"منذ تعرض
مصر لموجة من الأعمال الإرهابية الدنيئة، عقب فض التجمع الإرهابي في رابعة يوم 14 آب/ أغسطس 2013، والقاهرة تحذر من هذا الإرهاب، وأن مصر تدفع من دماء الأبرياء والممتلكات الخاصة والعامة ثمن تقاعس العالم عن التوحد لمواجهته".
هكذا جاءت افتتاحية صحيفة "الأهرام"، بالصفحة الأولى، الأحد، تحت عنوان "التحذيرات المصرية.. والإرهاب الأسود"، مسمية الاعتصام السلمي في ميدان رابعة العدوية "تجمعا إرهابيا"، ومشيرة إلى"موجة من الأعمال الإرهابية الدنيئة تعرضت لها مصر بعد فض هذا التجمع الإرهابي"، كأن البلاد لم تشهد سلسلة من المذابح الدموية التي ارتكبها نظام الانقلاب برئاسة عبدالفتاح
السيسي.
افتتاحية "الأهرام" جاءت تعليقا على سلسلة الهجمات التي استهدفت، أول أمس، مواقع عدة بالعاصمة الفرنسية باريس، لكنها أظهرت شماتة واضحة في
فرنسا، إذ قالت إن الإرهاب الأسود وجه ضربات غادرة إلى قلب أوروبا، ليثبت ـ مجددا ـ أن أصابعه ستطال كل مكان في العالم، ولن ينجو منه أحد طالما تقاعس البعض عن المساهمة في مكافحته، أو حاول البعض الآخر استغلاله في تنفيذ حسابات سياسية معينة، ظنا منه أن السحر لن ينقلب على الساحر.
هكذا حاولت "الأهرام"، وبقية الصحف المصرية، الصادرة الأحد 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، توظيف هجمات فرنسا لتبرير مذابح السيسي، مظهرة إياه في صورة "الناصح الأمين"، الذي كثيرا ما "كرر تحذيراته من تمدد الإرهاب الأسود إلى الدول الغربية، وأن نيران الإرهاب ستلحق بثياب الجميع، ولن ينجو منها أحد، طالما أنه ما زال البعض يتساهل مع المجموعات الإرهابية بأشكال مختلفة، ويحاول استغلالها سياسيا لضرب استقرار المنطقة العربية"، وفق "الأهرام".
ولم تنس الصحيفة التذكير - بالطبع - بـ"إطاحة الشعب المصري، عقب ثورة 30 يونيو، بالجماعة الإرهابية، التي حاولت التحكم في مقدراته".
ياسر رزق: السيسي حذركم
قريب من هذا.. جاء المقال الافتتاحي لصحيفة "الأخبار"، الذي كتبه رئيس مجلسي إدارتها وتحريرها، ياسر رزق، بالجريدة، تحت عنوان "العائدون من داعش.. والحرب العالمية الثالثة".
فقد روج فيه للسيسي بالقول: "أذكر القادة في دول الغرب، ليس فقط بما حذر منه رئيس مصر عبدالفتاح السيسي في جلسات المباحثات التي جرت بينه وبينهم في عواصمهم أو في القاهرة، وانما بتصريحاته العلنية في دولهم، وفي خطبه العامة، عن الخطر الذي سينتقل من الشرق الأوسط إلى أوروبا، وعبر الأطلنطي، عندما يحين وقت عودة المقاتلين الأجانب في صفوف داعش إلى أوطانهم"، وفق قوله.
هولاند على خطى السيسي: "توحدوا.. تحيا فرنسا"
في إطار التوظيف السيساسي لتفجيرات فرنسا لصالح نظام السيسي جاء العنوان السابق بصحيفة "الوطن" التي قالت في دعاية فجة لنظام السيسي: "بالكلمات نفسها، وتكاد تكون حرفا حرفا، وبالرسائل نفسها، ودرجة الود في مخاطبة شعبه، والوعيد في مخاطبة الأعداء، جاء خطاب الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، بعد الحادث الأليم الذي شهدته العاصمة باريس، مساء أمس الأول، مطابقا لخطابات الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي ألقاها في حوادث وأزمات سابقة".
