ما تزال أصداء دعوات تكوين
حزب سياسي في البرلمان المقبل لمساندة رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي تتردد في أوساط الشارع السياسي، على الرغم من تزايد الرفض لها في الجهة المعارضة.
واعتبر بعض السياسيين والمحللين، في تصريحات لـ"
عربي21"، أن تشكيل حزب سياسي لمؤازرة السيسي في قراراته وخططه ستكون بمثابة ردة إلى الخلف وعودة إلى عصور "مبارك" و"السادات" وأسوأ.
لا لعودة الحزب الواحد
وقال عضو المجلس الرئاسي للتيار الديمقراطي، ومنسق حركة "كفاية" السابق، جورج إسحاق، إن هذه الفكرة انتهت منذ زمن بعيد، وأضاف لـ"
عربي21" "أنه لا عودة لنظام الحزب الواحد، والرجل الواحد البتة".
وشدد على أن "السلطة التنفيذية يجب أن تكون بمنأى عن أي عمل سياسي، فنحن بصدد تعددية حزبية برلمانية، من شأنها إثراء الحياة السياسية في
مصر، ومداولة السلطة".
ولفت إلى أن "دستور 2014 نص على أن الحياة السياسية لا تقوم إلا على الأحزاب السياسية، والفكرة تخالف هذا النص"، ورأى أن الداعين لتلك الفكرة "لن يجنوا من ورائها ما يصبون إليه".
حزب للأفاقين وليس المؤيدين
وعارض أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، حسن نافعة، الفكرة جملة وتفصيلا، قائلا: "لا أوافق على قيام رئيس الدولة وهو في السلطة بتشكيل حزب سياسي؛ لأنه سيؤدي إلى انخراط كل الأفاقين، والمطبلين فيه"، مضيفا "وبالتالي لن يتمكن الرئيس من التفريق بين الصالح، والطالح، والطامح".
وأكد لـ"
عربي21" أن "الحزب لن يكون سندا للرئيس، بل سيكون عبئا عليه، ويكون تكرارا لتجربة الرئيس "أنور السادات" الفاشلة"، محذرا في الوقت نفسه، من العودة إلى المربع صفر.
ورأى أن تكرار تلك الفكرة "ستكون محاولة لإعادة ضبط البرلمان بالطريقة نفسها التي كان يديرها "مبارك"، وهي الطريقة التي أنهت عملية التحول الديمقراطي وقضت عليه".
وأشار "نافعة" إلى أن مصر "شهدت ثورتين كان في مقدمة أهدافهما فتح الباب أما تحول ديمقراطي حقيقي؛ وبالتالي ستفشل هذه التجربة".
واقع نعيشه لا فكرة مطروحة
بدوره قال الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية، عمار علي حسن، إن الطرح ليس بالجديد، وأضاف لـ"
عربي21" "الفكرة مطبقة على أرض الواقع منذ 30 حزيران / يونيو".
وتابع "إلا أن البعض يغالي في هذا الطرح، إذ يطالب بتعديل الدستور، من أجل السماح للرئيس بتشكيل حزب"، وأن "البعض يبالغ في نفاقه للرئيس بأنه يسعى لتشكيل ظهير له من الباطن، أي بشكل صوري".
وبين أن "الدستور لا يتيح لرئيس الجمهورية أن يشكل حزبا، أو يترأس حزبا موجودا بالفعل؛ ومن ثم فهذا طريق مسدود بمقتضى الدستور".
واستدرك قائلا "لكن أن تعلن بعض الأحزاب الموجودة، أو بعض المستقلين، أو القوى السياسية مساندتها للرئيس، دون أن تلزمه بأن يرأسها فهو واقع نعيشه"، مشيرا إلى أن "الكثير من الأحزاب السياسية والفعاليات المصاحبة لها تعبر عن هذا الاتجاه بوضوح".
البرلمان كله ظهير للسيسي
أما المتحدث باسم حزب مصر القوية، أحمد إمام، فرأى أن البرلمان "لا قيمة له بالأساس"، وقال لـ"
عربي21" إنه "لا يمثل أطياف الشعب المختلفة، ولا يعبر إلا عن مصالح نوابه فقط".
ووصف البرلمان المقبل "ببرلمان الدولة"، قائلا "هذا برلمان صنع على أعين أمن الدولة، وأجهزة الدولة السيادية، بمرشحيه وبقوانينه، والظروف المصاحبة لإجراء العملية الانتخابية".
واعتبر أن "السيسي غير محتاج لهذا الظهير المزعوم؛ فالمجلس كله عبارة عن ظهير، ويحظى الرجل بتأييد كل من جاء فيه بدرجات متفاوته، ولا يستثنى أحد من هذا في البرلمان المزعوم".
الأسوأ في تاريخ البرلمانات
وتوقع "إمام" أن يكون البرلمان المقبل الأسوأ في تاريخ مصر البرلماني، مؤكدا أنه "سيكون أسوأ من برلمان "مبارك" نفسه، فحتى برلمان 2010 كان يضم تحت قبته سياسيين ونخب حزبية، أما هذا البرلمان فهو لفيف من المنتفعين من رجال الشرطة والجيش والصحفيين والإعلاميين، ورجال الأعمال، وذوي العصبية والقبلية".
واتفق محللون ومتابعون على أن البرلمان القادم ستغيب عنه السياسة، والتشريع، والرقابة، وسيكون مسرحا للتراشق بين المزايدين، والمطبلين، والتحلق حول المصالح الشخصية والحزبية.
مشيرين إلى عودة مشهد "توقيعات الوزراء" لتمرير موافقات، وإجازات لأصحاب تلك التأشيرات بدوافع خدمة أهل الدائرة، وهي محسوبية وواسطة مقننة، عرفتها الأوساط البرلمانية في عصر "مبارك" الزائل.