمة البلجيكية. وتصل نسبة البطالة عن العمل فيه إلى 30%، وواحد من كل أربعة يعيش في الحي لا يحمل جواز سفر بليجكيا. ويبلغ تعداد سكانه 95 ألف نسمة.
وتذكر الصحيفة أن ثقافة العصابات، وانتشار التشدد الإسلامي في الحي، قادا إلى تهميشه، وهو ما خلق اليأس، وأنتج حالة حنق على السلطات. وتقول الشرطة البلجيكية إن أخطر العصابات التي تعمل في بلجيكا، وعددها 30 عصابة، جاء معظمها من "مولينبيك".
وينقل سيندروتش عن برايس دي روفير، الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء غاي فيروستاد، قوله إن الحي يعاني من مجموعة من المشكلات "فالشباب فيه لم يتلقوا تعليما جيدا، وينجذيون للجرائم، وتلاحقهم الشرطة، وهناك دائرة قاتلة تقود إلى التجنيد في صفوف الراديكاليين". مضيفا أن المشكلة صارت خطيرة إلى الدرجة التي لم تعد فيها الشرطة مهتمة بحلها. ويقول: "رسميا لا توجد هناك مناطق مغلقة في بروكسل، وفي الواقع هناك مولينبيك".
ويفيد التقرير بأن مشكلات المنطقة قد نشأت بسبب تراجع الصناعة. فقد كانت المركز الذي تصل إليه القوارب، بعد بناء قناة بروكسل تشارليو، قبل قرنين من الزمان، وحملت اسم "مانشستر الصغيرة"، ولكنها أصبحت دون صناعة الآن.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن صاحب محل في الحي يدعى نور الدين يعترف بأن الحي سمعته سيئة، ويقول: "نعم، يبدو أننا نجلب المشكلات، ولكن لا تفهمني خطأ، فهذا مكان سعيد، وإن وجد تطرف هنا فأنا لم أره".