هكذا حاولت الصحف المصرية توظيف تفجيرات فرنسا في اتجاه إعادة تأهيل نظام السيسي، الذي كان يترنح قبل الهجمات على إثر أزمات عدة أبرزها سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، لتمنحه تلك التفجيرات، فيما يبدو، قبلة حياة، يتنفس منها، ويعيش عليها، إلى حين، وفق مراقبين.
ومن هنا حرصت تلك الصحف على الربط الواضح بين التفجيرات، وما تتعرض له مصر من حوادث عنف، وآخرها سقوط الطائرة الروسية.
وحرصت على إظهار الإجراءات الفرنسية الاستثنائية كإعلان الطوارئ، وإغلاق الحدود، والاستعانة بقوات من الجيش، ومنع التظاهر، كأنها تقول للمصريين: "احمدوا ربنا على ما أنتم فيه".
وأبرزت - كذلك - تواصل السيسي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وقوله له: "لن نستسلم للأفكار المتطرفة"، وأشارت إلى تحذيرات السيسي الدائمة لأوروبا من هجمات إرهابية عليها.
وتصدرت الصحف صور جثث ضحايا الهجمات خارج مطعم بباريس (الأخبار)، وجندي يحرس برج إيفل (الأهرام)، وفرنسية تضع إكليلا من الزهور في أحد مواقع التفجيرات (المصري اليوم)، و"هلع وفزع بين جماهير فرنسا وألمانيا في باريس" (الشروق)، وقوات الدفاع المدني الفرنسية أثناء نقل أحد ضحايا الحوادث الإرهابية (الوطن)، وأحد المصابين، ورجال الإنقاذ وطواريء الإسعاف تنقل المصابين (اليوم السابع).
فرنسا تواجه الإرهاب بإجراءات استثنائية
اهتمت "الأهرام" - في مانشيتها - بالإجراءات الاستثنائية الفرنسية، فأشارت إلى أن فرنسا اتخذت سلسلة من الإجراءات الاستثنائية لحماية أراضيها ومواطنيها، بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي استهدفت عدة مواقع في العاصمة باريس مساء أمس الأول، ومن بينها: إعلان حالة الطوارئ، وإغلاق الحدود، ونشر قوات الجيش في باريس، ومنع المظاهرات بأشكالها، وإعلان الحداد ثلاثة أيام، وتنكيس الأعلام.
وأوضحت الصحيفة أن وسائل الإعلام بثت تنبيهات لسكان باريس لكي يلزموا بيوتهم، ويخلوا الشوارع، وأنه تقرر إغلاق برج إيفل الشهير لأجل غير مسمى، فضلا عن مترو أنفاق باريس، وصدرت أوامر بأن تظل المدارس والجامعات والمباني المحلية مغلقة طوال يوم أمس.
وأشارت "الأهرام" إلى إدانة مصر - في بيان لرئاسة الجمهورية - بأشد العبارات، هجمات باريس الإرهابية، مضيفة أن السيسي كلف السفير المصري في باريس، بنقل خالص التعازي والمواساة، والتأكيد على تضامن مصر مع فرنسا، ومساندتها للجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب في أنحاء العالم، دون تفريق.
وأكد السيسي، في اتصال هاتفي أجراه مع هولاند، أن العمليات الإرهابية لن تثنى الدول والشعوب عن عزمها لمكافحة الإرهاب والتطرف، وقال: "لن يتم الاستسلام أو الرضوخ لمثل هذه الأفكار الهدامة والأيديولوجيات المتطرفة".
والأمر هكذا، قالت "الأهرام" في المانشيت: فرنسا تواجه الإرهاب بإجراءات استثنائية.. إغلاق الحدود و"إيفل" ومنع التظاهر.. والسيسي لأولاند: لن نستسلم للأفكار المتطرفة".
