ألقت قوات الأمن
المصرية صباح الأحد، القبض على رجل الأعمال الشهير صلاح دياب مؤسس صحيفة "
المصري اليوم"، ونجله لاتهامهما بالفساد المالي.
ومثلت هذه الخطوة نقلة نوعية في العلاقة بين نظام عبد الفتاح
السيسي قائد الانقلاب ورجال الأعمال الذين ساندوه في الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، بحسب مراقبين.
وفور إلقاء القبض على دياب ونجله، تم عرضهما على النيابة العامة التي تولت التحقيق معهما في عدد من الوقائع الخاصة بإهدار المال العام في قضية فساد وزارة الزراعة.
وكانت نيابة الأموال العامة العليا قد أمرت يوم السبت باستعجال تقارير لجنة الفحص التي سبق وأن شكلتها من خبراء اقتصاديين وقانونيين لفحص المستندات المتعلقة بتخصيص مساحات من الأراضي في عام 2007، لدياب ورجال أعمال آخرين (أبرزهم محمود الجمال والد زوجة جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك وزوجته، ومحافظ الجيزة الأسبق يحيى سعد، ومدحت نجل شيخ الأزهر الأسبق جاد الحق علي جاد الحق)، صادر بحقهم قرار بالتحفظ على أموالهم لاتهامهم بالكسب غير المشروع والإخلال بعقود مشروع سكني بمدينة 6 أكتوبر.
منع المتهمين من السفر
وفي تطور جديد للقضية، أصدر النائب العام قرارا بمنع المتورطين في قضية الفساد بوزارة الزراعة من السفر خارج البلاد، وإلقاء القبض عليهم بمن فيهم صلاح دياب وزوجته ونجله ومحمود الجمال، لحين انتهاء التحقيقات في القضية.
وشكلت النيابة لجانا فنية لتقييم قيمة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية وتقدير حجم الضرر الذي لحق بالمال العام نتيجة هذا التخصيص، حيث أشارت التحقيقات إلى أن دياب والجمال وشركاءهما حصلوا على الفدان بسعر 300 جنيه وقت التعاقد معهم بينما كان سعره الحقيقي 7 آلاف جنيه.
وكشفت تحقيقات النيابة عن حصول صلاح دياب و16 رجل أعمال آخرين شركاء في شركتي "صن ست" و"نيو جيزة" على مساحات شاسعة من الأراضي المملوكة للدولة بطريق الإسكندرية الصحراوى بأسعار بخسة لا تتناسب مع سعرها الحقيقي، بغرض استصلاحها، لكنهم لم يقوموا بزراعتها وحولوها إلى منتجعات سياحية تم بيعها بمليارات الجنيهات، بالتواطؤ مع هيئة التعمير التابعة لوزارة الزراعة، وهو ما مثل إضرارا بالمال العام.
ووفقا لهذه الاتهامات، فقد أصدر النائب العام المستشار نبيل صادق قرارا يوم الجمعة الماضي، بالتحفظ على أموال عدد من رجال الأعمال.
وأكدت نيابة الأموال العامة أن التحفظ على أموال المتهمين هو إجراء احترازي للحفاظ على حقوق الدولة، مشيرة إلى أنهم يحق لهم التظلم ضد هذا القرار أمام محكمة الجنايات في جلسة ستعقد لهذا الغرض يوم الثلاثاء المقبل لنظر إصدار حكم بقبول التحفظ أو رفضه.
وأعلن فريد الديب محامي الرئيس المخلوع حسني مبارك، أنه سيترافع عن دياب أمام محكمة الجنايات في تلك الجلسة.
صدام بين السيسي ورجال الأعمال
ويقول مراقبون إن العلاقة تزداد توترا بين السيسي ورجال الأعمال يوما بعد يوم بسبب إحجامهم عن مساعدة قائد الانقلاب بالقدر الذي يرغب فيه لإنقاذ الاقتصاد من حالة التدهور التي شهدها منذ شهور طويلة.
وأبدى السيسي في أكثر من مناسبة ضيقه من النقد الذي توجهه له وسائل الإعلام المملوكة لرجال الأعمال، بمن فيهم دياب.
ورجل الأعمال صلاح دياب هو أحد أبرز رجال الأعمال الذين بزغ نجمهم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو مؤسس صحيفة "المصري اليوم" بالتعاون مع عدد من رجال الأعمال، كما أنه يمتلك مجموعة شركات تعمل في مجال الاستثمارات العقارية والسياحية.
وبدأت التحقيقات في القضية عام 2013، بعد عامين من البلاغات التي تقدم بها مواطنون في 2011، وأحيلت لقاض مندوب للتحقيق فيها، واستمرت التحقيقات لمدة 4 سنوات، تم خلالها فحص قرارات التخصيص والمستندات المتعلقة بالقضية.
ويقول معارضون للنظام إن هذه القضية تمثل امتدادا لسلوك الأنظمة التي حكمت مصر خلال العقود السابقة، حيث إنه يتم تعطيل التحقيقات في قضايا فساد متهم فيها مسؤولون أو رجال أعمال لاستخدامها لاحقا عند الحاجة إليها في الضغط عليهم أو ابتزازهم.
وفي أول تعليق على هذه القضية، حذر اتحاد الصناعات المصري، من الآثار السلبية التي ستترتب على قرار التحفظ على أموال رجال الأعمال والقبض عليهم بهذه الطريقة.
وأكد محمد البهي، المدير التنفيذي للاتحاد، في تصريحات صحفية، إن هذه الخطوة ستكون لها تبعات سيئة على الاقتصاد الوطني وستهدد مساعي الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أن أي مستثمر أجنبي سيشعر بالقلق على نفسه وثروته إذا أقدم على الاستثمار في مصر في ظل هذه الأجواء.