فرنسا تتألم.. ومصر تتضامن
في السياق نفسه، ربطت "الأخبار" بين أوضاع مصر وفرنسا، فقالت: فرنسا تتألم.. ومصر تتضامن.. السيسي لأولاند: لا رضوخ ولا استسلام.. والرئيس الفرنسي: سنعمل معا لدحر الإرهاب.. 128 قتيلا و300 جريح ضحايا هجمات باريس.. وداعش تعلن مسؤوليتها.
"داعش" يدمي قلب باريس
وهكذا جاء مانشيت "المصري اليوم"، مشيرا إلى أن العالم أصيب بحالة من الصدمة والرعب، وخرجت حملة تنديد دولية واسعة وتضامن مع فرنسا من مصر عبر مؤسسة الرئاسة والخارجية والأزهر ودار الإفتاء، إلى واشنطن وعشرات القادة العرب والأجانب، فيما أعلن العديد من دول العالم الاستنفار الأمني، وسط حالة من الذهول والصدمة في أعقاب هجمات باريس.
وأضافت "المصري اليوم" أنه "في الوقت الذي فتحت فيه السلطات الفرنسية تحقيقا في "جرائم قتل على علاقة بمنظمة إرهابية"، تم إغلاق برج إيفل والمدارس والجامعات والمتاحف والمكتبات والمباني المحلية، فضلا عن تعبئة كل أجهزة الطوارئ واستدعاء 1500 فرد من تعزيزات الجيش إلى العاصمة".
العرب في مصيدة 13 نوفمبر
من جهتها، صوبت صحيفة "الوطن" سهام الاتهام في ارتكاب التفجيرات إلى العرب.
فقالت إن الفزع في فرنسا، امتد من عاصمة النور باريس، إلى باقي دول العالم، والترقب في العواصم كافة، لمتابعة تداعيات الهجمات الإرهابية الدامية التي راح ضحيتها مئات الضحايا (عشرات وليس مئات) أمس الأول، وعادت معه الدول العربية في مرمى الاتهامات بالتطرف والإرهاب مثلما كان الحال عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة.
ومن هنا جاء مانشيت "الوطن" كالتالي: "العرب في مصيدة 13 نوفمبر.. العثور على جواز سفر سوري بجوار جثث منفذي مذبحة فرنسا.. وعواصم العالم ترفع حالة التأهب القصوى".
الإرهاب يعزل فرنسا عن العالم
وبهذا المانشيت خرجت صحيفة "الشروق" مشيرة إلى "إعلان الطوارئ وإغلاق الحدود وتعطيل شينغن".. وارتفاع الضحايا إلى 154 قتيلا في هجمات باريس.. وأولاند: تورط خارجي ومساعدة داخلية للإرهابيين.
مخطط مخابراتي وراء تفجيرات باريس
أخيرا، ذهبت "اليوم السابع" إلى أن كل المؤشـرات والمتابعـات المدققة في أحداث العنـف الأخيرة التي شـهدتها دول مختلفة، وأصبحت تهدد كل دول العالم، تؤكد أن هناك أيادي مخابراتية عدة وراءهـا، لطبيعة تنفيذها مـن ناحية، ومن ناحية أخرى لتزامنها مع خلافات المصالح بين الدول الكبرى.
وأضافت "اليوم السابع": "الحقيقة التي أصبحت مؤكدة أن التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتهـا "داعـش" أصبحـت أدوات طيعة في أيـادي المخابرات المختلفة، وربما يفسـر ذلك ما حدث في عاصمة النور مرة أخرى بعد أقل من عشـرة أشهر مرت على هجمات مجلة "تشـارلى إبـدو"، ولكن هذه المرة بقوة أكبر دفعـت البعض لوصف العمليات بأنها مشـابهة لأحداث 11 سبتمبر، فيما وصفه الرئيس الفرنسـي فرانسـوا هولاند بأنه حادث إرهابي غير مسبوق"، وفق الصحيفة.